العنف الأسريّ في جلسته الثالثة: أين الرجل؟

إنّه لأمرٌ عاديّ أن يقرر «التحالف الوطني لتشريع حماية النساء من العنف الأسري» الاعتصام على مقربة من المجلس النيابي، وتحديداً أمام تمثال رياض الصلح، للضغط على اللجنة الفرعية التي عقدت أمس اجتماعها الثالث أمس لاستكمال دراسة مشروع قانون «حماية النساء من العنف الأسري». لكن اللافت كان حديث المعتصمين عن مطالبة معارضي القانون (الإسلاميين) هم أيضاً بالمساواة بين المرأة والرجل، فالرجل يعنَّف أيضاً. أمرٌ دفع مايا عمار، الناشطة في جمعية «كفى عنف واستغلال»، إلى التساؤل: «لماذا أرادوا المساواة بين الرجل والمرأة الآن»، علماً أن الدراسات المعنية بالعنف الممارَس داخل الأسرة تشير إلى أن النساء يعنَّفن بنسبة تفوق نسبة الرجال (95% في مقابل 5%).
بند المساواة هذا طرحته جمعيات اسلامية في الشمال أعلنت رفضها للقانون، بحسب المعتصمين. واجتمعت هذه المعارضة مع اللجنة في وقت سابق طارحة هواجس أخرى، كالخوف من التفكك الأسري، وانتهاك خصوصية الأسرة وجعلها عرضة للانكشاف والاستغلال، وتشجيع إنشاء علاقات غير شرعية مثل المساكنة أو المصاحبة، وتأخر سن الزواج… الخ. فما كان من جمعيات التحالف إلا أن سلّمت الأمانة العامة للمجلس النيابي أمس ملفّاً يحتوي على ملاحظات قانونية واجتماعية ونفسية رداً على المنتقدين.
أنهت اللجنة اجتماعها أمس من دون إعلان أمر ملموس، على أن تتابع اجتماعاتها يوم الثلاثاء المقبل. وقال نائب الجماعة الاسلامية عماد الحوت إن اجتماع اللجنة ناقش القانون عموماً من دون أن يتطرّق إلى تفصيل النقاط، لافتاً إلى أن «اللجنة اتفقت على الحاجة إلى معالجة مشكلة العنف مع الحفاظ على استقرار الأسرة». الإيجابية التي أبداها الحوت لا تنم بالضرورة عن تأييده لجميع بنود القانون، إذ رأى أن «القانون بصورته الحالية لا يحقق هدف تأمين الحماية، وخصوصاً أنه مقتصر على الإناث». ويضيف أن «التعريفات المتعلقة بالعنف والأسرة بحاجة إلى مزيد من التوضيح، لتفادي التصادم بين القوانين الجزائية وقانون الأحول الشخصية».
النائب غسان مخيبر بدا ايجابياً بدوره، لافتاً إلى «حرص جميع أعضاء اللجنة على تحقيق التوازن بين حماية الأسرة من العنف والتفكك»، نافياً وجود عراقيل من أي جهة. وفي ما يتعلق بالمطالبة بتحقيق المساواة بين المرأة والرجل، شدد على أن «المرأة هي الأكثر عرضة للعنف».
ربما ليس سهلاً الارتقاء إلى قانون موحد يحمي المرأة، مهما كانت طائفتها، من العنف. لكنها محاولة، قد تنجح في نهاية المطاف في تأمين بعض حقوق المرأة المعنفة. وكما صرخ أحد المعتصمين في وجه «المسؤول»: المرأة المعنفة قد تكون شقيقتك. إذا أنت قبلت، فأنا أرفض ذلك لشقيقتي.

السابق
شكيب قرطباوي :الحكومة الجديدة لكل لبنان
التالي
محطة لتكرير المياه في البرغلية