الاخبار: إصرار على حلّ عقدة أرسلان… والتعيينات أولويّة قصوى

بعد المطالبة الأميركيّة بعدم الثأر من «موظفين حكوميين»، انضمت كتلة المستقبل وحلفاؤها إلى هذه المطالبة، فردّت مصادر وزاريّة عبر تأكيد عدم وجود نيّة لإصدار قرارات إقصائيّة. إلا أنّ هذه المصادر لم تنفِ أن التعيينات ستكون في رأس مهمّات الحكومة الجديدة، وخصوصاً التعيينات الأمنيّة في مجلس قيادة قوى الأمن الداخلي

ألّف الرئيس نجيب ميقاتي حكومته، وذهب إلى السعوديّة لأداء مناسك العمرة ونيل الرضى الإلهي، وإبلاغ السعوديّة ضمناً أنّه لا يُريد تجاوزها. وترك ميقاتي الساحة مفتوحةً للتصريحات السياسيّة المؤيّدة والداعية إلى أن يكون الوزراء فريق عملٍ واحداً بحسب فريق الأكثريّة الجديدة، والمواقف المناهضة للحكومة واعتبارها حكومة سوريا وحزب الله، وهو ما تولاه فريق 14 آذار. كذلك ترك ميقاتي جرح رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني، النائب طلال أرسلان، مفتوحاً، في ظلّ محاولات حزب الله الحثيثة لحلحلة هذا الموضوع. ومن ضمن الطروحات التي قدّمها حزب الله استقالة وزيره حسين الحاج حسن من وزارة الزراعة لتؤول الحقيبة إلى أرسلان، وهو ما رفضه أرسلان بالكامل في حديث مع «الأخبار»، مؤكّداً أنه «يرفض أن يكون الحلّ على حساب المقاومة، كذلك فإنّني حسمت خياري بعدم المشاركة شخصيّاً في الحكومة انسجاماً مع ما قلته في المؤتمر الصحافي». وعند سؤال أرسلان عمّا إذا كان يرضى بتوزير حزبي آخر في وزارة مع حقيبة، رأى أن الأمر رهن الطروحات التي تُقدّم.

من جهتها، لا تزال مصادر رئيس الحكومة على موقفها لجهة اعتبارها أن الاستقالة غير قائمة حتى تقديمها خطياً. وأشارت مصادر الحزب الديموقراطي اللبناني إلى أنّ الوساطات لا تزال قائمة، ويتولّاها رئيس مجلس النواب نبيه بري وحزب الله. وتتمحور الطروحات الحالية حول تسمية وزير آخر من الحزب الديموقراطي، وقد التقى بعض الوسطاء بأرسلان وطه ميقاتي، لكن حلّ هذا الأمر يبقى معلّقاً حتى عودة رئيس الحكومة اليوم من سفره، في ظلّ إصرار لدى فريق الأكثريّة الجديدة على حلّ هذه المشكلة وإرضاء أرسلان، لكون مطالبه محقّة. وفي سياق الردّ على اتهامات فريق 14 آذار لحكومة ميقاتي بأنها حكومة سوريّة وبأنها حكومة «جسر الشغور»، ردّت مصادر ميقاتي بالقول: «هي حكومة لسدّ الشغور الذي تركه هؤلاء».

واليوم، تعقد الحكومة في قصر بعبدا اجتماعها الأوّل بعد أخذ الصورة التذكاريّة، ثم تجتمع بعد الظهر مرّة أخرى لتأليف لجنة صياغة البيان الوزاري. وقد أكّدت مصادر وزاريّة أن الحكومة تضع في صدارة أولويّاتها إقرار التعيينات الإداريّة والأمنيّة، وعلى رأسها قيادة قوى الأمن الداخلي، إضافةً إلى تعيين حاكم لمصرف لبنان ومدير عام للجمارك. وأضافت هذه المصادر أن لا نيّة لإصدار قرارات إقصائيّة بحق أحد.

معارضة شاملة

من جهتها، بدأت المعارضة الجديدة تنظّم صفوفها. وقد تناغم بيان كتلة نواب المستقبل، بعد اجتماعها أمس، مع الموقف الأميركي الذي صدر أوّل من أمس، في تحذير «الحكومة بعد استيلاء الاتجاه الانتقامي على عدد من الحقائب الأساسيّة، من أن أي ممارسات ثأريّة وتنكيليّة وكيديّة» ستواجهها الكتلة بعزيمة «لا تلين، ولن يجري السكوت عن أي تجاوز أو تفرّد أو محاولة للتنكيل والانتقام، عبر تحويل الإدارة اللبنانيّة إلى خلايا حزبيّة فئويّة لخدمة أغراض خاصة بها، وتجارب الماضي خير دليل على ذلك». وأكّدت كتلة المستقبل أنها باتت في موقع المعارضة الديموقراطيّة السلميّة المسؤولة والشاملة «من أجل حماية لبنان ودستوره ومواطنيه ومصالحه العليا، وحماية النظام الديموقراطي بكل مكوّناته، وحماية الحريات واحترام الآخر».

كذلك حذّرت كتلة المستقبل اللبنانيين من أن تجارب «الأحزاب الشموليّة البائدة تبدأ انقلابها عبر تقديم شخصيّات مستقلّة ظاهراً، لتعود وتقبض على أنفاس السلطة والمجتمع»، ورأت الكتلة أن هذا بات احتمالاً جدياً عبر هذه الحكومة. وأكّدت الكتلة ما أعلنته سابقاً من عدم التدخّل في الأحداث الجارية في سوريا، لكنّها حذّرت من «مغبة استخدام لبنان أداة في كم الأفواه والآراء».

