السفير: يـوم دامٍ في سوريا حصيـلتـه 120 قتيـلاً أمنيـاً والسلطة تقاتل مئات المسلحين في جسر الشغور

دخلت الازمة السورية في منعطف جديد أخطر من كل ما شهدته سوريا في الاشهر الثلاثة الماضية، عندما أعلنت مصادر رسمية، أمس، عن مقتل 120 من عناصر قوات الأمن، في هجوم شنه مئات المسلحين على مراكز أمنية ومقرات حكومية في بلدة جسر الشغور في شمال غرب البلاد، فيما حذّر وزير الداخلية محمد إبراهيم الشعار «المجموعات المسلحة» مؤكداً أن «الدولة ستتعامل معها بحزم وقوة ولن يتمّ السكوت عن أي هجوم مسلح»، وأعلن وزير الإعلام عدنان محمود بدء تحرّك قوات من الجيش الى المنطقة.

وهي المرة الأولى منذ بدء الاحتجاجات منتصف آذار الماضي التي يعلن فيها المسؤولون السوريون مثل هذه المواجهة مع مجموعات مسلحة قدر عددها بالمئات، تمكنت حسب اعتراف السلطة من السيطرة على البلدة التي تردّد ان القوات الحكومية تحشد لاستعادتها.

وذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا) إن «120 من عناصر الشرطة والأمن استشهدوا برصاص تنظيمات مسلحة في جسر الشغور، هاجمت مراكز أمنية وشرطية ومؤسسات عامة وخاصة، ونصبت كمائن لقوى الأمن والشرطة، وقامت بالتمثيل بجثث عدد من الشهداء وإلقاء بعضها على ضفاف نهر العاصي، إضافة إلى ترويع الأهالي وسكان المنطقة».

وأوضحت «استشهد اليوم (أمس) 20 عنصراً من الشرطة والقوى الأمنية في كمين نصبته تنظيمات مسلحة بالقرب من جسر الشغور. وأفادت المعلومات الأولية أن عناصر الأمن والشرطة كانوا في طريقهم إلى جسر الشغور تلبية لنداء استغاثة من مواطنين مدنيين كانوا قد تعرّضوا للترويع من التنظيمات المسلحة وهربوا من منازلهم باتجاه مراكز الشرطة والأمن».

وأضافت «كما قامت هذه التنظيمات المسلحة بالهجوم على المركز الأمني في جسر الشغور، ما أسفر عن استشهاد أكثر من 37 عنصراً في صفوف عناصر المركز الأمني مرتكبة مجزرة حقيقية، حيث لم تكتفِ بقتل العناصر بل قامت بالتمثيل ببعض الجثث وألقت ببعضها الآخر في نهر العاصي».

وتابعت «استخدمت التنظيمات المسلحة في هجومها الإرهابي على المركز الأمني الأسلحة المتوسطة والرشاشات والقنابل اليدوية وقذائف الـ«ار بي جي» واتخذت من الأسطح مراكز لقنص المدنيين وقوات الشرطة والأمن».
وذكر مندوب «سانا» في إدلب أن «ثمانية من حراس مبنى البريد في جسر الشغور استشهدوا جراء هجوم عشرات المسلحين عليه وتفجيره بواسطة أنابيب الغاز»، مشيراً إلى أنه «استشهد ثلاثة من عناصر حماية الدوائر الحكومية في جسر الشغور بعد أن هاجم المئات من عناصر التنظيمات المسلحة عدداً من هذه الدوائر وقاموا بتخريبها وحرقها».

وقالت مصادر ميدانية سورية  إن الغالبية العظمى من القتلى من العناصر سقطوا في هجوم بالأسلحة شنته مجموعة، مدعومة بجرافات على مركز امني في المنطقة، مضيفة ان المهاجمين قاموا بعد اقتحامه بإعدام حوالى 60 شخصاً، رموا جثث بعضهم في نهر العاصي. كما قامت المجموعات المسلحة بإزالة حواجز حدودية مع تركيا.

وقال مندوب الوكالة في إدلب إن «التنظيمات المسلحة في جسر الشغور قامت بالتمثيل بجثث عدد من الشهداء، وألقت ببعضها على ضفاف نهر العاصي، وهي تروع الأهالي في المدينة وتقطع الطرقات وتهاجم منازل المواطنين وتقتحم المباني العامة والخاصة والمحال التجارية»، مشيراً إلى أن «الأهالي يناشدون ويوجهون نداءات استغاثة لتدخل سريع للجيش». وأضاف أن «التنظيمات المسلحة تحاول تفخيخ محطة كهرباء سد زيزون ومحطة كهرباء جسر الشغور، وأحرقت عدداً من الدوائر الحكوميةوأشار إلى أن «عناصر التنظيمات المسلحة سرقوا خمسة أطنان من الديناميت كانت في منطقة سد وادي أبيض، بعد أن قاموا بمهاجمة موقع تخزين الديناميت وهدم جدرانه».

وأوضح أن «تعزيزات أمنية توجّهت إلى المكان الذي نصب فيه كمين لقوات من الأمن والشرطة بجسر الشغور»، مشيراً الى ان «القوى الأمنية والشرطة تحاصر بعض المنازل التي يتحصّن فيها المسلحون ويطلقون النار على العسكريين والمدنيين مشيرا إلى أن المعلومات المتوافرة تؤكد أن المسلحين مدربون ومدججون بالأسلحة المتوسطة والقنابل اليدوية وإنهم يروعون الأهالي ويستخدمونهم دروعاً بشرية».

