النهار: صدمة النصاب المفقود تستنفر أقطاب الأكثرية وتعويم جهود التأليف في “المرحلة النهائية”؟

البحث بدأ في الأسماء ورئيس الوزراء المكلف أطلع رئيس الجمهورية على النتائج

هل يكتب النجاح هذه المرة للجهود الجديدة التي انطلقت بزخم استثنائي عقب الاخفاق في توفير النصاب للجلسة النيابية التي دعا اليها امس رئيس مجلس النواب نبيه بري من أجل دفع عملية تأليف الحكومة الميقاتية قدما؟

الواقع أن تفاؤل قوى الاكثرية بامكان إزالة العقبات الاخيرة من طريق ولادة الحكومة بدا ليل امس في ذروة غير مسبوقة، وإن يكن لم يحجب حذرا من شياطين التفاصيل التي قد تكمن للمحاولة في اللحظة الاخيرة. وإذ ترجم هذا التطور في حركة لقاءات واتصالات استمرت حتى ساعات الليل وبدأ عبرها "إسقاط الاسماء على الحقائب" كما أفاد معظم المعنيين، فان ما بدا واضحا من سياق التطورات هو أن صدمة النصاب المفقود في جلسة مجلس النواب المؤجلة الى الاربعاء المقبل كان لها دور حاسم في اطلاق هذا الاستنفار السياسي الشامل لدى قوى الاكثرية. وقد شكل فقدان النصاب فعلا الهزة الاقوى داخليا تتعرض لها قوى الاكثرية الجديدة منذ تشكلها في 25 كانون الثاني لدى تكليف الرئيس نجيب ميقاتي تأليف الحكومة، ذلك ان قوى 14 آذار وحدها لم تكن كافية لمنع اكتمال النصاب، بل حصل ذلك على أيدي كتلتين من الاكثرية نفسها هما كتلة النائب وليد جنبلاط وكتلة الرئيس ميقاتي وحليفيه الطرابلسيين. وبدا واضحا ان حضور كل من الرئيس ميقاتي والنائب جنبلاط الى المجلس من دون نواب كتلتيهما استهدف ترميم العلاقة مع رئيس المجلس ومنع انفراط عقد الاكثرية تحت وطأة فقدان النصاب الذي شكل تحديا مباشرا لبري وتهديدا لمصير الاكثرية. أما "اللقاء الثماني" الذي انعقد في مكتب رئيس المجلس، فبدا بمثابة تعويض احتياطي فوري لتدارك الامر. قرر فيه اقطاب الاكثرية ادارة الموجة في اتجاه عمل استثنائي لتجاوز عقد تأليف الحكومة والاتجاه تاليا الى الازمة الأم وعدم الاستغراق في الازمات المشتقة منها التي هددت ديمومة الاكثرية ذاتها.

وفي ضوء ذلك، اغتنم المجتمعون فرصة التقاء ميقاتي والعماد ميشال عون للمرة الاولى منذ أكثر من ثلاثة أشهر، ودفعوا في اتجاه اذابة الجليد بينهما، فعقدا خلوة ثنائية علم ان ميقاتي طلب خلالها من عون ان يزوده لائحة بأسماء مرشحيه للحقائب التي يطلبها، فوعده رئيس "تكتل التغيير والاصلاح" بالاستجابة سريعا.

