السياسة: حزب الله يخوض محاولته الأخيرة قبل قلب الطاولة

رأى مصدر سياسي مطلع أن موجة التفاؤل الأخيرة بحلحلة عقد تشكيل الحكومة والتي أشاعها "حزب الله" وحلفاؤه لم تكن نتيجة معطيات واقعية, بقدر ما كانت تعبيراً عن تخبط في الموقف السياسي للحزب الذي وجد نفسه وحيداً بعد الانقلاب على حكومة الرئيس سعد الحريري, بعد ابتعاد دمشق عن متابعة الموضوع اللبناني بسبب أزمتها الراهنة.

ولفت إلى أنه منذ إسقاط الحكومة تغير موقف الحزب مرات عدة ربطاً بتطور الأوضاع في سورية والمنطقة عموماً: في البداية أهمل الموضوع الحكومي وترك حليفه العماد ميشال عون يواجه "طواحين الهواء" ويخوض معارك وهمية تحت شعار الدفاع عن التمثيل المسيحي, ثم تحول موقف الحزب إلى ناشط لحلحلة بعض العقد, وهي من صنع حلفائه أساساً, ولكنه لم يبذل أي جهد استثنائي مثل الضغط فعلياً على عون. وأخيراً تحول موقف الحزب إلى تبني خيار التشكيل بسرعة وعدم الانتظار أكثر من أربعة أشهر.

أضاف المصدر: تبين بوضوح أن الذي اتخذ قرار إسقاط الحكومة هي دمشق في جدول أعمال من بنود عدة, ولكن حلفاءها وقعوا في ورطة عندما بدأت الاضطرابات في سورية, وامتنع المسؤولون هناك عن توجيه أي رسائل تاركين الوضع اللبناني في جمود وانتظار. وبالفعل انتظر "حزب الله" طويلاً إلى أن تيقن أن الأزمة في سورية ستطول, وأنه حتى لو نجا النظام السوري من الثورة القائمة عليه, فإنه سيخرج منها ضعيفاً يبحث عن تسويات لملفات إقليمية عدة ومنها لبنان. فسارع الحزب إلى تولي المبادرة بنفسه لتفعيل عملية التشكيل.

وتابع المصدر: يدرك حزب الله ظروف هذه المرحلة جيداً, ويعلم انه لن يستطيع وحده, من دون مساندة دمشق, فرض شكل الحكومة التي يريد, إن من حيث تركيبتها أو من حيث بيانها الوزاري (وخصوصاً ما يتعلق بالقرارات الدولية وعلى وجه اخص المحكمة الدولية), إلا أنه يراهن على حشر الجميع, فإما يقبل الرئيسان ميشال سليمان ونجيب ميقاتي تصوره للتشكيل, وإما يفشلان مساعيه الأخيرة, فيكون له موقف آخر, لم تتحدد معالمه بعد.

ووصف المصدر الأجواء التي تحيط بحركة "حزب الله" بأنها شبيهة بأجواء العام 2008 عندما أخفق في إسقاط حكومة الرئيس فؤاد السنيورة في الشارع, وقبلها فشل في إيصال مرشح حليف له إلى سدة الرئاسة الأولى, يومها دفع الحزب البلاد إلى أزمة طويلة انتهت بانقلاب مسلح في "7 مايو" الشهير. والآن يتكرر السيناريو لأن الحزب أراد الإيحاء بأنه يمارس اللعبة الديمقراطية الدستورية ولكن تبين أنه عاجز عن الخوض فيها حتى النهاية, ولن يمر وقت طويل حتى يكشر الحزب عن أنيابه مرة أخرى

وختم المصدر: لعل أول من أدرك حجم المأزق الذي وقع الحزب وجر إليه كل فريق 8 آذار, هو الرئيس نبيه بري, الذي يحاول هذه الأيام صرف الأنظار عن السيناريو الأسود المقبل على لبنان, تارةً من خلال دعوة إلى جلسة نيابية غير دستورية ومستحيلة الحدوث, وطوراً عبر توجيه السهام إلى الرئيس سعد الحريري, بمناسبة أو من دونها.

 

السابق
فصل المسار دون المصير
التالي
سجعات