من جهة أخرى، قال مصدر أمني مسؤول إن «قوات الشرطة والأمن تواجه في منطقة جسر الشغور مئات المسلحين، الذين سيطروا لفترات متقطعة على بعض الاحياء»، مؤكداً أن «قوات الأمن نجحت في تطهير أحد الأحياء الذي سيطرت عليه التنظيمات المسلحة بينما تدور حالياً اشتباكات بين قوات الأمن والشرطة وهذه التنظيمات المسلحة».

وقال وزير الداخلية «شهدت سوريا في الأيام الماضية هجمات مسلحة ومركزة استهدفت دوائر حكومية ومباني عامة وخاصة ووحدات شرطية ومراكز أمن في عدد من المناطق، كان آخرها في منطقة جسر الشغور، حيث قامت مجموعات إرهابية مسلحة بحرق وتدمير عدد من هذه المواقع، واستخدمت الأسلحة مطلقة الرصاص والقنابل اليدوية على موظفي هذه المواقع من مدنيين وعسكريين».

وأكد الشعار أنه «انطلاقاً من مسؤولية الدولة في الحفاظ على حياة المواطنين من مدنيين وعسكريين وحماية المنشآت الحكومية التي هي ملك الشعب فإننا سنتعامل بحزم وقوة ووفق القانون، ولن يتم السكوت عن أي هجوم مسلح يستهدف أمن الوطن والمواطنين».

وقال وزير الإعلام عدنان محمود، من جهته، إن «هذه التنظيمات أقدمت على نصب عدد من الكمائن وارتكاب مجزرة أودت بحياة أكثر من 120 من قوى الشرطة والأمن وسيطرت لفترات زمنية متقطعة على عدد من القرى».
وأوضح أنه «وبعد اشتباكات عنيفة دارت بين هذه التنظيمات المسلحة وقوى الأمن تبين أن عددها كبير، وأنها تستخدم أسلحة متوسطة وقنابل، ما استدعى بدء تحرك قوات من الجيش بعد نداءات استغاثة من قبل السكان المدنيين وذلك لوضع حد لهذه التنظيمات الإرهابية المسلحة».

من جانبه، قال ناشط في اتصال هاتفي مع فرانس برس في نيقوسيا إن «إطلاق نار تلاه انفجار سمع في المقر العام للأمن العسكري (في جسر الشغور)، ويبدو انه حصل اثر عملية تمرد». واوضح ان الامور بدأت امس الاول حين اطلق «قناصة» النار على متظاهرين في المدينة ما ادى الى مقتل عشرة من هؤلاء. وعلى الأثر، قام المتظاهرون بالتجمع حول المقر العام للامن العسكري.

واضاف «سمع بعدها اطلاق نار تلاه انفجار داخل» المقر، لافتاً الى ان «العديد من سكان المدينة فروا منها». وأكد ناشط آخر انه سمع اطلاق نار في المقر العام للامن العسكري، وقال «اعتقد انهم اعدموا عناصر من الشرطة رفضوا اطلاق النار على متظاهرين». واضاف «حصل تمرّد في صفوف الاجهزة الامنية».

إلى ذلك، استعرضت القيادة المركزية للجبهة الوطنية التقدمية في اجتماع، برئاسة نائب رئيس الجبهة سليمان قداح، «الأوضاع العامة في البلاد ومحاولات البعض إشاعة الفوضى والقيام بأعمال تخريبية تمس أمن الوطن وسلامة المواطن». وعبرت «القيادة عن ثقتها في وعي شعبنا وقدرته على القضاء على المؤامرة، وعلى تجاوز الحالة الراهنة».

وقال وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو، في مقابلة مع قناة تركية، إن سوريا هي اهم دولة عربية في عملية السلام. واضاف «لها حدود مع لبنان والعراق واسرائيل والاردن وتركيا. وعلى عكس ليبيا وتونس، فإن هناك تنوعاً طائفياً فيها. ولكن بالنسبة الينا فإنه يجب ان يكون هناك تغيير سياسي، ولكن يجب ان يكون سلمياً».

وكرر داود اوغلو ضرورة القيام بإصلاحات شاملة في سوريا فوراً بسبب تصاعد التوتر والعنف فيها في الفترة الاخيرة. واشار الى ان العديد من الناس قتلوا في سوريا، موضحاً «يجب ان تنتهي التوترات في سوريا. ان تطبيق الاصلاحات هي الطريق الوحيد لإنهاء التوترات هناك».

وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون مجدداً عن قلقه «إزاء تقارير قتل وتعذيب الأطفال في سوريا». وقال «لقد لاحظنا إعلان الحكومة السورية العفو والدعوة للحوار، لكن لسوء الحظ فقد تم تجاوز ذلك من خلال الأحداث الأخيرة». وأضاف «أنا أشعر بالقلق خصوصاً من تقارير عن الأطفال الذين قتلوا أو تعرضوا للتعذيب، ويجب التحقيق في هذه القضايا بدقة وتقديم مرتكبيها للعدالة. ومرة أخرى، ندعو الحكومة السورية إلى احترام حقوق شعبها».
وأدانت جماعة الإخوان المسلمين في الاردن، في بيان، ما يجري على ارض سوريا من «جريمة مروّعة يندى لها جبين الانسانية»، مؤكدة ان «أي زعيم يأمر بإطلاق النار على شعبه الاعزل ويصادر حقه في التعبير ويسحق حركته بالحديد والنار قد فقد شرعية وجوده وسلطته».

السابق
الانوار: لبنان عالق في استراتيجية الإنتظار والنتائج كارثية
التالي
الاخبار: التفاصيل السهلة عقبات أمام ولادة الحكومة