ربيع العرب يطيح دكتاتوراً ثالثاً

بإطاحتها الرئيس اليمني علي عبدالله صالح بعد 33 سنة من الهيمنة على السلطة تكون الانتفاضات الشعبية التي تجتاح العالم العربي هذه الأيام قد سجلت انتصاراً ثالثاً على الأنظمة الاستبدادية في المنطقة.
فقد غادر صالح بلاده الى المملكة العربية السعودية يوم السبت الماضي لمعالجة جروح وحروق كان قد أصيب بها بانفجار في قصر الرئاسة، ومن المرجح الآن ألا يعود ثانية الى اليمن.
لقد رقص وغنى آلاف اليمنيين وذبحوا أبقاراً في شوارع العاصمة صنعاء لدى انتشار خبر انضمام اليمن لتونس ومصر في إبعاد حاكم مكروه على نطاق واسع كان قد سيطر على الدولة لعقود طويلة.

اليمن أجمل

كان من بين اللافتات التي رفعها المتظاهرون المناهضون لصالح واحدة تقول: «اليمن أجمل من دونك»، وحملت أخرى العبارة التالية: «اليمن حرة، تاريخ الميلاد 4 يونيو 2011».
ولم تتردد النساء في المشاركة أيضاً، فقد انضممن لحشود الجماهير المبتهجة بلافتة تقول: «الدكتاتور رحل وبقي الشعب»، كما رقص الجنود وغنوا ورفتعهم الحشود على الأكتاف.
صيح أن الرئيس صالح الذي تولى السلطة في عام 1978 لم ينحل عنها رسمياً، لكن من غير المرجح أن تبقى القوات التي كانت تحت إمرته متماسكة دون وجوده في اليمن أو أن تسمح السعودية بعودته، وثمة تقارير غير مؤكدة تفيد ان وزراء الحكومة وكبار المسؤولين المقربين منه كانوا يحاولون مغادرة البلاد عن طريق مطار صنعاء.
مسؤول بارز في الحزب الحاكم قال إن صالح سوف يعود خلال أيام عقب إجرائه جراحة ناجحة في السعودية لإزالة شظية من صدره، لكن الحشود الهادرة لا تصدق هذا فقد صرخ ثائر يدعى عبدالمعين أصبحي قائلاً: سوف نكون مستعدين له إذا عاد.
جدير بالذكر أن انتفاضة اليمن بدأت في السابع والعشرين من يناير الماضي بعد أن حركتها المظاهرات المؤيدة للديموقراطية والمناهضة للحكومة في تونس ومصر.
وردت الحكومة اليمنية عندئذ بتنظيم مظاهرات مضادة وتحول القمع بعد ذلك الى عنف على نحو متزايد.
لكن حينما قتل قناصة مؤيدون للحكومة 52 متظاهراً يوم الثامن عشر من مارس، انشق ضباط كبار في الجيش عن السلطة، وانضم إليهم زعماء قبائل بارزون وتعهدوا جميعاً بالدفاع عن المحتجين.

فراغ في السلطة

بالطبع حاولت المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة ترتيب مرحلة انتقالية سلسة للسلطة كي لا يحدث فراغ فيها يمكن أن تستخدمه القاعدة في شبه الجزيرة العربية لتوسيع نفوذها.
الواقع أن صالح كان بارعاً في الترويج لمثل هذا الاحتمال، وذلك من أجل الحصول على المال والسلاح، لكن ناقديه أكدوا انه كان يبالغ في هذا كي يبتز الولايات المتحدة والغرب من خلال التلويح بالخطر الإسلامي. وبعد أن وافق ثلاث مرات على وساطة عربية خليجية بتأييد أمريكي تقضي بتنحيه عن السلطة عاد وتراجع عما تم الاتفاق عليه. وهذا ما أدى فيما بعد لتزايد أعمال العنف في صنعاء وتعز ومدن اليمن الأخرى بين القوى المؤيدة لصالح والمناهضة له، وبات يهدد في الأيام القليلة الماضية بنشوب حرب أهلية. غير أن القائم بأعمال الرئيس عبدربه منصور هادي، الذي تولى السلطة بعد رحيل صالح، وافق على هدنة مع مجموعة الأحمر التي هي جزء من قبيلة حاشد.
وعلى الرغم من احتمال بروز فراغ في السلطة، يمكن القول إن الحرب الأهلية لم تعد واردة لأن الدولة كانت تقليدياً ضعيفة، وزعماء القبائل معتادون ضعف سلطة الحكومة ومتفاهمون فيما بينهم حول شؤون البلاد.
غير أن نجاح الحركة المؤيدة للديموقراطية في اليمن ماكان ليتحقق لولا انقسام النخبة السياسية على نفسها، وهنا لابد من الإشارة الى الشكوك والغموض الذي أحاط بإصابة صالح في قصر الرئاسة، فقد قيل في البداية إن صاروخاً قد ضرب المسجد الملحق بقصر الرئاسة خلال أداء صالح صلاة الجمعة، إلا أن التكهنات في صنعاء تقول إن الانفجار الذي وقع بالمسجد كان نتيجة لقنبلة زرعها بعض العاملين ضد النظام من الداخل.

السابق
مواطن من دير الزهراني مصاب بطلق ناري
التالي
مدير تعاونية الموظفين جال في جزين