السفير: آلية مراسيم التأليف تُنجز … ولسليمان كلمة أخيرة مـديـر المـاليـة يـبــق بـحـصـة الحسـابـات والارتـكابـات … ويـربـك الحسـن!

في إشارة هي الأكثر صراحة ووضوحا حيال الوضع الحكومي في لبنان منذ إسقاط حكومة سعد الحريري قبل نحو أربعة أشهر ونصف شهر، توجهت دمشق بالدعوة الى اللبنانيين للتعجيل في تشكيل الحكومة، في وقت توحي كل المؤشرات الداخلية بأن حصان التأليف قد وصل الى المربع الأخير، وأن الأعذار «التقنية» باتت في حكم المنتفية، وأن ولادة الحكومة الميقاتية «باتت مسألة أيام اذا أمكن تذليل ما تبقى من عقد، الا اذا كانت هناك عناصر خارجية تتحكم بالتأليف» على حد تعبير مصادر مواكبة لحركة الاتصالات.

فقد أعرب الرئيس السوري بشار الأسد عن امله في ان يتجاوز اللبنانيون خلافاتهم وأن يتم الاعلان عن تشكيل الحكومة قريبا لما فيه خير اللبنانيين ومصلحتهم. جاء كلام الأسد خلال استقباله امس، رئيس «جبهة النضال الوطني» النائب وليد جنبلاط برفقة وزير الاشغال في حكومة تصريف الاعمال غازي العريضي، وذكرت وكالة «سانا» ان البحث «تناول الأحداث الخطيرة التي تشهدها سوريا بسبب ما تقوم به التنظيمات المسلحة من عمليات قتل وترهيب واستهداف لأمن سوريا وشعبها، حيث أعرب النائب جنبلاط عن ثقته بقدرة سوريا على تجاوز هذه المحنة».

وعاد جنبلاط الى بيروت عصرا بعدما التقى ايضا معاون نائب رئيس الجمهورية السورية اللواء محمد ناصيف، ولخص في بيان صادر عنه اجواء الزيارة، مشيرا الى ان التشاور مع القيادة السورية تناول المراحل التي قطعتها عملية تأليف الحكومة، «وكانت الآراء متفقة لناحية ضرورة الإسراع في تأليفها لما لذلك من دور في حماية استقرار لبنان».

وأشار جنبلاط الى ان المشاورات تناولت تطورات الاوضاع في سوريا، حيث اعرب عن امله في أن تتخطى سوريا هذه المرحلة الحساسة من تاريخها عبر إقرار الاصلاحات التي أطلقها الرئيس الأسد بما يعزز وحدتها الوطنية ويحصن قوتها ومناعتها، وذلك يتحقق من خلال حوار وطني واسع للتأسيس لمرحلة جديدة يكون عنوانها الرئيسي الاستقرار والإصلاح، مؤكداً رفضه لأي تدخل أجنبي في سوريا.

وشدد جنبلاط على أهمية الاستقرار في سوريا، التي يتلازم استقرارها مع استقرار لبنان كما نص اتفاق الطائف وهو ما يحتم تأليف حكومة جديدة في لبنان سريعا.

وأوفد جنبلاط، مساء أمس، الوزير غازي العريضي للقاء الرئيس نجيب ميقاتي وإطلاعه على أجواء اللقاء مع الرئيس الأسد.

وفيما ضخ «اجتماع الصدفة» بين أقطاب الأكثرية الجديدة مع الرئيس المكلف نجيب ميقاتي في المجلس النيابي أول من أمس، رياحا إيجابية لليوم الثاني على التوالي، أشارت أوساط قيادية بارزة في الأكثرية الجديدة الى «وجود أجواء إيجابية»، وقالت لـ«السفير» ان الطبخة الحكومية دخلت مرحلة النضوج الفعلي، خاصة مع الانتهاء من حسم كل ما يتصل بالحقائب الوزارية وحصة كل فريق منها، وبالتالي السعي الحثيث الى حل عقدة الوزير الماروني السادس على قاعدة ألا يكون استفزازيا أو مرشحا للانتخابات النيابية المقبلة وأن يكون شخصا مطمئنا للجميع، فضلا عن تسمية ممثل المعارضة السنية السابقة.

وفي هذا السياق، جاء اجتماع المعاون السياسي للأمين العام لـ«حزب الله» الحاج حسين خليل والمعاون السياسي لرئيس مجلس النواب النائب علي حسن خليل، مساء أمس، برئيس الجمهورية ميشال سليمان في القصر الجمهوري، حيث تحدثت مصادر رسمية عن أن الرئيس سليمان يرفض أن يضع أحد أية شروط عليه وأنه سيستخدم حقه الدستوري وأنه ينتظر التشكيلة التي سيحملها إليه رئيس الحكومة المكلف».

