المستقبل: بريطانيا تطالب الأسد بالتنحي وفرنسا تريد إدانة دولية لدمشق وطهران

كثف الجيش السوري حشوده حول مدينة جسر الشغور في محافظة إدلب شمال غرب سوريا، واتجهت ناقلات جند ودبابات نحو المدينة التي شهدت أعمال عنف دامية أول من أمس، الأمر الذي أثار مخاوف ناشطين في مجال حقوق الإنسان من ازدياد أعمال القمع قسوة ووحشية.

وفي نيويورك، يواصل وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه مساعيه لاستصدار قرار من مجلس الأمن الدولي ضد دمشق بالتوازي مع رفع بريطانيا لهجتها وطلبها من الرئيس السوري بشار الأسد التنحي، فيما انتقد الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد تدخل الولايات المتحدة وحلفائها في شؤون سوريا.

ميدانياً، أرسل النظام تعزيزات عسكرية الى إحدى مدن شمال غرب سوريا التي تشهد تظاهرات مناهضة للحكم وأعمال عنف دامية، واتجهت ناقلات جند أمس الى مدينة جسر الشغور وفق ما أفاد ناشط في المكان لافتاً الى أن "مروحيات حلقت فوق المدينة طوال الليل".

وقال ناشط من المدينة إن "ثلاث عشرة ناقلة تتجه الى مدينة جسر الشغور" التي يقوم الجيش بعمليات تمشيط فيها منذ السبت الماضي. وأضاف "لقد انطلقت من حلب".

وأكدت السلطات التي تنسب الاضطرابات في البلاد الى "عصابات مسلحة"، أن 120 شرطياً قتلوا في جسر الشغور أول من أمس بينهم ثمانون في المقر العام للأمن العسكري بيد تلك "العصابات".

وذكرت صحيفة "الوطن" القريبة من السلطة أن "عملية أمنية وعسكرية واسعة النطاق ستُشن في قرى منطقة جسر الشغور بعد معلومات عن وجود مئات الرجال المسلحين"، لكن اثنين من الناشطين في المنطقة اتصلت بهما "فرانس برس"، نفيا المعلومات عن "عصابات مسلحة"، مؤكدين أن عناصر الشرطة قتلوا خلال عصيان في مقر قيادة الأمن في المدينة الواقعة في محافظة إدلب.

وأكد بيان نُشر على موقع "فايسبوك" ويحمل توقيع "سكان جسر الشغور" أن مقتل الشرطيين والجنود كان نتيجة انشقاقات في الجيش، وأنه لا وجود للعصابات المسلحة في المنطقة.

وجاء في البيان "نحن أهالي جسر الشغور نؤكد أننا لم نطلب حضور الجيش. ولا أساس للحديث عن وجود مسلحين بالمنطقة(..) واللجان الشعبية في جسر الشغور تتكفل بحفظ الأمن في المنطقة ولا داعي لأي عناصر غريبة عن المنطقة كي لا ندع فرصة للمندسين والمخربين والمسلحين الذين ينتحلون الصفة الأمنية. ونؤكد أن القتلى في صفوف الجيش والأمن كانت ناتجة عن انشقاقات في صفوفهم حيث بدأوا بإطلاق النار في ما بينهم على ما يبدو لأن بعضهم رفض الأوامر بإطلاق النار على المدنيين العزل
وأكد مدير منظمة "إنسان" المدافعة عن حقوق الإنسان وسام طريف أن الاشتباكات كانت بين قوات الجيش وأفراد فروا من صفوفه. ووصف أرقام القتلى بأنها "متضاربة". وقال إن وحدة من الجيش أو فرقة وصلت الى المنطقة في الصباح (السبت الماضي) وبعدها وصلت في ما يبدو وحدة أخرى بعد الظهر لاحتواء عمليات الفرار. وأضاف أن كثيرين من سكان جسر الشغور أكدوا صحة هذه النسخة من الرواية.

وفي نداء جديد طلب ناشطو "الثورة السورية 2011"، "الاستمرار بالتظاهرات السلمية" مكررين مناشدة الجيش "الدفاع عن المتظاهرين من نيران عملاء" النظام.

وذكرت صفحة "الثورة السورية 2011" توجيهات الى المتظاهرين "في المدن المهددة بهجومات عصابات النظام، وخصوصاً مدينة ادلب" التي تبعد 330 كلم شمال دمشق، وطلبوا من السكان "إحراق إطارات" و"إغلاق الطرق بالحجارة والأخشاب" لمنع وصول تعزيزات عسكرية.

ومنذ يوم الجمعة، قتل عشرات المتظاهرين في هذه المدينة المعروفة بأنها كانت معقل "الاخوان المسلمين" في الثمانينات وهي متاخمة للحدود التركية.
وفي لندن، أكدت جماعة "الاخوان المسلمين" في سوريا في بيان على "سلمية" الحركة الاحتجاجية ضد نظام الرئيس السوري، ورأت في تصريحات المسؤولين السوريين عن وجود "تنظيمات مسلحة" مدخلاً "لتبرير مزيد من أعمال العنف والقتل". وحمل الاخوان "دول الجامعة العربية والمجتمع الدولي مسؤولية الصمت واللامبالاة بما يجري من مذابح وجرائم ضد أبناء الشعب السوري المسالم والأعزل".

