لو حكى المولود في لبنان؟!

أتخيل يوماً يذهب فيه جميع المسؤولين في هذا البلد إلى مكانين لم يعتادوا الذهاب إليهما من قبل· المكان الأول: المدرسة· والثاني:
المستشفى – قسم الولادات! فماذا عساهم يقولون للطلاب وللمواليد الجُدُد؟

الطلاب الذين يُجدّون في تحصيلهم العلمي، في ظل ظروف غير اعتيادية، من أجل تأمين مستقبلٍ لهم، كان ولا يزال في مهب الخلافات السياسية والحروب المُضمرة بين الأطراف والجماعات المتنابذة والمتصارعة·· ماذا سينتظرون من أولئك الذين نصّبوا أنفسهم أوصياء على مستقبلهم، وعلى مصير وطنهم المفجوع بنزيف أبنائه المهاجرين، هرباً من طغيان اليأس (والبؤس) في مساحة جغرافية ضيّقة جداً، الأملُ حدودُها الوحيدة القابلة للاتساع على مدى هذا العالم؟

ماذا سيقول هذا الزعيم أو ذاك، هذا الرئيس أو غيره، لأبناء القهر السياسي والطائفي والاقتصادي الذين <نضجوا> بفعل مؤامراتهم، ومهاتراتهم، وارتهاناتهم، ومغامراتهم، للزجّ بهم في أتون حرب جديدة، بوكالات أكثر تنوّعاً·· وهم مَنْ هم؟ الأبرياء من دماء حروبنا السابقة·· <المذنبون الجُدُد> في حروبنا اللاحقة·

وماذا سيقول <أسيادنا> حين يقفون على أبواب قسم الولادات، ويسمعون صراخ الأطفال القادمين إلى الحياة على جسرٍ مهترئ من لحم آبائهم وأمّهاتهم، الذين لا يملكون ثمن زجاجات الحليب التي يسدون بها رمق الجوع الأبيض· وهلاّ بقي شيء أبيض، يُؤكل أو يُلبس أو يُنطق به، لم يلوّث أو يطاله الدنس؟ وهلاّ بقيت في بحيرتنا بجعة بيضاء لم تتحوّل في ليلة وضحاها إلى بجعة سوداء تجلب إلينا الكوارث تلو الأخرى؟ ماذا يخبّئ الزعماء لصغارنا؟ أيّ ضمانات، وأيّ عهود، وأيّ شهادات، وأيّ أكلاف باهظة ستُعلّق في الأعناق الطريّة؟

لو حكى المولود في لبنان ما تراه يقول؟ <من أين أتيت؟> سؤالٌ سيكون سهلَ الإجابة أمام: <أين أنا؟ ولماذا جئت إلى هنا؟ وكيف سأمضي من هنا؟> لو حكى المولود لصار مفقوداً·

السابق
أزالت الجامعة الأميركية إعلانها بتسليم الدكتوراه الفخرية
التالي
فرنجية: إذا قُصفت سورية فتل أبيب بالمرمى