طواغيت على لائحة الانتظار

قال الامام علي عليه السلام: "يا أهل الكوفة إذا أنا خرجت من عندكم بغير رحلي وراحلتي وغلامي فأنا خائن".
هذا كان الإمام علي، فكيف إذا دخل الحاكم وليس في جيبه أكثر من 25 الف ليرة لبنانية مثلا، وخرج بعد عشرة سنوات بمليار ليرة, أو بعد عشرين سنة بمليارين؟ ان كلمة خيانة قليلة وشديدة الضيق هنا.
أما ذاك القائد الذي لا يعرف الناس عنه كثيرا لظروف أمنية جعلت حياته سرية, فإنّه بعدما عجز عن ردع جماعته عن التظاهر بالنعم الوفيرة والمجاهرة بالتبذير والإسراف… طلب منهم أخيرا أن يعفّوا، أي أن يداروا الناس، الفقراء، أن ينافقوا، بعدما بلغ السيل الزُّبى، وأخذت مظاهر الرفاهية تتسرب الى وجدان المجاهدين المنذورين للشهادة , ليحتدم الجدل الداخلي وربما العلني بينهم حول هذا التناقض الصارخ بين من ينذر دمه لله والوطن وبين من يشتري بهذا متاع الحياة الدنيا ويتوسع فيها توسع الطواغيت.
أيضا قال الإمام علي عليه السلام لعاصم بن زيد الحارثي الذي لبس خرقة الزهد وتوغل فيه: "أما رحمت أهلك وولدك؟ لقد استهام بك الخبيث (الشيطان) أترى الله قد حلل لك الطيبات وهو يكره أن تأخذها؟ إنّك أهون على الله من ذلك". فقال له: "يا أمير المؤمنين وهذا أنت في جشوبة عيشك وخشونة ملبسك". فقال علي (ع): "ويحك إنني لست كأنت, إنّ الله فرض على أئمة العدل أن يقدروا أنفسهم بضعفة الناس, حتى لا يتبين بالفقير فقره".
وقال علي (ع) أيضا:"إذا رأيتم السلطان وقد سمن بعد هزال فقد سرق." لا أظن أحدا بحاجة الى التعليق بعد هذا.
لكن الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا ميتران ليس مسلما سنيا ولا شيعيا ولم يحرص على مسيحيته كثيرا، إلا أنّه قدم لائحة بمحتويات منزله بعد نهاية فترة رئاسته الثانية, فوجدوا أنه لم يتغير في المنزل شيء عن فترة ما قبل الرئاسة.
والرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك تحت المساءلة القضائية كما هو معروف، لكن لم يستطع قبول منزل يسكنه بعد الرئاسة، هدية من صديق عربي، واضطر لاستئجار منزل لاقامته، تماما كما فعل الرئيس البريطاني طوني بلير في بريطانيا، وكثيرون يتذكرون أن عظيم اسكندنافيا، أولوف بالمه، رئيس وزراء السويد السابق، قُتل وهو ينتظر دوره في الصف لشراء بطاقة دخول الى السينما!!!
ويقول الشاعر العربي عمر أبو ريشة: "ملأى السنابل تنحني بتواضع والفارغات رؤوسهن شوامخ ".
ونذكر الطواغيت بمآلات أشخاص ربما لم يكونوا قد طغوا وبغوا وتكبروا بقدر ما فعل المعاصرون.
كذلك يحكى أن واحدا بقايا الاسر الحاكمة في الجنوب اللبناني كان يسكن إحدى قرى الزهراني، وصار فقيرا يأتيه الفلاحون الذين اضطهدهم، ويقدمون له طعامه، وكان لا يفتح باب منزله المتداعي لحامل الطعام له اذا لم يناده : "يا محمد بك"… وينام جائعا.
في تقديرنا أن كثيرا من زعامات الصدفة سوف يرمى لهم طعاما من خلف الجدار، ومَن لا يوافقنا على هذا التوقع نذكره بأن الله يمهل ولا يهمل وكذلك الشعب كما في تونس ومصر و و و و و الخ…
ومَن كان بلا عقل فليشعر ما شاء بالأمان الخادع وليعلم أن حكام الصين العظمى يمنعون تداول أخبار الربيع الثوري العربي على مواقع الانترنت , لانهم يخافون على استبدادهم، فكيف اذا كان المستبد فاسدا أيضا، وجدا؟

 

السابق
المفاجآت: كراميان و7 شماليين وثلث معطّل لعون
التالي
دراسة جدّية: نجمة داوود اسلامية ولا علاقة لليهود بها