من جهة أخرى، "خطفت" المدونة الشابة أمينة عبدالله التي أيدت مطالبة الشعب بالديموقراطية في سوريا، أول من أمس في دمشق بيد "مسلحين" وفق ما أعلن أحد أفراد عائلتها على مدونتها.
ونقل ثلاثة جرحى سوريين مساء أمس الى شمال لبنان من منطقة أم جمعة الحدودية ثم توفي أحدهم متأثراً بجروحه حسبما أعلن مسؤول أمني لوكالة "فرانس برس".

وقال المصدر إن "ثلاثة جرحى سوريين نقلوا مساء عبر معبر أم جمعة غير الرسمي في منطقة وادي خالد الحدودية".

ونقل الثلاثة الى مستشفيات في شمال لبنان، ولكن أحدهم قضى متأثراً بجروحه لدى وصوله الى المستشفى. ولم يوضح المسؤول الأمني اللبناني الظروف التي أصيب فيها هؤلاء الرجال الثلاثة.
وبحسب شهود في وادي خالد، فإن مجموعة من السوريين الذين نقلوا الجرحى الى داخل لبنان قالوا إن أحدهم أصيب برصاصة في الرأس والقدم. وأوضحوا أنهم سمعوا لعشر دقائق أصوات عيارات نارية على الحدود مصدرها سوريا.
خارجياً، أكد وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه في مسعى للضغط على النظام السوري للتخفيف من قبضته ضد المدنيين السوريين، أن بلاده وقوى غربية أخرى باتت مستعدة للمخاطرة بـ"فيتو" روسي في الأمم المتحدة حول مشروعهم إدانة أعمال العنف في سوريا.

وقال مسؤولون وديبلوماسيون أمس إن فرنسا تدفع في اتجاه إصدار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قراراً بإدانة سوريا سريعاً بسبب قمع محتجين أسفر عن مقتل عشرات المدنيين.
وأدانت وزارة الخارجية الفرنسية ما تردد عن المزيد من العنف في سوريا وقالت إن فرنسا وشركاءها في الأمم المتحدة أعدوا مسودة قرار حول سوريا. وذكر مصدر ديبلوماسي فرنسي أن باريس تأمل أن تتحقق هذه الخطوة من الأمم المتحدة "خلال الأيام القليلة المقبلة".

وقال المتحدث باسم الخارجية الفرنسية برنار فاليرو في بيان مكتوب: "لن يفهم أحد إذا التزم مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الصمت إزاء هذه المسألة.. لا يمكن الاستمرار في العنف". وأدان تقارير عن اشتباكات عنيفة بين القوات المسلحة في بلدة جسر الشغور وقال إن من الضروري حماية المدنيين.

وكان جوبيه قال أول من أمس إنه يعتقد أن قراراً يمكن أن ينال تأييد 11 صوتاً من بين 15 في مجلس الأمن. وأكد في كلمة ألقاها في مركز أبحاث في واشنطن بعد يوم من المحادثات مع مسؤولين أميركيين من بينهم وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، "الموقف واضح جداً. في سوريا عملية الإصلاح ميتة ونعتقد أن بشار فقد شرعيته لحكم البلاد.. نعتقد، كلنا معاً، أننا يتعين علينا الآن أن نمضي قدماً ونوزع مشروع القرار هذا في مجلس الأمن".
أضاف جوبيه "سنرى ما الذي سيفعله الروس. إذا استخدموا الفيتو فإنهم سيتحملون مسؤوليتهم. ربما أنهم إذا رأوا أن هناك 11 صوتاً مؤيداً للقرار فإنهم سيغيرون رأيهم. إذاً، هناك مخاطرة ونحن مستعدون لتحملها".
في المواقف أيضاً، قال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ أمس أمام البرلمان في لندن إن "الرئيس الأسد يفقد الشرعية وينبغي له الإصلاح أو التنحي". وأضاف أن بريطانيا تبحث مع شركائها في الاتحاد الأوروبي احتمال فرض مزيد من العقوبات ضد الحكومة السورية إذا استمر العنف.

واعتبرت منظمة العفو الدولية أن "من الملح أن يصوت مجلس الأمن الدولي الذي التزم الصمت حول هذا الموضوع على إدانة المجازر"، مطالباً بإحالة الملف السوري أمام المحكمة الجنائية الدولية.
كما أعلنت منظمات حقوقية وقانونيون سوريون أنهم طلبوا رسمياً أمس من مدعي المحكمة الجنائية الدولية إجراء "تحليل أولي" للوضع في سوريا، مؤكدين أن النظام السوري ارتكب جرائم ضد الإنسانية.

ومن طهران قال الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد في مؤتمر صحافي أمس "إن إيران تقف في خط المقاومة الأول بوجه إسرائيل، وأنا متأكد أن الشعب والحكومة السوريين سيحلان مشاكلهما، ونحن نندد بتدخلات الولايات المتحدة وحلفائها في سورياوتابع أحمدي نجاد "هناك مع الأسف حكومات في المنطقة تتدخل (في الشؤون السورية) وتتبع الولايات المتحدة. أنصحهم عدم القيام بذلك لأن الولايات المتحدة سترتد ضدهم بعد أن تحقق أهدافها". وأضاف "نحن نقف الى جانب كل الحكومات الثورية، ونعتقد أن السوريين قادرون على إدارة شؤونهم بأنفسهم".

السابق
النظام أو البطة السورية
التالي
لماذا يريدون هزيمة سورية؟