مليتا تتمدّد: حكاية الأرض للسماء، أم حكاية الجنوب للعالم؟

شهد الفن التعبيري إنتفاضة عارمة في "مليتا"، فسارت الريشة والقلم والعدسة معاً، في تظاهرة الإبداع الفني الادبي، "حرية، تحرير، تعبير"، التي نظمتها جمعيتا إبداع ورسالات، في معلم "مليتا" السياحي، فجاءت بمثابة متنفس لاكثر من مئة هاوٍ ومحترف، ليختبروا الابداع في فضاء "متحف الطبيعة والمقاومة"، الذي تحول بحضرة المبدعين، الى قصة يرويها كل شاب، ويكتبها ويرسمها ويصوٍرها على طريقته.

مليتا ذات الموقع المترامي الاطراف، التي تتخطى بمساحتها الـ100 ألف متر مربع، لم تتسع لعيون المبدعين الذين تسابقوا كي يرصدوها بالعين الابداعية، على مدى أربع ساعات تظاهروا، أطلقوا العنان لحناجرهم الشعرية التي حاكت المقاومة، ورفدوا ألوانهم الحرية، فخرجت لوحات ذات فلسفة طبيعية، فيما استسلمت عدسات المصورين لرسالتها، فطافت في أرجاء المعلم، تختزله في صورٍ، ماورائية المعْلم، وهذا التفاعل المتجانس، الذي اعتبره رئيس جميعة رسالات محمد كوثراني "سعيا الى رؤية ما وراء مليتا، لأننا في جمعية رسالات، هدفنا تطوير المواهب، والموهبون اليوم سيتم اشراكهم في رزنامة رسالات، لان الفن هو اكثر لغة تجمع الناس".

هي ثورة جديدة إحتضنتها "مليتا"، لا تمت الى السياسة بصلة، ولا ترتبط بمحفل الطائفية. فما اجتمع عليه المشاركون هو "التسابق على الإبداع الفني والأدبي"، إذ رسموا المتحف الطبيعي بماورائياته الجديدة.

المشارك محمد قانصون رأى في النشاط "عكسا لحالة المجتمع المقاوم، إذ أننا عبر الصورة ننقل للمجتمع صورة المجتمع عبرنا، التي تصور ما نشاهده وتنقله للعالم، لنقول إنّ هذا المعلم أعطى الطابع السياحي للجنوب"، في حين يرى المشارك علي شريم أن "تلك التظاهرة الفريدة، في عمق أكبر متحف طبيعي، تصور حالة المقاومة، وأعطتنا فسحة للتعبير عن وطنيتنا، لأن المقاومة ليس فقط بارودة، بل هي أيضاً لوحة وصورة، وعبر الصورة، نوثق حالة المقاومة".

في أرجاء المعلم، إفترشت عشرات اللوحات زواياه، فكل رسام إختار زاويته، التي أراد عبرها أن يرسم حريته المقاومة من وجهة نظره، ففي داخل المسار الجهادي، جلست باسكال مسعود ترسم الحديد القاسي الذي مزجته بالطبيعه، فخرج من بين ألوان لوحتها "السلام المنشود"، كما تقول: "ربما الحرب أفادتنا، لكي نتعلم معنى السلام، أضف الى أننا نحتاج دوما الى هكذا تظاهرات فنية، بعيدا عن ارتزاق السياسة لكل شيء"، في حين فضلت سمر شاهين، اللونين الأسود والأبيض للوحتها التي حمّلتها أبعادا عدّة، ذات مغزى واحد: "مقاومة الريشة"، شارحة ذلك "لأننا نريد إيصال رسالة للغرب، لسنا فقط شعب يعشق الموت، بل أننا يمكن أن نقاوم بالإسلوب الإبداعي الفني والأدبي"..

هكذا شكلّت "مليتا" جدار اكبيرا للشباب، فحفروا لون حرية إبداعية يفقتدها المجتمع اليوم، إذ كما يشير كوثراني: "هذه التظاهرة الفنية في مليتا هي الأجمل هذه الأيام، وتستحقّ منا أن نستنطق الإبداع الذي يختلج الشباب، فرصدنا تفاعل المشاركين، مع المكان الذي يحمل الكثير من الجمالية والذي نطمح ليحتضن مهرجانا فنيا دوليا، ونشاطنا هو تأسيس لنشاط دائم في الصيف، لكي تتحول مليتا الى معلم سياحي دائم".

وبنظر رئيس جمعية "إبداع"، الشاعر علي عباس، فإنّ "الشعوب اليوم تقاس بحجم إبداعها، وهذه التظاهرة الاولى من نوعها في لبنان تجمع الرسم والكلمة والصورة الحية، لأنّ الإبداع والتحرير والحرية نتاج قضية واحدة وشعب واحد، وأهمية هذه التظاهرة تكمن في جمعها، نخبا ثقافية وفكرية في لفتة إبداعية واحدة، لأنّ الفن والابداع والشعر هي الاحاسيس الراقية للشعوب لذلك مزجنا بين هذا التفاني بين الروح والاجساد المقاومة، ولذا سنحرص على أن تتحول هذه التظاهرة الى عرف سنوي، ليجذب اكثر كل الطبقات الفنية والادبية في لبنان".

ويرى المشرف العام على معلم مليتا، الشيخ علي ضاهر "أن التظاهرة واحدة من مجموعة تظاهرات فنية إبداعية، سيشهدها المتحف، وهي فسحة للشباب للتعبير عن مكنوناتهم وإنتمائهم إلى فكرة المقاومة التي أعزت لبنان"، لافتا الى أن"الصور المميزة ستنشر ضمن بطاقات بريدية وتذكارية توزع على زائري المعلم".

مليتا إذا تطمح إلى التمدّد. تريد أن تكون مركزا فنيا وثقافيا، ومكانا لمهرجان دولي، وفسحة شبابية… مليتا تريد ألا تكون فقط "حكاية الأرض للسماء"، بل ربما "حكاية الجنوب للعالم".

السابق
النائب خضر حبيب: “حزب الله” لديه الحل الأول والأخير في تشكيل الحكومة
التالي
لحود: فريق 14 آذار يمعن ويتفنن بشل البلد