الموسوي: جديون في العمل لتشكيل الحكومة

 أعلن عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب نواف الموسوي أن عملية تشكيل الحكومة قطعت شوطا مهما جدا ما جعل الكثيرين يشعرون بأن وقت التأليف قد حان، ولكن من دون أن نغامر في تحديد مواعيد ومواقيت، إذ إن الميقات هنا هو للميقاتي.

ورأى خلال احتفال تأبيني في بلدة عيتا الشعب "أن هذه الحكومة من حيث تكليف رئيسها وصولا إلى التمكن من تشكيلها، تعتبر جهدا إنقاذيا للبنان في اتجاهين أولهما هو إنقاذ لبنان من تحول سياسي إلى استقطاب مذهبي حاد وصراع طائفي ومذهبي حاد، وإبقاء الخلاف في الإطار السياسي"، مشيرا إلى الرغبة في "أن يكون لتأثير الحكومة صفة الديمومة، بمعنى أنه يجب ان يتمكن أركان هذه الحكومة من تعزيز قواعدهم الشعبية بما يخرج الخلاف من إطاره المذهبي ويتركه في إطاره السياسي على حقيقته وعلى نصابه الفعلي".

واضاف: "بذلك نفهم الوقت الكثير الذي اقتضته عملية التشكيل، والمطالب التي طرحت في هذا الصدد، ونعتقد أن الوقت أو المطالب تخدم بشكل أو بآخر إنقاذ لبنان من الاستقطاب المذهبي وفتح اللعبة أمام الخلاف السياسي، والسياسي فحسب".

وأوضح أن "الاتجاه الآخر للإنقاذ الذي تتبناه هذه الحكومة، ولاسيما حين تشكيلها وتأليفها، هو تجنيب لبنان تداعيات سياسات غربية تضع في الدرجة الأولى مصلحة إسرائيل أولا وثانيا وعاشرا"، مشيرا إلى "أن مهمة هذه الحكومة هي أن تنهج نهجا استقلاليا، فلا تترك مجالا لسفير أن يملي عليها هنا أو هناك"، معتبرا "أن طبيعة التنوع الذي تتألف منه الحكومة يمكنها من بلورة إرادة استقلالية للنظر إلى توازن بين أعضائها وبين ما يمثل أعضاءها حين تشكيل هذه الحكومة"، مؤكدا "التصميم على إنقاذ لبنان من رهانات مكررة خائبة، ومن فتنة مذهبية يراد دفع المنطقة إليها لا لبنان فحسب، ومن فساد من سوء إدارة ليتكشف شيئا فشيئا وملفا إثر ملف، ومن حالة فراغ قاتل يكون موردا لكل مفسدة".

وأضاف: "لذلك كنا جديين كل الجدية في العمل من أجل تشكيل هذه الحكومة وبروحية التضحية تماما، وسيدرك اللبنانيون حجم التضحيات التي قدمها حزب الله في تشكيل هذه الحكومة، ونحن إن حاولنا أو مسسنا ببعض الأعراف في تشكيل الحكومة إلا أننا قدمنا أولوية إنقاذ الوطن على عرف لا يشكل خرقه عرفا آخر، وبهذه الروحية روحية الشهادة والتضحية حررنا بلدنا ونبنيه بها
".
ودعا الجميع إلى "الإقلاع عن الاستثمار في التطورات أو الرهان على الاحتمالات، وأن يقدم أولوية الانسجام مع القواعد الداخلية للتوازن اللبناني"، لافتا إلى "أن لبنان يحتاج اليوم إلى الخروج من المغامرات والرهانات الخائبة وإلى حصر الخلاف السياسي تحت سقف المصلحة الوطنية وعدم السماح للإملاءات الغربية والأمريكية بأن تحدد المسارات السياسية لبعض القوى الوطنية"، وقال: "في هذه اللحظة الحافلة بالتطورات والمليئة بالاحتمالات، فإن الاستثمار في التطورات الإقليمية هو استثمار خاسر، وإن الرهان على أحداث قد تصب في صالح البعض هو رهان خائب، والرهان والاستثمار في هذين المجالين شأنهما شأن الرهانات والاستثمارات الخائبة من قبل، ويجب ألا يكرر البعض رهاناته الخاطئة مرة أخرى، وأن يلتفت إلى الطبيعة الخاصة للصيغة اللبنانية التعددية كي يدرك القواعد الراسخة فيها التي تؤسس لتوازن صلب، وإذا طرأ على هذا التوازن خلل فهو لبرهة قصيرة فقط، وأنا لا أتحدث عن أولوية التوافق بالضرورة، لكن عن وجوب أن يجري حصر اللعبة السياسية الداخلية اللبنانية تحت السقف الداخلي، وأن لا يتوهم أحد أن بإمكانه أن يتخذ موقفا انقلابيا يساعده على النجاح فيه أي اعتماد مبدأ "تطور يراهن عليه".

