النهار: بري ينتقد السنيورة المحاضر في العفة الدستورية فيما فريقه يريد شلل البرلمان والمؤسسات

لم يكن مفاجئا إصرار رئيس مجلس النواب نبيه بري على عقد الجلسة التشريعية غدا الاربعاء، سواء اكتمل النصاب أو لم يكتمل. وكان يتوقع في الوقت نفسه هذا الهجوم من نواب فريق 14 آذار ولا سيما من "تيار المستقبل" الذين يرفضون في الاصل التئام هذا النوع من الجلسات في ظل حكومة تصريف الاعمال وتخبط الرئيس المكلف نجيب ميقاتي في بحر من الخلافات والشروط.
وتوقف بري عند الكلام الاخير للرئيس فؤاد السنيورة في صيدا عن عدم شرعية الجلسة، وتجاوز الاخير الدستور والقوانين اثناء ترؤسه الحكومة، وتخطيه صلاحيات رئيس جمهورية قوي (الرئيس اميل لحود). ولا يقصد بري الغمز هنا من قناة الرئيس ميشال سليمان، فضلا عن مجلس النواب حيث أطاح كل قواعد الدستور "ثم يظهر ويحاضر امام اللبنانيين بالعفة الدستورية".
ويبقى الامر الذي لا يغيب عن بال رئيس المجلس وهو يتحدث في صالون عين التينة امام مجموعة من القضاة والسياسيين، وكيف أن معظم المعترضين على الجلسة سبق ان دعوه في أكثر من مناسبة الى الاسراع في اعادة الروح الى الحياة البرلمانية المعطلة، حتى لو لم يتوصل المعنيون الى تأليف الحكومة.
ويروي كيف تقدم منه النائب مروان حماده في احتفال في جامعة القديس يوسف ودعاه امام نخبة من الاساتذة الجامعيين والمدعوين فتح أبواب المجلس، فرد عليه بالايجاب "ان شاء الله خير".
ويتابع أن نائب رئيس المجلس فريد مكاري ونوابا من حزب الكتائب وسواهم طالبوه في أكثر من لقاء بالعودة الى التشريع في المجلس، لأن ثمة مشاريع تتعلق بحياة اللبنانيين اليومية ودورتهم الاقتصادية.
ويعلق بالعامية وعلى طريقته "شو عدا ما بدا" حتى تبدلت آراء هؤلاء؟"
وقبل انعقاد اجتماع هيئة مكتب المجلس تلقى بري اربع رسائل من رئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط عبر الوزير وائل ابو فاعور الذي نقل اليه معلومات عن استياء لدى ابناء الطائفة السنية اذا استمر رئيس المجلس في الدعوة الى الجلسة ولم يصر الى الغائها، وهذا ما سعى اليه السنيورة عبر النائب روبير غانم.
ونقل اليه جنبلاط ايضا ان ثمة تحضيرات واستعدادات في عدد من المساجد في بيروت والمناطق حيث يخرج المصلون في تحركات احتجاجية ضد بري.
وفي معلومات لـ"النهار" ان هذه "الاستعدادات" وصلت الى مسامع عدد من الائمة والمشايخ الشيعة الذين اتصلوا بعين التينة وايدوا كل استعداد للتصدي للهجوم على بري الذي دعاهم بدوره الى عدم القيام بأي خطوة مضادة ووصل به الامر الى حد "التهديد والتحذير" من تنفيذ هذا النوع من الخطوات.
وبقيت هذه المعلومات محور اتصالات مفتوحة بين عين التينة والمختارة، ولا سيما ان جنبلاط ابلغ صديقه "اننا لا نريد المزيد من الانشقاقات في البلد"، وانه ميال الى انعقاد الجلسة ببند واحد هو التجديد لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وهذا هو رأي الرئيس امين الجميل ايضا، وانتهت الاتصالات عند هذه الحدود.
ويذكر ان هيئة مكتب المجلس لم تطرح في لقائها الاخير السير ببند واحد، بل انها بحسب بري كانت ترفض انعقاد الجلسة في الاصل، وان الاعضاء حضروا ولم يريدوا النقاش، ولو طلبوا السير ببند واحد لوافقت.
ويكرر ان موقفه هو التشريع في كل شيء، ولا يستند هنا الى موقفه الشخصي فحسب بل الى كبار الخبراء من القانون والدستور الذين يؤيدون مبدأ انعقاد الجلسة في مثل هذه الظروف، من امثال ادمون رباط وسواه.
