ميقاتي: كرامي مقابل ترّو

يمرّ يوم على عملية تأليف الحكومة، من دون أن يظهر اقتراح جديد يثير الشك في إمكان إبصار الحكومة النور، آخرها: «يتخلى جنبلاط عن مقعد سني للمصلحة الطرابلسية العليا ويتخلى عون عن مقعد مسيحي لجنبلاط»

تستّر المعنيون بمشاورات تأليف الحكومة خلف «عقدة الكراميين»، أحمد وفيصل، لينقطعوا عن التواصل خلال اليومين الماضيين. استغلوا «الويك اند»، فهدأت موجة التفاؤل التي بشروا بها منذ منتصف الأسبوع الماضي. وفيما أكدت مصادر معنية بالمشاورات أن خطوط الاتصال ستعود إلى الحياة ابتداءً من اليوم، كشفت مصادر أخرى مزيداً من المعلومات المتصلة بـ«عقدة الكراميين»، لناحية ما جرى يوم الجمعة الماضي بين الرئيس المكلف نجيب ميقاتي والمعاونين السياسيين للرئيس نبيه بري والسيد حسن نصر الله، علي حسن خليل وحسين الخليل.
فبحسب المصادر المعنية بالمشاورات، فإن الخليلين طرحا فكرة توزير فيصل كرامي، فردّ ميقاتي بشرح وجهة نظره القائلة بأن توزير فيصل كرامي يوجب توزير قريبه النائب أحمد كرامي. وتحدث ميقاتي بإسهاب عن علاقته بالعضو الوحيد في كتلته النيابية، وعن وقوفه إلى جانبه في شتى الظروف، وبالتالي، فإنه لا يمكنه أن يخذله بتوزير فيصل. وقال ميقاتي: إن توزير أحمد وفيصل سيعني أن حصة طرابلس من الوزراء السنّة ستصل إلى أربعة. وفي ظل الاتفاق على توزير النائب علاء الدين ترو من إقليم الخروب، لن يبقى لبيروت سوى وزير واحد. وبعد أخذ ورد، قال ميقاتي: بإمكاني توزير أحمد وفيصل، شرط أن يكون لبيروت وزيران سنيان. وهذا الأمر لا يمكن تأمينه إلا بعد تخلي النائب وليد جنبلاط عن المقعد السني الذي سيمنحه للنائب ترو. فوجئ الخليلان بالطرح، تقول المصادر مردفة، وسألاه عما يمكن أن يحصل عليه جنبلاط في المقابل، فرد ميقاتي قائلاً: فليحصل على مقعد وزاري لنعمة طعمة. سأله أحد الخليلين: ومن أين ستحصل على حقيبة وزارية من الحصة المسيحية؟ فرد بالقول: «يمكن توزير طعمة بدلاً من نقولا فتوش». وتشير المصادر إلى أن الخليلين يريان أن البحث بهذا الطرح سيؤدي إلى تفجير التسوية التي جرى التوصل إليها بالنسبة إلى المقاعد الأخرى والحصة المسيحية، مضيفة إن هذا الاجتماع أشعر الوسطاء بالإحباط، وبأن المشاورات عادت أشواطاً إلى الوراء.
من جهة أخرى، بقيت «عقدة» مطلب النائب طلال إرسلان مراوحة في مكانها، في ظل تأكيد المقربين من النائب وليد جنبلاط أن الأخير يضغط لتأليف الحكومة، لكنه لن يقبل أبداً أن يدفع من حصته ثمن التأليف. ورأت مصادر جنبلاط أن حجم الحصة المعطاة للعماد ميشال عون حدد بناءً على حجم تكتله الذي يضم النائب طلال إرسلان، وبالتالي على إرسلان مطالبة عون بحصته أو يعلن استقلاليته عن «التغيير والإصلاح» فيحصل عون على حصة أصغر ويحقق إرسلان طموحه.