وتابع: "من هنا نلفت إلى أمر سمعناه بالأمس، حيث عاد البعض مرة أخرى إلى إحياء مسعى حاول إطلاقه في لبنان السفير الأميركي السابق جيفري فيلتمان، يهدف إلى استخدام لبنان كقاعدة للمس بسوريا واستقرارها ووحدتها الوطنية ومصيرها من خلال نافذة حقوق الإنسان بما يتصل بمسألة النازحين، وعبر موقف لبنان المفترض في مجلس الأمن، ونقول في هذا الصدد، إن لعبة استثمار مسألة النازحين لإنشاء قاعدة في لبنان من أجل القفز على الوحدة الوطنية في سوريا أو على الأمن فيها، هي لعبة انتحارية بحق من يلعبها وبحق الوطن في أسره، وهي لعبة خطرة لا يجوز بأي حال أن يستخدم لبنان ضد سوريا، وما جرى تقريره في اتفاق الطائف لناحية الارتباط الوثيق بين أمني البلدين جاء خلاصة لتجربة تاريخية طويلة، وينبغي التشديد على أنه لا يجوز بأي حال تحويل قضية إنسانية إلى مسألة سياسية، وأنا أنوه مرة ثالثة بالموقف المميز الذي اتخذه وزير الشؤون الاجتماعية حين رد على السفارة الأمريكية رافضا الإملاء والتسييس، لذلك لا يجوز أن يخطئ أحد بالعودة إلى فتح ملف التسييس مرة أخرى على قاعدة أن هذه حقوق إنسان، وإذا كان هذا هو الهدف، إذن، أليس من حقوق الإنسان حق العودة إلى الأرض؟ ولماذا لم تثر حميتك فتدعم حق الشعب الفلسطيني في العودة إلى أرضه؟ وهل حقوق الإنسان هي تلك التي تمليها الإدارة الأمريكية فتكون بذلك حقوقا للإنسان؟

وبالنسبة إلى موقف لبنان في مجلس الأمن، شدد الموسوي على "أن هذا الأمر لا يحتمل الالتباس والتشكيك، وهو موقف واحد يقضي برفض أي قرار بشأن سوريا"، مشيرا إلى "أن المسألة لا تحتمل محاولة تكرار ما يمكن أن يسمى ب"ميني" فضيحة كتلك التي حصلت في الموقف من العقوبات بشأن إيران".

وقال: لا يجوز لأحد أن يكرر الخطيئة مرة أخرى، ونحن هنا في لبنان وقبل سوريا نقول، إن مصلحتنا الوطنية قبل المصلحة القومية هي في رفض أي قرار يمس بسوريا، ومن يرد مصلحة سوريا عليه أن يتركها وشأنها لتحل مشاكلها بإرادتها الذاتية وهي الأقدر، لا أن يفتح الباب أمام تدخلات خارجية، وإن بدأت بسوريا فلن تنتهي بها بل ستمتد إلى لبنان وإلى أقطار عربية أخرى، ولا سيما خليجية، لأنه إذا كان من يسكت على البعض الآن، فإن الشهية على نفط رخيص ستفتح ملفات بعض الدول الخليجية في حال أقفل الملف السوري وفق ما يشاء الأمريكيون بخاصة والغربيون بعامة".

وأكد الموسوي "أننا استعدنا بروحية الشهادة والتضحية أجزاء غالية من وطننا، وبها نعيد بناء هذا الوطن، وبمدرسة الشهادة تميزنا، فحققنا في لبنان ما لم يستطع أحد تحقيقه من قبل، لأن المدرسة السياسية التي كانت سائدة وطاغية في لبنان قبل مدرسة الشهادة والتضحية، هي مدرسة "إما الرهان على التطورات والتحولات وتركيب تحالفات" أو "مدرسة انتظار الأوامر من القنصل أو السفير لتنفيذها"، مشيرا إلى "أن هذه المدرسة موجودة في لبنان بالذهنية نفسها التي كانت سائدة منذ قرون وحتى الآن، وهذا ما نقرأه الآن في ويكيليكس كان سيقرأه أحفادنا بعد مئة سنة، لكن أُفرج عن تلك الوثائق الآن".

ورأى "أن هناك سياسيين لبنانيين ينتمون إلى مدرستين هما مدرسة "الالتزام بالتعليمات والعمل كموظف لدى القنصل أو السفير" أو مدرسة ذاك "الذي يقرأ الاتجاهات ويركب تحالفات على ما يظن أنه الاتجاه الأقوى".

وقال: "أما نحن، فقد افتتحنا مدرسة جديدة في لبنان هي "مدرسة لا تقرأ اتجاهات التاريخ أو اتجاهات الريح أو اتجاهات الغلبة"، بل تصنع للتاريخ وجهة في لبنان من العام 1982 إلى 2006. لقد صنعنا للتاريخ وجهة مخالفة بروحية المستعد للتضحية والشهادة، وهذه المدرسة هي التي كانت على الدوام تخرج لبنان من أزماته لتفتح أفقا جديدا، ونذكر بهذه المدرسة الآن، لأننا في زمن مليء بالتطورات حافل بالاحتمالات، ما يغذي نزعة الرهان أو الاستثمارات في التطورات لدى أصحاب المدرسة التي كانت سائدة هنا".

وختم الموسوي مشددا على "أن الاستثمار في التطورات أو الرهان عليها بينا أن ثمة قواعد داخلية راسخة للتوازن، هي أقوى من التطورات والاحتمالات"، ولفت إلى أن هناك "من راهن في العام 1982 على دخول الجيش الإسرائيلي ليكون رئيسا للجمهورية من أجل أن يمسك بيده من في لبنان من قوى سياسية داخلية، فإذا وبعد ثماني سنوات من هذا الرهان على الجيش الإسرائيلي، جاء اتفاق الطائف وغير الصيغة اللبنانية كلها، كما أن هناك من راهن في العام 2006 على أن هذا العدوان الإسرائيلي سيقتلع "حزب الله" وحلفاءه وعلى رأسهم الإخوة في حركة "أمل"، وأن هذا الاقتلاع سوف يؤدي إلى مشهد سياسي جديد يطلق يد من يطلق في الهيمنة على لبنان والسيطرة عليه".
 

السابق
وهاب: الرئيس ميقاتي والرئيس سليمان لن يوقعا التشكيل والأسباب خارجية
التالي
عسيران: البلاد بحاجة إلى وزارة تجتمع وتجمع الشمل