ويقول بري إنه يعي جيداً موقع سلامة في السياسات النقدية والمالية في البلد، وخصوصاً في ظل هذه الأزمة التي تمر بها بلدان المنطقة. وأن هؤلاء (تيار المستقبل) ولا سيما منهم الرئيس السنيورة لا يريدون التجديد لسلامة، وان عين السنيورة تبقى على الوزير السابق جهاد أزعور بغية ايصاله الى هذا الموقع.
ويشدد رئيس المجلس على ان ما يقدم عليه للتشريع في البرلمان هدفه التجديد لسلامة، ولو أراد العمل وفق سياسة فئوية ومذهبية "لوصلنا الى اليوم الأخير من ولاية الحاكم وتسلم من بعده نائبه الأول الشيعي رائد شرف الدين، ولا سيما أن الأخير هو ابن السيدة رباب الصدر وخاله الإمام موسى الصدر وهو من صلب حركة "أمل". ولكن أنا لن أقبل بهذا السلوك، والأمر نفسه فعلته عندما حل ضابط ماروني بدل المدير العام الراحل للأمن العام اللواء وفيق جزيني. وما يشغلني هو مصلحة البلد وليس تطبيق سياسة نكايات مذهبية ومناطقية".
ويشرح أن موقفه هذا الداعي الى التشريع في مجلس النواب هدفه قيام هذه المؤسسة بالمهمات المطلوبة.
واذا لم يتحقق مبرّر وجودها فـ"رحمة الله تجوز هنا على الديموقراطية وانتظام المؤسسات والحياة البرلمانية".
ويقول: "لسنا في ظل نظام رئاسي يستطيع فيه الرئيس حلّ مجلس النواب أو تعطيله. ومن جهتي أرفض فرض ديكتاتورية مقنعة تهجمت على عمل البرلمان وبقية المؤسسات".
ويلاحظ انه من خلال ممارسة "الديكتاتورية المقنعة" يقدم فريق 14 آذار على التعطيل بغية فشل عمل المؤسسات.
ويحذّر من تسيير عمل المؤسسات في البلاد في ظل حكومة تصريف أعمال ورئيس مكلف أياً يكن اسمه. وهناك "اجتهاد" بحسب رأيه يجري العمل به، هو رفض التشريع في مجلس النواب، "الأمر الذي يؤدي الى إيقاع البلد في شلل تام".
ويعطي مثلا على هذا الواقع، من دون ان يقصد ميقاتي، أن الرئيس المكلف في امكانه ان يماطل في التشكيل ولا يعتذر ويطيل أمد الفراغ، ولا سيما ان رئيس الجمهورية لا يقدر ان يفعل شيئا ازاء هذا الوضع، ثم ان مجلس النواب يريدونه معطلا حسب اجتهاداتهم (تيار المستقبل وافرقاء آخرون من 14 آذار".
واذا قرر الرئيس المكلف ان يعتذر وشكل حكومة ولم تنل الثقة، فتعاد الاستشارات وتسميه – ثانية، "لذلك انا من جهتي لا أريد هذا الشلل، وليأخذ البرلمان دوره وهو أم المؤسسات".
ويسال في معرض انتقاداته لعمل المؤسسات في البلاد كيف ان ضابطا (اللواء اشرف ريفي) لم يستجب لطلب الرئيس ميشال سليمان في مكالمة استمرت نحو نصف ساعة، وكيف أصرّ رئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري على عدم الحضور الى لبنان لمعالجة الازمة المفتوحة بين وزير الداخلية زياد بارود والمدير العام لقوى الامن الداخلي والتي سببت كل هذا الاحراج لموقع الرئاسة الاولى وهيبة المؤسسات "التي اغرقوها بالفوضى والمحسوبيات".
ويبقى أن اكثر ما يخشاه الرئيس بري في هذه الايام هو الاخبار التي تصله عن سعي ناشري رياح الفتنة في عدد من المساجد، وخصوصا في الشمال حيث رفعت لافتات في احياء العاصمة بيروت والمناطق، ومنها: "انتظرونا النصر آت" في اشارة الى قرب موعد سقوط النظام السوري.
ويقول، "يبدو ان هؤلاء لا يريدون فهم شعبية حركة أمل وحزب الله، وان مصدرها ليس سوريا، وهذا الكلام ليس انتقاصاً من صداقتنا لدولة شقيقة، اذ واجهنا معاً اسرائيل في اكثر من معمودية مشتركة من الدم والشهادة، واليوم استبدلها البعض بالتصدي لايران".

السابق
الحياة: مخيمان يحتجان على القتل في الجولان والمقدح يهدد بـإشعال كل الجبهات
التالي
دلع الصهر ورخاوة الخصر