الانباء: الوضع الداخلي اللبناني “مكربج” ومفتوح على كل الاحتمالات

ابتعد موضوع تشكيل الحكومة اللبنانية عن دائرة تحديد المواعيد، فلا غدا ولا بعد غد ولا حتى قريبا، وقد ذهب عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب نواف الموسوي الى حد اعلانه رفض المغامرة بتحديد مواعيد لتشكيل الحكومة، معتبرا ان «الميقات» للميقاتي، ما يعني ان ثمة تسليما من الأكثرية الجديدة التي يقودها حزب الله، باستحالة التأليف في ظل الاصطفاف الحاد محليا، والغموض المتوسع سوريا وعربيا.

هذا الهروب من لعبة المواعيد، يعكس الملل من تكرار المكرر حول الحكومة وتشكيلها، ويؤشر على ان هذا الأمر مازال أسير الاعتبارات الاقليمية، وان بدا للبعض في صورة الخلاف على الوزير الماروني السادس، او السني السادس، او مؤخرا الاحتجاج من جانب النائب طلال أرسلان المطالب لنفسه بالمقعد الدرزي الثالث، مشترطا ان تكون وزارة دسمة، لا وزارة دولة.

حرب: سليمان يتعرض لمحاولة اغتيال سياسي

الوزير بطرس حرب قال من جهته: لا ندري من يشكل الحكومة، وهناك استبعاد لرئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان الذي يتعرض لاغتيال سياسي، وعون يعمل على اضعاف دوره.

وأضاف حرب: اذا تقاعست حكومة تصريف الأعمال فمن حق مجلس النواب ان يصدر للضرورة تشريعا يملأ الفراغ لمنع تعطيل مرفق ما، وليس كما يرى الرئيس نبيه بري من اجل اقرار 49 بندا، لافتا الى انه اذا شكلت الحكومة فسيكون دورها كالمستقيلة.

واتهم حرب البعض من الفريق الحكومي بالتأسيس لنظام شبيه بالأنظمة التي تنهار في العالم العربي، وقال لصحيفة «اللواء» في حديث ينشر اليوم الاثنين: لقد عودنا العماد عون على تعطيل البلد عند تشكيل كل حكومة، وقال ان الحديث عن الغاء «الطائف» سيفتح باب جهنم علينا.

وهكذا لا يبدو للمراقبين في بيروت ان جديدا قد يطرأ على سلبيات الموضوع الحكومي هذا الأسبوع، الذي سيكون مشغولا بالجلسة النيابية التشريعية الثانية لمجلس النواب التي حددها الرئيس نبيه بري يوم الأربعاء، وكذلك في البازار السياسي ـ المالي، الذي افتتحته الأكثرية الجديدة، من خلال لجنة المال والموازنة التي يرأسها النائب العوني ابراهيم كنعان، والذي يؤول الى استدعاء وزراء المال السابقين منذ بداية عهد حكومات الرئيس الشهيد رفيق الحريري للمناقشة والمحاسبة.

نقل المواجهة المالية إلى البرلمان

وقد استعدت كتلة المستقبل للمواجهة، اعتقادا منها بأن قوى 8 آذار تريد اعطاء لجنة المال حجما غير واقعي، اذ لا سابقة للجنة نيابية لمحاسبة وزراء مال سابقين، فهي ليست ذات صلاحية لا في الدستور ولا في القانون ولم يفوض اليها احد بذلك وما يجري الآن مجرد دعاية اعلامية، وهذه الدعوة بالتالي باطلة، وان مهمة اللجنة الأساسية هي التنسيق مع وزارة المال وديوان المحاسبة للبحث في موضوع حساب الدخول، وهذا الحساب غير موجود منذ فقدت الدولة مستنداتها المالية بسبب حرق مباني وزارة المال خلال رئاسة عون للحكومة العسكرية عام 1982، حيث جرى جباية الأموال ووضعها بالخزائن دون قيود!

وبانتظار ما ستحمله الأيام المقبلة لاتضاح الصورة بشكل أكبر يبدو ان هذه الأكثرية ستكفي بتأكيد أكثريتها وتوافقها، مقابل رميها مسؤولية عدم التشكيل على الرئيسين ميشال سليمان ونجيب ميقاتي. وهذا أقله ما يظهر من خلال تسريبات راجت في الساعات الماضية.

اذ أعربت مصادر في قوى 8 آذار عن اعتقادها بأنه لا حكومة في المدى المنظور. وان هذه القوى مقتنعة بأن ميقاتي لا يريد تشكيل حكومة في ظل الظروف الحالية الاقليمية والدولية والداخلية.

المصادر أشارت الى ان لدى ميقاتي حسابات كبيرة تجعله يتردد ويبحث عن أعذار متكررة تجنبه تأليف الحكومة، لافتة الى ان أداء الرئيس المكلف أثار حفيظة الأكثرية الجديدة التي سهلت مهمته الى أقصى الحدود، لكن دون الوصول معه الى النتيجة المرجوة، فقد سهل حزب الله مهمة ميقاتي وسعى الى العماد عون للتنازل عن أمور كثيرة منها ما يتصل بعدد الوزراء وحقائبهم ومذاهبهم، ولكن كل هذا لم يوصل الى تشكيل الحكومة، وشددت المصادر على ان قوى 8 آذار في المقابل لم تعد تستطع ان تضغط أكثر على الرئيس المكلف لأنه قد يلجأ أكثر فأكثر الى التلطي وراء الطائفة السنية بما يوحي وكأن هناك استهدافا لهذه الطائفة، إضافة الى ذلك فإن ميقاتي يعرف جيدا ان حركته السياسية تحت المتابعة والرصد الاقليمي والدولي الدائم.

المصادر أشارت ايضا الى ان هناك في الأكثرية الجديدة من يلمس تفضيل الرئيس سليمان حالة المراوحة القائمة في البلاد بانتظار ان تتبلور معالم الصورة الاقليمية وتحديدا على الساحة السورية، بالإضافة الى الاعتقاد السائد لدى بعض اركان الأكثرية الجديدة بأن رئيس الجمهورية لا يريد استفزاز قوى 14 آذار والرئيس سعد الحريري.

المصادر رأت انه بإزاء كل ذلك، فإن الوضع الداخلي بات مغلقا ومسدودا أو «مكربجا» تماما وعندما يكون كذلك فإنه مفتوح على كل الاحتمالات.

السابق
فوز شعبي.. وخسارة نيابيّة لأردوغان
التالي
ولادة الحكومة أمام “لغم” السنّي السادس