النهار : الأكثرية الجديدة تتساءل: هل هناك حكومة؟

لم يكتم المواكبون لعملية تأليف الحكومة الجديدة استغرابهم لانقلاب الادوار التي بنيت عليها عرقلة تشكيلها منذ 25 كانون الثاني الماضي، مما استوجب خلق عقد جديدة تنوب عن القديمة. فبعدما كانت الانظار مصوّبة مدة أشهر نحو عقدة حصة النائب العماد ميشال عون في الحكومة المقبلة اتجهت فجأة الى عقدة التمثيل السنّي وتحديداً موضوع توزير السيد فيصل كرامي بدفع قوي من "حزب الله" متخطياً رؤية رئيس الوزراء المكلف نجيب ميقاتي الذي طرح مخرجاً قبل فترة طويلة ولكن لم يؤخذ به.
وهكذا بدت رياح التفاؤل التي هبت فجأة قبل ثلاثة ايام تنحسر لتحل محلها رياح التساؤل قبل الوصول الى مرحلة التشاؤم التي تلوح في افق الايام المقبلة.
الحكاية الكرامية
أوساط الرئيس ميقاتي اعتبرت ان ما يثار حول توزير فيصل كرامي ليس هو الاسلوب الامثل لأن الامر لا يعالج عبر وسائل الاعلام، مكتفية بهذا القدر من التوضيح.
وعلمت "النهار" انه سبق للرئيس ميقاتي ان استقبل فيصل كرامي في بحر الاسبوع الجاري في بيروت، وكان اللقاء ودياً ولم يتم التطرق فيه الى موضوع التوزير. لكن الخليلين اللذين يمثلان الثنائي الشيعي عرضا قبل ايام موضوع توزير فيصل كرامي، فذكّرهما ميقاتي بما سبق ان اقترحه وهو ان تتم تسوية تمثيل آل كرامي من خلال معالجة الخلاف بين الرئيس عمر كرامي والنائب احمد كرامي، او ان يقترح الرئيس كرامي من يمثل المعارضة السنّية في الحكومة من خارج العائلة. لكن هذا الاقتراح بقي خارج الاهتمام ليعود "حزب الله" ليطرح موضوع توزير فيصل كرامي بقوة وعبر الاعلام كما ظهر امس في قناة "المنار" التلفزيونية التابعة له. وهنا، أُسقط الامر من يد ميقاتي الذي يراد له من خلال هذه "الطحشة" على التمثيل السنّي وفي مدينته إحراجه على مستوى علاقته مع حليفه الموثوق به أحمد كرامي على رغم علاقات الود بينه وبين الرئيس كرامي، علماً ان النائب كرامي لا يطرح اطلاقاً موضوع توزيره، في حين ان آخرين لهم وضع مماثل سيكافأون لخروجهم من الاكثرية القديمة مثل الوزير محمد الصفدي والنائب نقولا فتوش اللذين يعاد طرحهما للتوزير في الحكومة المقبلة. وعلى هذا الاساس كان التساؤل الكبير في أروقة التأليف للاكثرية الجديدة: هل ثمة حكومة ستبصر النور؟
اتصالات
الرئيس ميقاتي الذي يبقى على تشاور هاتفي متواصل مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان، زار أمس جاره في فردان رئيس مجلس النواب نبيه بري وعرض معه التطورات المتصلة بالتأليف.
وفهم أن اعادة طرح توزير الوزير عدنان السيد حسين في الحكومة المقبلة كان مجرد فكرة ترددت قبل اسابيع لكنها لم توضع على الطاولة بقوة من جانب "حزب الله".
14 آذار