بدوره، رأى رئيس حزب الكتائب أمين الجميّل أن الحكومة التي تألّفت هي حكومة لون واحد، «وهي مقيدة بشروط واضحة على صعيد النهج والأداء، وبالتالي لا يمكنها أن تحلّ الأزمات التي يتخبّط فيها لبنان وتلك المقبلة عليه». وتمنى لو أن «سوريا لم تتدخل في موضوع تأليف الحكومة، لأنها ستستفيد منها لتحصين ساحتها الداخليّة».

أمّا النائب القواتي أنطوان زهرا، فأشار إلى أنه لم «يشهد تشكيلة حكومة مواجهة، مثل هذه الحكومة، في عزّ الوصاية السوريّة على لبنان، والوصاية كانت تتعامل بلياقة أكثر مع رئيسي الجمهوريّة والحكومة وتعطيهما هامشاً من الخيارات يحفظ ماء الوجه في تأليف الحكومات». وشدّد على أنه «عكس ما أعلن رئيس الحكومة الذي نفى عنها الصفات التي هو متأكّد من وجودها فيها: الكيديّة واللون الواحد والخروج على القانون الدولي، وهو بعد أزمة تأليف طويلة، عاد إلى تشكيلة كان يمكن أن تنجز في الأيام العشرة الأولى من التكليف».

عون: لم نؤلّف خلايا ثوريّة

من جهته، عقد الجنرال ميشال عون اجتماعاً صباحياً مع وزراء التكتّل للاحتفال بتأليف الحكومة «وللتعارف»، كما قال عون، معلناً أنه «أمام وزرائنا الكثير من العمل، إذ عليهم أن يتحمّلوا اليوم مسؤوليّة واحد وعشرين عاماً على الأقل من الحكم الذي عمّته الفوضى المشهودة والمثبتة في كل ميادينه». وبعد ظهر أمس، عقد تكتّل التغيير والإصلاح اجتماعه الأسبوعي في الرابية، وأكّد عون بعد الاجتماع أن عمليّة الإصلاح المالي مستمرة، وهي «مستقلة عن تأليف الحكومة»، مضيفاً أنه سمع مراراً أن إجراءات التحقيق المالي في لجنة المال والموازنة ستتوقّف مع تأليف الحكومة وتغيير وزيرة المال. «كلا، الأمر ليس كذلك. نحن سنلاحق السابق والحاضر، وسننبّه من سيأتي في المستقبل إلى أن هذه الأخطاء يجب ألا تتكرر، وهي ليست مجرّد أخطاء، ولكننا لن نستبق التحقيق ونقول إنها جرائم ماليّة أو غيره».

ورداً على الموقف الأميركي المتخوّف من استعمال العنف ضد مسؤولين حكوميين سابقين، قال عون: «حتى الآن، من ناحية استعمال العنف، لم نقصف أحداً، ولم نؤسّس خلايا ثوريّة تحارب النظام القائم. إذاً، لا يخافنّ أحد. وبالنسبة إلى الثأر، لا شيء في سلوكنا يجعل الناس يحذروننا. هذه التصريحات هي حرب وقائيّة هدفها الدفاع عن أشخاص مرتكبين، وإلا لمَ هذا الحقد؟». ودعا عون إلى إرسال مراقبين من الأمم المتحدة ليطمئنوا إلى أن العدالة ستكون كاملة وشفافة.

أمّا في ما يتعلّق بعدم تمثيل المرأة، فقال عون إن تياره لم يكن لديه مرشحات لمواقع وزاريّة، «وكلكم تعرفون أن المرأة في لبنان تحتاج إلى مزيد من التمرّس في الحياة العامة حتى تتمكن من أن تؤهل نفسها أكثر للعمل النيابي والوزاري». ورداً على نعي رئيس حزب القوات اللبنانيّة سمير جعجع ورئيس حزب الكتائب أمين الجميّل للحكومة فور تأليفها، رأى عون أنه «إذا كان أحدهم بطبعه بومة، فكيف أستطيع مساعدته؟».

بدوره، أعلن نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أن حزبه «مرتاح لإنجاز تأليف الحكومة، وخصوصاً أنها تمثل كل شرائح المجتمع اللبناني وتكوينه، وهي حكومة لبنان بجدارة، ومن حق من لم ينضموا إليها أن يراقبوا أعمالها ويطالبوها، فهذا جزء من نظامنا في هذا البلد»، مضيفاً أن الحكومة ولدت بعد تعقيدات وضغوط إقليميّة ودوليّة ومحليّة حاولت إجهاض تأليفها، «وسنسمع أنيناً ممّن فوجئوا بها، وشروطاً بالية ممّن عرقلوا تأليفها، لكنها ستسير في بيانها الوزاري وخطواتها السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة بحسب مصلحة لبنان غير الخاضعة للإملاءات الأميركيّة ـــــ الإسرائيليّة، مؤكدة متانة تمثيلها الشعبي وتمسّكها بثلاثي القوة الجيش والشعب والمقاومة».

السابق
البناء: خيبة تعصف بـ14 آذار من صدمة تشكيل الحكومة ومجموعات مسلَّحة حرّكت الإرهابيين في جسر الشغور
التالي
السفير: دمشق: مسـيرة حاشـدة اليوم ترفع أكبـر علم سـوري أردوغان يطالب الأسد بجدول زمني سريع للإصلاحات