وفيما نقل زوار رئيس المجلس النيابي نبيه بري عنه قوله «انه إذا أكملنا على هذا الطريق، ستكون ولادة الحكومة قريبة جدا»، اكدت اوساط الرئيس المكلف استمرار الجو التفاؤلي، الا انها اكدت ان ذلك يستوجب ان يترجم بخطوات عملية على الارض تضع الحكومة بشكل جدي ونهائي على سكة التوليد السريع، وألمحت الى أن رئيس المجلس النيابي هو الوحيد الذي سلم ميقاتي لائحة بثلاثة أسماء سيمثلون حركة «أمل» في الوزارة.
وتحدثت مصادر واسعة الاطلاع لـ«السفير» عن اجتماع عقد ليلا في الرابية حضره النائب ميشال عون، الوزير جبران باسيل، الحاج حسين خليل، النائب علي حسن خليل ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في «حزب الله» الحاج وفيق صفا وجرى خلاله البحث في اقتراح قدمه الرئيس ميقاتي عبر أحد الوسطاء المحايدين، ويقوم على ما يلي:

أولا، يتم إيداع كافة الأسماء التي ستسميها الأطراف المشاركة في الحكومة، في عهدة الرئيس المكلف، اعتبارا من صباح اليوم الجمعة ولكن بشرط الا يقوم أي من هذه الأطراف بالإعلان عن هذه الاسماء أو تسريبها.
ثانيا، يتولى الرئيس المكلف حمل هذه الأسماء إلى القصر الجمهوري في بعبدا ويطلع رئيس الجمهورية عليها.

ثالثا، يستدعى رئيس المجلس النيابي نبيه بري إلى القصر الجمهوري وفق ما تحدد الأصول قبل إعلان تشكيل الحكومة. على ان يبادر بري قبل إصدار مراسيم التأليف إلى الاتصال من بعبدا بالعماد عون لإطلاعه على اسم الشخصية المارونية التي سيسميها رئيس الجمهورية للمقعد الماروني السادس.

وأشارت المصادر الى أنه اذا سلكت الأمور منحى ايجابيا فإن ولادة الحكومة ستكون أسرع مما يتصور كثيرون وإذا حصلت عثرات فإن الولادة ستكون بحاجة الى وقت لن يتعدى الأسبوع المقبل.
لجنة المال: قنبلة بيفاني

من جهة ثانية، فجر المدير العام لوزارة المالية ألان بيفاني قنبلة في وجه السياسة المالية التي اعتمدتها الاكثرية السابقة منذ العام 1992 حتى الآن، وذلك في جلسة عقدتها اللجنة النيابية المنبثقة عن لجنة المال والموازنة، أمس، وحضرها نحو عشرين نائبا.
وفيما حاول نواب تيار المستقبل تحميل بيفاني مسؤولية كل ما يحصل كونه على رأس الإدارة المالية منذ العام 2000. عرض المدير العام لوزارة المال كل المعوقات التي واجهها ويواجهها في عمله، مشيرا الى أن الإدارات المختلفة غير قادرة على القيام بعملها، لأن كلا منها مكبل إما بفريق المحاسبة الخاص أو بالمركز الالكتروني أو بفريق UNDP، التابعين لمن يوظفهم، أي الوزير ومستشاروه، وهم غير تابعين لسلطة المدير العام.
ولفت بيفاني النظر الى انه سبق وطلب من الوزير جورج قرم أن يلحق الفريق المذكور بالوحدات النظامية للوزارة، إلا أن «الوزير» فؤاد السنيورة (في حكومة العام 2000)، الغى القرار وجعلهم تحت مسؤولية المركز الآلي المدار من متعاقدين مع الوزير مباشرة، وعلى رأسهم المستشار نبيل يموت الرئيس الفعلي للمركز.

كما لفت الانتباه الى ان محاولاته فرض العقوبات على المخالفين كانت تواجه بإلغاء سريع من قبل الوزير، وآخرها عقوبتان بحق مديرة الخزينة ورئيس المركز الالكتروني لتعديلهما أرقام الحسابات، حيث قامت وزيرة المال ريا الحسن بإلغاء العقوبتين فوراً وبدون الاطلاع على مضمونهما.

وقدم بيفاني سيلا من المعلومات حول المالية فيما اكتفت وزيرة المالية بسؤاله «لماذا لم يعد خطة لحل مسألة الحسابات»، فأجابها بأنه سبق وفعل في العام 2009، إلا أن مستشارها الحالي (يموت) رفضها أيام الوزير محمد شطح، الذي استجاب له، مشيراً إلى أن الأمر لا يحتاج في الأساس إلى خطة بل لتطبيق القانون.

أما في ما يتعلق بالخطة التي قدمتها مؤخراً والتي لم تطلعه عليها فأكد بيفاني أنه وضع ملاحظات عدة عليها لم يؤخذ بها، كما انه أعطى خطة بديلة من دون جدوى.
ونظرا لأهمية ما قاله بيفاني اقترح نواب الاكثرية الجديدة ان يطلب من رئيس المجلس النيابي نبيه بري رفع السرية عن إفادة بيفاني ليطلع كل أعضاء المجلس عليها، على أن يتم استدعاء كل وزراء المالية السابقين، وبينهم السنيورة وشطح، وذلك بناء لاقتراح ريا الحسن، التي تنبهت مساء أمس، الى «فداحة» اقتراحها، بعد تعرضها لتأنيب شديد من رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة، فبادرت الى اصدار بيان ضمنته اتهامات لكل من الأكثرية الجديدة ورئيس اللجنة المالية ابراهيم كنعان ومدير عام المالية ودائما تحت عنوان «شن حملة على مرحلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري».

السابق
ربيع الثورات العربية يتجه الى واقع تاريخي مغاير
التالي
البناء: رفضٌ روسيّ قاطع لمحاولات فرنسا وبريطانيا استصدارَ قرار ضدّ سورية من مجلس الأمن