أبعد من طلال “حاف” المير لن يعود!

 مهما كانت هوية الوسيط ومستواه وموقعه ومضمون الوساطة التي تهدف إلى إعادة المير طلال إرسلان إلى حكومة "كلنا للوطن"، فالرجل لن يعود عن قراره بالاستقالة من الحكومة، وإن افتقدته الصورة التذكارية للحكومة الجديدة، ستفتقده أيضا قاعات مجلس الوزراء طوال عهد الحكومة الميقاتية.

بهذه العبارات القليلة اختصرت أوساط المير طلال الأجواء التي رافقت إعلان استقالته وخروجه من الحكومة الجديدة، بعدما أكّد، قبل ولادتها القيصرية، أنّه يريد حقيبة أساسية، ولن يكون فيها إذا لم يتم التجاوب مع مطلبه.

وقال أحد أقرب المقرّبين إليه إنّ المير أبلغ إلى الجميع هذا الموقف. ولم يكن مستغربا لديه سوى استغراب بعضهم استقالته الفورية من الحكومة وقراره بحجب الثقة عنها وخروجه من صفوف 8 آذار من دون الخروج على الثوابت الوطنية التي أرساها في حزبه منذ نشأته. وقال: قلنا لهم بوضوح إنّ حصّتنا "ليست عند رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون، وسنبقى في تكتّله حاضرين". ولا "عند رئيس جبهة النضال الوطني وليد جنبلاط، فله حصّته وله موقعه ولا ننازعه، بل هو صديق وحليف. بل إن حصّتنا عند "نجيب ميقاتي" بالذات. لذلك، فهو يتحمّل كامل المسؤولية إلى ما آلت إليه الأمور، ولا نحمّل أحدا غيره المسؤولية.

وحول الحديث عن وساطة يقوم بها الرئيس برّي، يؤكّد المقرّبون من المير أنّ الرئيس بري أجرى اتصالا حمّله فيه تمنياته بإعادة النظر في الموقف من دون الدخول في التفاصيل، "فلا شيء محددا طرح" حتى الأمس القريب، وإنّ بعضا من الأصدقاء المشتركين دخلوا على الخط سعيا وراء لملمة القضيّة، لكنّ المير كان واضحا: الإستقالة نهائية ولا تعبّر عن رد فعل فوري، إنّما كانت بناء على قرار واضح له حيثياته وأسبابه.

وحول ما طرح من أفكار للخروج من مأزق الاستقالة، وتأكيد الرئيس نجيب ميقاتي أنه لم يتسلم أي استقالة خطية تثبت القرار وتجعله نهائيا، قال المقرّبون من المير: إن الاستقالة نهائية، وإذا طُلبت خطية لن يكون هناك مشكلة. وعن هوية البديل، قال إنّ المطروح أن يسمّي المير من يخلفه.

الأسباب الموجبة للاستقالة

في جانب من قضية استقالة المير من الحكومة والخروج من قوى 8 آذار كهيكلية إدارية وتنظيمية، كثير من الأسباب الموجبة والوجيهة التي أكّدها أمام رفاقه والمقرّبين منه، فهو عاتب كثيرا على الحلفاء، وعلى رغم ذلك قال: "لن أترك موقعي إلى جانب المقاومة وحزب الله"، ولا تعديل على الإطلاق "في علاقاتنا الوثيقة ووقوفنا الدائم إلى جانب سوريا – الأسد إطلاقا"، وإنّ من يوحي بهذه الأجواء السلبية، وبأنّ الاستقالة كانت موجّهة إليه بدلا من ميقاتي أو غيره، هو كلام في غير محلّه، لا بل مرفوض على رغم ما قيل عن موقف للرئيس الأسد أكّد فيه أنه "لا يرى حكومة لا يتعزز فيها وضع المير طلال". وهؤلاء جميعا لا يعرفون أنّ علاقتنا بالأسد "زواج ماروني".

"طلال" حاف فـ"نجيب" حاف

ويضيف المقرّبون في إطار سرد الوقائع بتطورها السياسي والدرزي الوطني وبتسلسل للأمور على نحو لا يسمح بأن نكون قد وصلنا إلى ما وصلنا إليه بالأمس القريب، وتزامنا لا ينسى المقرّبون الإشارة إلى بعض الأخطاء التي ارتكبها الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي، استدعت من المير أن يقول ما قاله قبل إعلان التشكيلة الحكومية وما بعدها.

فالمير فقد صوابه ومعه كل الحاضرين عندما استمع بإمعان إلى "نجيب ميقاتي" يتحدّث بعد لقاء الأقطاب الثمانية للأكثرية الجديدة وقوى 8 آذار في مكتب الرئيس نبيه بري، بعدما طيّرت المعارضة الجديدة جلسة المجلس النيابي في الأول من حزيران الجاري بالنصاب القانوني، وهو يقول: سعدنا بالاجتماع الذي عقد في مكتب دولة الرئيس نبيه بري، بحضور دولة الرئيس العماد ميشال عون … ووليد بك جنبلاط… وسكت ميقاتي برهة وكأنه يستذكر أحدا ما كان أيضا في الاجتماع، ليقول وطلال إرسلان "حاف من دون المير". لذلك، تفسير آخر لدى المير، فهو "لم يهضم" ما سمعه ورآه، فعقد مؤتمرا صحافيا في اليوم التالي، استغلّه ليخاطب الإعلاميين ويقول بقصد غير مرة "نجيب ميقاتي" فقط و"حاف من دون دولة الرئيس". في كل ما تقدّم، ما يبرّر موقف المير الأخير ممّا حصل، وهو لم ولن يعود عن استقالته من الحكومة، وسيكون خلفه ليكمل عدد الحكومة الميقاتية إلى ثلاثين لمن يختاره المير، وقد يكون شقيق زوجته مروان خير الدين إذا انتهت المفاوضات الجارية إلى ترطيب الأجواء. وما هو محسوم فقط لدى المير أنه لن يعود حتى لو أعيد النظر في الحقائب، فليس لائقا أن يأخذ حقيبة لغيره، وهو أمر يدرك انه مستحيل، فمن هو الذي سيبدي استعدادا لاستبدال حقيبته في مثل الظروف التي نعيشها اليوم؟ لذلك، سيبقى لدى المير الكثير من الكلام الذي سيقال في مناسبات لاحقة، وما هو نهائي أنّ الجرة انكسرت بين ميقاتي والمير، وما من وسيلة لترميمها على ما يبدو! 

السابق
سليمان حدد خطوط مسودة البيان الوزاري قبل التئام لجنة صياغته غداً
التالي
اللواء: حكومة ميقاتي تحت المجهر الدولي··· والدعم الخليجي يتراجع