أوساط بارزة في 14 آذار قالت لـ"النهار" ان الانقلاب الذي نفذه "حزب الله" بدعم من دمشق وأطاح حكومة الرئيس سعد الحريري، كشف ان الدور الذي يراد للرئيس ميقاتي ان يقوم به هو فقط إطاحة الحكومة الحريرية وبعد ذلك لا دور له في المعادلة. وتساءلت كيف يجيز "حزب الله" لنفسه، وهو الذي يصنف حزباً شيعياً، التدخل في مسألة توزير سنية؟ ورأت ان الاستحقاقات الداهمة ولاسيما منها الاقتصادية، أخطر من أن تدار بعقلية 8 آذار. فالمليارا دولار من ودائع الاتصالات اللذان سيذهبان لدعم البنزين لا يكفيان لسداد ديون لبنان الداهمة والاستحقاقات الاقتصادية على اكثر من مستوى. وتخوفت من أن يكون القرار ابقاء الفراغ سيد الموقف من اجل ابقاء حرية الحركة ميدانياً في حال تدهور الوضع السوري الى مستوى يتطلب اسناده امنياً من لبنان. وفي المقابل يبدو الرئيس المكلف عاجزاً نتيجة الالتزامات حيال 8 آذار وحيال المجتمع الدولي عن الوصول الى مرحلة البيان الوزاري الذي سيكشف التناقضات على مداها الواسع. ولفتت الى احتمال ان يضطر ميقاتي الى توزير الكراميين احمد وفيصل اذا ما اراد مخرجاً والتضحية بتوزير الصفدي.
مجلس النواب
ومع التأزم في الشأن الحكومي يعود مجلس النواب مسرحاً للتغطية السياسية على فشل الاكثرية الجديدة في ايجاد حل حكومي. وعلمت "النهار" ان لجنة المال التي يترأسها النائب ابرهيم كنعان عضو التكتل الذي يترأسه العماد عون، تستعد غداً وبعد غد للمضي في ملف محاسبة وزراء المال السابقين، الامر الذي استعدت له كتلة "المستقبل" وفق ما ذكرت مصادرها لـ"النهار". اذ قالت ان ما اثير عن استدعاء وزراء المال السابقين لسؤالهم عن الاموال المفقودة ينطوي على مغالطات عدة ابرزها:
اولاً، ان ما جرى وما سيجري في لجنة المال ما هو الا محاولة من قوى 8 آذار عموماً و"التيار العوني" خصوصاً للنفخ في طبل مثقوب لاعطاء اللجنة حجماً غير واقعي، إذ لم يحدث في تاريخ الدساتير ومجالس النواب في العالم أن قامت لجنة نيابية بمحاسبة وزراء سابقين. فهي ليست ذات صلاحية لا في الدستور ولا في القانون ولا في العرف، ولم يفوض اليها أحد القيام بهذه المهمة، وتالياً أن ما يجري الآن هو دعاية اعلامية وسياسية.
ثانياً، ان الدعوة التي وجهتها لجنة المال لمحاسبة وزراء المال السابقين هي دعوة باطلة ومرفوضة سلفاً.
ثالثاً، إن مهمة اللجنة الاساسية هي التنسيق مع وزارة المال وديوان المحاسبة للبحث في موضوع "حساب الدخول". وقد تبين ان هذا الحساب غير موجود لأن الدولة فقدت مستنداتها المالية وأوراقها الثبوتية عن الحسابات بسبب التدمير والحرق اللذين لحقا بمباني ومؤسسات وزارة المال ولاسيما في منطقة الصحناوي وطريق النهر خلال تولي العماد عون رئاسة الحكومة العسكرية ابتداء من عام 1988. وفي فترة تلك الحكومة جرى تعطيل الحسابات وتمت جباية الاموال ووضعها في الخزائن من دون أي قيود.
عون
العماد عون جال امس في "معلم مليتا السياحي الجهادي" في منطقة إقليم التفاح يرافقه رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد. وقد أعد لعون استقبال حاشد والقى كلمة جاء فيها: "(…) كما قلنا في السابق اننا سنلوي ذراع اسرائيل، سنلوي اليوم ذراع اميركا التي عادت الينا بأيدٍ مختلفة".

©

السابق
لقاء لعلماء شريعة، ينظمه اللقاء العلمائي في لبنان، اليوم”للتداول في نصرة أهل سوريا”.
التالي
طلاب الجنوب: مئات الدولارات والساعات على طريق الهمّ