أحمد جبريل مجدداً!

منذ الساعات الأُوَل من صباح الأحد الماضي، كانت "بوسطات العودة" تنتظر ركّابها في مخيّم اليرموك في سوريا للتوجّه بهم إلى "ساحات الشرف" في مواجهة العدو الإسرائيلي للمرة الأولى منذ أكثر من أربعين عاما. إمتلأت البوسطات بركّابها الذين لم يتجاوز عمر الأكبر سنّا من بينهم العشرين عاما، وسارت بهم نحو مصير مجهول على وقع "أناشيد ثوروية" من وحي "العودة – القضية".

وصلت "بوسطات العودة"- ومن دون المرور بجونية – إلى "ساحات الشرف"، ترجّل الشباب الفلسطيني منها، دقائق قليلة وظهر أمامهم ما يسمّى بـ"جيش الدفاع الإسرائيلي، وراح يصطاد بعضا منهم "زي العصافير"، كما قال شقيق أحد الضحايا لإحدى الوسائل الإعلامية.

تحوّل "مشوار العودة" إلى "مشوار الموت"، مشوار لم ينته إلا بسقوط عدد كبير من الضحايا الأبرياء.

مشوار الغضب على جبريل

صباح ذلك الاثنين، اختلف المشهد في "اليرموك"، واختفت "بوسطات العودة"، بينما زاد صخب الأغاني الثوروية، ولكن هذه المرّة من وحي "الشهادة"، وفي مسيرات تشييع ضحايا الأحد.

مسيرات لم تخلُ من شعارات غاضبة أطلقها ذوو المتوفين اعتراضا على استغلال الفصائل الفلسطينية لأبنائهم، والاتجار بدمائهم. وما إن لمح الأهالي الغاضبون وجه عضو الجبهة الشعبية القيادة العامّة ماهر الطاهر، حتى انهالوا عليه بالسباب، ما خلق جوا مشحونا في المخيّم، حيث زاد عدد المشيّعين الغاضبين الذين وصلوا إلى محيط مجمّع تابع للجبهة الشعبية – القيادة العامة في شارع الثلاثيني وراحوا يهتفون ضد الأمين العام للجبهة الشعبية أحمد جبريل، متّهمين إيّاه بتنظيم "مشوار العودة" سبيلا لخلق حدث دموي ما يبعد الأنظار عمّا يجري في الداخل السوري.

راح غضب المشيّعين يزداد شيئا فشيئا، إلى أن عمد بعضهم إلى إضرام النيران في المجمّع وإحراق بعض السيارات التابعه له.

التهديد بقصف المخيّم

ويروي مصدر فلسطيني متابع لما جرى في مخيم اليرموك، قبل أيام قليلة، أنّ المشهد آنذاك لامس خطورة الانفجار، ما خلق خوفا أمنيا لدى النظام الغارق في الفوضى داخليا، فأصدرت جهة أمنية سورية رفيعة تعليمات صارمة لجبريل بضرورة بسط سيطرته العسكرية، وضبط الوضع الأمني أو "نقصف المخيّم".

أمام دقّة الموقف، اتخذ "منظم المشوار" قراره بضرب مشيّعي… ضحايا المشوار، ففتحت عناصره النار على المشيّعين والمتظاهرين ، ما أدّى إلى سقوط العشرات بين قتيل وجريح.

لا يتفوّه المصدر الفلسطيني، وهو يروي كيفية حدوث مجزرة اليرموك، بأيّ عبارة تستغرب تصرّف جبريل، الخبير في طعن القضية الفلسطينية وتسخيرها لمصالح سياسيّة لا تمت إلى "القضيّة الفلسطينية" بصلة، ويروي كيف أنّ جبريل أرسل حفنة من المسلّحين المرتزقة للقتال إلى جانب الزعيم الليبي معمّر القذافي لقاء مبالغ مالية لم يتوقف النظام الليبي يوما عن تزويده بها لقاء عمليات كان ينفذها.

"بروكر" النظام

عمل جبريل العسكري "سبيلا لتحرير فلسطين" لا يتوقف عند إرسال المقاتلين إلى ليبيا وقتل المشيّعين في مخيم اليرموك، يقول المصدر، فهو يقيم أيضا معسكرات لجماعته في عدد من المناطق اللبنانية كالناعمة وقوسايا، إذ تردّدت معلومات أمنية قبل أسابيع قليلة عن دخول قرابة المئتي مسلح جديد للقيام بمهام معينة.

خفّ الحديث عن جبريل إلى حد ما طوال أعوام، إلى أن اغتيل رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، فاتّهم القاضي الألماني ديتليف ميليس، في تقريره الأوّل حول الجريمة، الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة بالمشاركة في عملية التفجير التي استهدفت موكب الحريري أمام فندق السان جورج في 14 شباط 2005. سارع "منظّم مشوار العودة" يومها إلى النفي، معتبرا أنّ المقصود منه هو اتهام سوريا، ومجدِّدا تحالف جبهته معها، وهي التي سبق أن رفضت طلبا أميركيا بطرد جبريل وجماعته عقب انعقاد مؤتمر مدريد للسلام في تشرين الأوّل 1991. رفضٌ قد يكون لغايات تخرج اليوم من نَفْس "يعقوب".

السابق
النابلسي: هل يخطىء الشعب وهو يطالب مسؤوليه بتسريع تأليف الحكومة؟
التالي
االهاشم: بيان الحسن هو تورية للخلاص من التزامتها داخل لجنة المال والموازنة