وخلافا للتصريحات والمعلومات التي أضفت على اللقاء الثماني طابع "المصادفة"، أكدت أوساط نيابية معنية لـ"النهار" ان هذا اللقاء كان "خطوة مدروسة" هدفت الى تعويم الاكثرية الجديدة واعادة تثبيتها حتى لو لم تؤمن النصاب وعدم ترك بري وحيداً في مواجهة هذا الاستحقاق. على أن رئيس المجلس الذي لم يأت في مؤتمره الصحافي على ذكر دوافع حلفائه في الأكثرية لمقاطعة الجلسة، ركز هجومه على قوى 14 آذار مستعيداً اتهام "ثورة الأرز" باعادة البلاد "خطوات إلى الوراء". وفند في مؤتمره ما وصفه بـ"الذرائع" التي سيقت لتعطيل النصاب، مشدداً على اعتبار الجلسة قانونية ودستورية وميثاقية.
وفي وقت لاحق، التقى ميقاتي في دارته بفردان النائب سليمان فرنجيه واستكمل البحث معه الى غداء في مجريات التأليف. ثم التقى الوزير جبران باسيل، وعقد لقاء رباعي ضم ميقاتي وباسيل ومعاون رئيس مجلس النواب النائب علي حسن خليل ومعاون الأمين العام لـ"حزب الله" حسين الخليل. وقالت أوساط المجتمعين لـ"النهار" أنه اتفق على سلسلة خطوات بدأت البارحة وستستكمل اليوم، موضحةً انه اذا استمر الأمر على هذا المنحى فانه يفترض الانتهاء من تركيب الحكومة مساء اليوم أو غداً، مشددة على أن ما يجري يعتبر المرحلة النهائية.

وأشارت المعلومات المستقاة من أوساط الأكثرية الى ان لقاء ميقاتي وعون أزال الكثير من التشنج عبر التواصل المباشر بينهما.
وعلمت "النهار" ان ميقاتي أجرى اتصالاً طويلاً مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان وأطلعه على نتائج اللقاءات والاتصالات وكان الرئيس سليمان متفهماً ومرتاحاً الى التواصل الحاصل.

وتفيد المعطيات المتوافرة ان عقدة الوزير الماروني السادس بدأت تتجه نحو الحلحلة وأن عون يتعامل معها "بشكل ايجابي". أما بالنسبة الى حقيبة الاتصالات والوزير الذي سيتولاها، فثمة بحث عن حل توافقي بين ميقاتي وعون في شأنها، لكنه لم يبت بعد. وذكر أن البحث في الأسماء بدأ مباشرة بين ميقاتي وعون وعبر الوزير باسيل وقد يكون هناك تبديل في بعض الحقائب.

لكن الأوساط القريبة من ميقاتي التي أكدت ان الجميع يبدون رغبة في حل كل العقد المتبقية، لفتت الى أن الحذر يبقى واجباً انطلاقاً من التجارب السابقة.

وقال باسيل ليلاً لـ"النهار": "انتهينا من التوزيع والحقائب ودخلنا المرحلة الأخيرة وهي مرحلة الأسماء حيث لا فرض لأي اسم ولا رفض أو فيتو على أي اسم والأمور تتم بايجابية والتشاور مستمر بين الرئيس المكلف وجميع الأطراف المشاركين ورئيس الجمهورية مواكب ايجابياً لكل هذه الاتصالات".
أما النائب فرنجيه فأكد في حديث الى محطة "أو تي في" مساء انه تم أمس "اتخاذ أكثر الخطوات جدية على طريق تأليف الحكومة وقد حلت 99 في المئة من المواضيع وبقي بعض الرتوش ونعد اللبنانيين بالخير". لكنه لم يشأ تحديد مهلة زمنية لاعلان التشكيلة الحكومية.

في المقابل، حذر الرئيس أمين الجميل في حديث آخر الى محطة تلفزيون "المستقبل" من تشكيل حكومة أحادية "لأنها ستكون شبيهة بحكومة مصر وتونس وليبيا مما يعني اننا ذاهبون الى الحج والناس عائدون منه". وقال إن "هذه الأكثرية هي أكثرية مركبة وخليط من المصالح والهواجس ولا يمكن الذهاب الى نهاية الوعود او الالتزامات التي قدمت في وقت معين". وإذ أكد أن "الوضع كله مأزوم"، خلص الى أن "من مصلحة الجميع ان تشكل هيئة انقاذ وطني تلعب دور الحكومة ولا سيما في القضايا الوجودية".

السابق
البناء: إسبانيا تعترف بالانتقالي وموريتانيا ترى أن القذافي فقد شرعيته
التالي
اللواء: 3 نقاط تواجه تأليف الحكومة… وسليمان يرفض شروط الإذعان