اعتراض الأساتذة والطلاب منع تكريماً “يحط من قدر الجامعة الاميركية”

لا شيء في الهدوء الذي طبع حرم الجامعة الأميركية في بيروت أمس كان يشي بأن "المعركة الصامتة" التي دارت احتجاجاً على نية الجامعة منح الرئيس السابق للبنك الدولي دكتوراه فخرية وإلقائه خطاب الاحتفال الـ 142 للتخرج في 25 حزيران، قد حسمت لمصلحة الأساتذة والطلاب. قضي الأمر: جيمس ولفنسون لن يأتي الى الأميركية.

هدوء الحرم امس مرده المراحل الأخيرة من امتحانات الفصل الدراسي الثاني، التي يبدو انها لم تشغلهم عن خوض معركة "صامتة"، من دون ان يعني الأمر ان صوت الاعتراض لم يرتفع خلالها. بقيت الحملة حتى أول من أمس قائمة في عريضة للأساتذة قارب عدد موقعيها المئة، يضاف اليهم عدد متزايد من الطلاب، رفضوا تكريم "الداعم الأول لاسرائيل" بدكتوراه فخرية في الانسانيات من الجامعة الأعرق في لبنان والمنطقة، مبرزين دعم ولفنسون، اليهودي الأوسترالي، للدولة العبرية على امتداد مسيرته المهنية، التي شملت منصب رئيس البنك الدولي، واختياره مبعوثاً خاصاً للجنة الرباعية الى الشرق الأوسط.
أبعد من "الدعم"، كان المعيار الأول للاحتجاج مجاهرة ولفنسون بدعمه للمبادئ الصهيونية، وتأييده المستمر لها باعتبارها "مسألة عاطفية" بالنسبة اليه. أضف ان ولفنسون عضو في المجلس الاستشاري لـ "معهد الديموقراطية الاسرائيلية"، وأحد المستثمرين في الشركة الاسرائيلية "مكان أفضل" (Better Place) التي يندرج ضمن أعمالها، بناء تجهيزات البنى التحتية للمستوطنين في الضفة الغربية، كما جاء في العريضة.
رسالة دورمان

حتى ظهر أمس، كان الاعتراض متجهاً الى مزيد من التصعيد، مع الاعداد لخطوات اعتراضية، بدأت من السعي الى إقناع بعض المكرّمين الآخرين بالدكتوراه الفخرية (تضم اللائحة الفنان مارسيل خليفة ومراسل صحيفة "النيويورك تايمس" في بيروت أنطوني شديد والرئيسة الأولى لجمهورية إيرلندا ماري روبنسون وعالم الفلك أوين غنغريتش والفيزيائي الأميركي المصري الأصل مصطفى السيد)، بالانضمام الى الاحتجاج على وجود ولفنسون.
واذ أبدى عدد من الطلاب نيتهم اتخاذ خطوات "عملية" من تاريخه حتى 25 الجاري، أتت الرسالة الالكترونية التي بعث بها رئيس الجامعة الأميركية الدكتور بيتر دورمان الى أسرة الجامعة من طلاب وأساتذة ومتخرجين، لتحسم الجدال، من خلال ان ولفنسون اعتذر عن الحضور. ومما جاء في الرسالة المقتضبة: "تأسف الجامعة الأميركية في بيروت لإعلانها ان السير جيمس ولفنسون، وانطلاقاً من قلقه ان وجوده في احتفال التخرج سيصرف الانتباه عن الطبيعة الاحتفالية للحدث، قرر عدم الحضور".
ولفت دورمان في رسالته الى ان "بياناً عن الموضوع سيصدر في وقت قريب عن الجامعة"، معلناً ان خطيب الاحتفال "سيكون رئيس الجامعة الأميركية في بيروت". حتى وقت متقدم من بعد ظهر أمس، لم يصدر أي تعليق عن الجامعة، مع التذكير بأن الرسالة لم تعمّم الا على "أسرة الجامعة"، مما يعني ان الموقف الرسمي لم يصدر بعد، على رغم وعد دورمان بقرب إصداره.

أزمة طويت؟

في انتظار البيان "الرسمي" للجامعة الأميركية، الذي يستبعد ان يحسم ما اذا كان ولفنسون هو المعتذر فعلاً أم ان الجامعة فضّلت اتخاذ خطوة "تراجعية" بازاء الحملة المتنامية الحجم، يرجح ان تبقى للقضية رواسب في انتظار المعالجة، أقله في المدى المنظور. فالأساتذة والطلاب رفعوا عالياً شعار "رفض التطبيع"، واعتبروا ان ولفنسون هو الأكثر وضوحاً في مجموعة شخصيات مثيرة للجدل وصريحة في علاقتها بالدولة العبرية، حاولت ان تجد "موطئ قدم" لها في العاصمة اللبنانية.
أبعد من القضية الراهنة، رفعت العريضة لواء المطالبة بمعايير "أكثر شمولا وشفافيةً" في اختيار المكرَّمين بالدكتوراه الفخرية، التقليد السنوي الذي أعادت الأميركية العمل به منذ العام 2003، تضمن "احترام القيم التي جعلت الجامعة محبّبة في إطارها المحلي"، على اعتبار ان تكريم ولفنسون – في ما لو قيّد له ان يتم – كان "ليحط من قدر الجامعة الأميركية في الصراع من أجل العدالة الاجتماعية وارتباطها التاريخي ببيروت وفلسطين وأبعد منهما".

السابق
ضرورة الدولة المدنية (وخاصة للإسلاميين)
التالي
مقتل فرنسييّن اثنين بعد صدم سيارتهما في البقاع