الحياة: انهماك واشنطن بالثورات ورغبتها في التأثير يقللان فرص المواجهة مع حكومة ميقاتي

تنتظر واشنطن ما سيحمله البيان الوزاري للحكومة اللبنانية الجديدة وخطوات معينة في موضوع المحكمة الدولية، لتقرر على أساسها شكل الدعم الأميركي. ويقول مراقبون لـ «الحياة» إن الأولويات الاقليمية الجديدة ورغبة المؤسستين العسكريتين في استكمال التعاون، ستقلل من فرص الأزمة بين واشنطن وبيروت في هذه المرحلة على رغم أن التركيبة الحكومية تسلب الادارة الأميركية أوراقاً مؤثرة في الشأن اللبناني.

وأكدت واشنطن بعد ساعات من اعلان تشكيلة الحكومة اللبنانية أهمية التزامها القرارات الدولية وضمانها استمرار عمل المحكمة، ولمحت الى انتظار البيان الوزاري والذي «قد يستغرق 30 يوماً» و «أفعال الحكومة». وتعكس هذه النبرة نية واشنطن إبقاء النافذة مفتوحة للتعاون مع رئيس الوزراء الجديد نجيب ميقاتي، وتفادي أي تصعيد غير ضروري في هذه المرحلة، على رغم أن الحكومة جاءت على حساب حلفاء واشنطن في لبنان. ويعتبر الخبير في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى ديفيد شانكر أن التشكيلة الحكومية «لم تحمل مفاجآت وما من أحد كان يتوقع حضوراً مباشراً قوياً فيها لـ «حزب الله»، ورأى أن الموقف الأميركي منها سيعتمد على البيان الوزاري، وطريقة تعامل ميقاتي مع موضوع المحكمة. ويشير الخبير الذي كان مسؤولاً سابقاً عن الملف اللبناني في وزارة الدفاع، الى أن ميقاتي سيحظى بالكلمة الأخيرة لسحب القضاة اللبنانيين من المحكمة بعد تصويت مجلس النواب على بروتوكول التعاون معها، معتبراً في الوقت ذاته أن «قطارها غادر المحطة» وبات في مراحل متقدمة من الصعب تعطيلها، وأن لبنان «لم يلتزم على أي حال تقديم تمويله هذا العام».

ويشير الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية أرام نركيزيان الى أن «البيان الوزاري هو أهم من التشكيلة الحكومية» بالنسبة الى رسم الموقف الأميركي، وأن نية واشنطن الحفاظ على تأثير، ولو متراجع، «سيقتضي الانخراط مع الحكومة الجديدة» والتي «لا يحتكر التأثير كل من سورية وإيران». ويتوقع نركيزيان الذي تجمعه علاقة جيدة بالوسط الدفاعي الأميركي، أن يدفع الجيش اللبناني الى علاقة جيدة مع واشنطن، ويتحدث عن رغبة تقليدية لمعظم الحكومات اللبنانية في الإبقاء على علاقة حسنة مع الادارة الأميركية.

ومن اللافت في هذا السياق المرونة الأميركية التي أبداها مساعد وزيرة الخارجية لشؤون الشرق الأدنى جيفري فيلتمان خلال زيارته الأخيرة للبنان ولقائه شخصيات محورية في الحكومة بينها ميقاتي والنائب وليد جنبلاط، ومحاولته لقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري. وتعبر هذه الزيارات عن محاولة أميركية للحفاظ على هذا التأثير على رغم تغير الصورة السياسية في لبنان، والتي يدرك فيلتمان أكثر من غيره زواريبها وحساباتها الداخلية. ويعرف عن المسؤول الأميركي انفتاحه على عدد كبير من الوجوه اللبنانية حين كان سفيراً في لبنان من 2004 الى 2008 ولقاءاته بعدد من الزعامات المحلية بينها النائب سليمان فرنجية الذي سيتولى تياره حقيبة الدفاع.

فالحكومة الجديدة وعلى رغم اختلاف تحالفاتها السياسية، تأتي بتعقيدات مشابهة للحكومة السابقة وفق شانكر الذي يذكر بتبنيها في البيان الوزاري لـ «شرعية سلاح حزب الله» وإعطائها الحزب الثلث المعطل. ومن هنا لا يتوقع شانكر تغييرات درامية في الموقف الأميركي وخصوصاً في ضوء انهماك واشنطن بملفات أكثر سخونة مثل مصر وتونس والبحرين وسورية، وانحصار سياستها اللبنانية بموضوع المساعدات.

ويتساءل شانكر: «هل لدى الادارة الوقت للتفكير باسم وزير الدفاع اللبناني اليوم في ظل التغييرات والثورات التي تعيشها المنطقة؟»، مع أنه يتوقع تعقيدات أكبر من الكونغرس في موضوع المساعدات واحتمالات تجميدها في بعض المراحل الى حين تلقي الأجوبة المناسبة من مسؤولي الادارة والطرف اللبناني.

السابق
أضعف الإيمان حكومة لبنانية لإنقاذ سورية
التالي
الانباء: كيف وُلدت الحكومة اللبنانية؟ وما هي تفاصيل الربع ساعة الأخير؟