وبرز أمس تصعيد النائب أحمد كرامي الذي أجاب رداً على سؤال بشأنه رأيه بتوزير فيصل كرامي بسؤال عما إذا كان حزب الله سيختار أحد الوزراء السنة، معتبراً أن له الأفضلية في دخول الحكومة لأنه حليف ميقاتي. في الوقت عينه، لوحظ استخدام حزب الله لغة جديدة على الصعيد الحكومي، إذ أمل وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية في حكومة تصريف الأعمال محمد فنيش أن تتحمل القوى السياسية والرئيس المكلف وكل المعنيين من فريق الأكثرية مسؤولياتهم فلا يوقفون تأليف الحكومة أمام أي عقبة لأنه «لم يعد هناك أي عقبة تستحق تأخير التأليف». ورأى فنيش أن الإسراع ضروري للتصدي للمشكلات التي يمر بها الوطن من جهة، ولمواجهة محاولات الولايات المتحدة تحويل الربيع العربي إلى صيف أو شتاء ممطر. وبدا موقف حزب الله الداعي إلى الإسراع في تأليف الحكومة أكثر وضوحاً في تكرار رئيس لجنة الاتصالات النيابية حسن فضل الله كلام فنيش بأسلوب آخر، فتحدث عن ملامح أصابع خارجية تحاول تعطيل العملية أو تأخيرها. وأشار إلى فكفكة العقد الأساسية وبقاء بعض التفاصيل التي تعالج حالياً، وأهمها المطلب المحق للمعارضة السنية بالمشاركة. وذكّر فضل الله المعنيين بتأليف الحكومة بضرورة البحث عن حلول ومعالجات «لا أن نواجه مشكلة بطرح مشكلة أخرى». وطالب بتعاون المعنيين للوصول إلى نتيجة بدل إلقاء العبء على فريق وجهة كأن الآخرين غير معنيين. وختم فضل الله بتأكيد ملل حزب الله من التأخير الذي ينعكس على كل مواطن في لبنان من دون استثناء. وسرعان ما كرر عضو تكتل التغيير والإصلاح النائب نبيل نقولا الكلام عن الأصابع الخارجية ليقول «إن عدم تأليف حكومة خلال أيام سيكشف أن العملية أكبر من حقيبة وزارية، ومن الممكن أن تكون هناك شيكات موقعة من دون رصيد للأميركان أو لغيرهم».
أما عضو كتلة «التنمية والتحرير» النيابية النائب هاني قبيسي فأمل أن تحمل الأيام المقبلة حلاً لأزمة التأليف، مؤكداً أن حركة أمل والرئيس نبيه بري قدما كل التسهيلات من أجل تأليف الحكومة. وقال إن «الضغوط التي تمارس للحؤول دون إنجاز التشكيلة الحكومية هي من أجل تسهيل تمرير المؤامرة التي تستهدف لبنان والمنطقة وإبقاء لبنان في حالة الفراغ». وفي السياق نفسه، استغرب النائب عبد المجيد صالح انزعاج البعض من الأجواء التفاؤلية لتأليف الحكومة، لأن «هذا البعض يريد إبقاء لبنان في حالة التوتر والفراغ خدمة لمشاريعه الخاصة». وكان عضو حزب البعث النائب قاسم هاشم قد رأى أن من الضروري ألا يتجاوز تأليف الحكومة منتصف الأسبوع المقبل، فإما «تكون حكومة أو يتخذ موقف للخروج من المأزق».

باسيل متفائل

منذ نحو أسبوع، صار التيار الوطني الحر خارج دائرة المتّهَمين بعرقلة تأليف الحكومة. الوزير جبران باسيل، المفاوض باسم التيار في مشاورات التاليف، أخذ إجازة حقيقية في نهاية الأسبوع. ورغم الأجواء التشاؤمية التي أشيعت خلال اليومين الماضيين، أكد باسيل لـ«الأخبار» أمس أن «ما بقي من عقد لا ينفي قرب تأليف الحكومة».
 

السابق
وصول أمين عام مجلس الوزراء سهيل بوجي الى قصر بعبدا
التالي
ابو زينب: لا مبرر يمنع قيام الحكومة