الفشل الأميركي في سورية

توقفت مصادر دبلوماسية أمام الموقف الأميركي تجاه سورية باهتمام كبير، خصوصاً أنه مع الانطلاق في عملية الإصلاح الجدي والحقيقي، التي يقودها الرئيس بشار الأسد والتي وعد بإجرائها منذ العام 2000 ووفى بوعده هذا العام نتيجة ظروف ومعطيات وأسباب أصبحت معروفة، وعلى الرغم من هذه الإصلاحات والتصميم على انجازها حتى النهاية فإن موقف الإدارة الأميركية ومعها بعض الدول الأوروبية والعربية يضع أكثر من علامة استفهام وتساؤل حول هذه المواقف التي لا تريد الإصلاح والحرية والتقدم للشعب السوري بقدر ما تريد إضعاف سورية وانحسار دورها القومي والعربي، بخصوص أكثر من ملف على علاقة بالاستراتيجية الاميركية في المنطقة.
وترى المصادر الدبلوماسية ان الموقف الأميركي على وجه التحديد، باعتباره المحرك الأساسي لما يجري على الساحة السورية، يشير بوضوح الى أن الإدارة الاميركية ذاهبة الى التصعيد في الملف السوري بشتى الوسائل فكلما فشل مخطط ما يُلْجأ أو يُفتَّش عن مخطط بديل، وذلك بهدف جعل سورية بقيادتها الحالية تعيش حالة من القلق والإرباك اعتقاداً من الاميركيين، بأن القيادة في سورية تبتعد عن ملفات المنطقة من فلسطين الى لبنان الى العراق والى غيرها من الدول، التي بدأت تعيد حساباتها السياسية بعد الثورات الشعبية الحقيقية فيها وفي طليعتها ثورة الشباب في مصر.
وتضيف المصادر الدبلوماسية، أن هذا الوهم الأميركي، سيوصل الإدارة الاميركية الى هزيمة أو فشل جديد في المنطقة خصوصاً بعد الهزيمة السياسية التي لحقت بالرئيس أوباما، الذي حاول أن يسوق نفسه على أنه قادر على إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية ولكنه تبين أنه لا يختلف عن باقي الرؤساء الأميركيين، على قاعدة الانصياع الكامل للوبي الصهيوني وللكيان «الاسرائيلي» فوصلت مساعيه المشبوهة من خلال موفده جورج ميتشل الى طريق مسدودة بسبب الإنحياز الاميركي الى وجهة النظر في تل أبيب، ولذلك ترى الرئيس أوباما يحاول خداع العرب والفلسطينيين مرة أخرى من خلال المبادرة الفرنسية المشبوهة بخصوص تجديد المفاوضات بين الفلسطينيين و»الاسرائيليين» ونتائجها بالطبع إذا حصلت، لن تكون أفضل من نتائج مساعي جورج ميتشل.
وتؤكد المصادر الدبلوماسية، أنه في مقابل ذلك، فإن القيادة السورية مطمئنة الى وضعها العسكري والامني والسياسي، وأنه من المستحيل على أي طرف خارجي، مهما كانت سطوته وقوته، أن يكون قادراً على إسقاط الحكم في سورية، على الرغم من الضغوط المتصاعدة ضدها من خلال قيام أحداث أمنية متنقلة بين هذه المنطقة وتلك وكما حصل في منطقة جسر الشغور أخيراً وما قد يحصل في مناطق أخرى مستقبلاً حسب المخطط الاميركي ـ «الأسرائيلي» والأوروبي، ومن الملاحظ انه كلما فشلت هذه الأطراف في محاولاتها لاسقاط الحكم في سورية تبدأ بالتصعيد السياسي الى درجة أنهم يضعون القيادة في سورية أمام احتمالين، أما اسقاط الحكم أو حرب أهلية، ولكن أياً من هذين الاحتمالين غير قابل للتنفيذ لاعتبارات عديدة مختلفة كلياً عما يجري حالياً في ليبيا أو اليمن، على سبيل المثال، لأن القيادة في سورية الى جانب معالجتها للملف الأمني والتصدي للمجموعات الارهابية والتفكيرية المسلحة، تتابع خطوات الإصلاح بكل ثقة وهي بدأت ورشة إصلاح حقيقية على كل المستويات، وهذا الأمر اعترفت به دول صديقة لسورية وفي مقدمتها روسيا والصين نتيجة التواصل المستمر بين قيادات هذه البلدان ومعرفة كل الحقائق ومحاولات أميركا والمغرب اللعب بالنار في سورية، وهو ما حذرت منه روسيا والصين.
وتعتبر المصادر الدبلوماسية، أنه خلال المحنة ـ المؤامرة التي تعرضت لها سورية أظهرت ان القيادة فيها لن تتهاون في الموضوع الأمني، وانها أثبتت قدرتها على استيعاب كل الصدمات خصوصاً العسكرية، ولذلك بدأنا نلمس أنه مع فشل المؤامرة الأمنية على سورية، تلجأ الإدارة الأميركية ومعها الدول الأوروبية الى استعمال السلاح الاقتصادي وتحديداً مع الاتحاد الأوروبي لأن لسورية علاقات تجارية مهمة وكبيرة مع الدول الأوروبية مع الرهان على استمرار الوضع الأمني في سورية مربكاً ومهتزاً حتى شهر رمضان المبارك، وهذا يعني من وجهة نظر المصادر الدبلوماسية أن الأميركيين والأوروبيين ومعهم بالطبع «اسرائيل» وبعض العرب، سيلجأون الى استعمال كل الوسائل لإبقاء الوضع في سورية غير مستقر، بهدف تمرير مشاريع مشبوهة في المنطقة، يعرفون مسبقاً أن سورية كدولة مقاومة وممانعة، لا يمكن ان توافق عليها، أو أن تسير في ركابها.

السابق
البناء: مفاوضات سرية بين مولخو وعريقات و4100 وحدة استيطانية في القدس
التالي
ليختر الجنين اسمه!