السفير: اليمـن يـدخـل مرحلـة مـا بعـد صـالـح

دعت واشنطن، أمس، إلى «انتقال فوري» للسلطة في اليمن، التي يتواجد رئيسها علي عبد الله صالح في الرياض للعلاج، فيما حثّ قادة فرنسا وألمانيا وبريطانيا وايطاليا واسبانيا في بيان مشترك جميع الأطراف في اليمن على احترام الهدنة التي توسّطت فيها السعودية بهدف وقف القتال. وأعلنت دول مجلس التعاون الخليجي استئناف العمل من اجل تنفيذ مبادرتها اليمنية الخاصة بنقل السلطة
.
وفي الوقت الذي كان فيه نائب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي يبحث مع المعارضة سبل الخروج من الأزمة السياسية، طالب شباب «الثورة الشعبية» بتشكيل مجلس رئاسي انتقالي يضم القوى الوطنية كافة لإدارة شؤون البلاد وتشكيل حكومة بعد مغادرة صالح البلاد والعمل على صياغة دستور جديد.

وأكد البيت الأبيض أن «انتقالاً فورياً» للسلطة في اليمن سيكون «في مصلحة» سكان هذا البلد، وذلك بعدما غادر صالح إلى السعودية لتلقي العلاج. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني، خلال مؤتمر صحافي، «نريد انتقالاً سلمياً ومنظماً (للسلطة)»، مؤكداً أن «انتقالاً فورياً هو لمصلحة سكان» اليمن.

وكرر كارني أن الولايات المتحدة تدعم «اتفاق (انتقال السلطة) الذي لم يوقعه الرئيس صالح»، في إشارة الى الخطة التي اقترحها مجلس التعاون الخليجي والتي تلحظ استقالة الرئيس اليمني مقابل حصوله على حصانة.
وكانت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون أكدت الأمر ذاته، بالرغم من رفضها التعقيب على ما إذا كان يتعين على صالح العودة من السعودية حيث يتلقى العلاج. وقالت، رداً على سؤال عما اذا كان صالح ينبغي ان يظلّ في الخارج، «نحن نعتقد ان انتقال السلطة على الفور في مصلحة الشعب اليمني الفضلى».

واضافت كلينتون، في مؤتمر صحافي مع وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه، «ما يعانيه اليمن حالياً من عدم استقرار وانعدام للأمن لا يمكن التصدي له الا عندما تكون هناك عملية ما، يعرف الجميع انها ستؤدي إلى الإصلاحات الاقتصادية والسياسية التي ينشدونها».

وقال المتحدّث باسم وزارة الخارجية مارك تونر، في مؤتمر صحافي، إن صالح «في السعودية يتلقى علاجاً طبياً. هناك حكومة مدنية ما زالت موجودة في اليمن. نعتقد أن الوقت حان الآن للبدء في انتقال سلمي نحو عملية ديموقراطية».
وتوقعت مصادر أميركية ألا يعود الرئيس اليمني مجدداً إلى الرئاسة بعد قيامه بنقل سلطاته إلى نائبه إثر إصابته بجروح في قصف استهدف المجمع الرئاسي الجمعة الماضي. وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن السعوديين «سعوا منذ البداية إلى تنحية صالح عن السلطة ونقلها إلى نائبه كما جاء في مبادرة خليجية رفض الرئيس اليمني توقيعها لأسابيع». وأضافت أنه «بالرغم من أن مغادرة صالح لليمن قد تحدّ من التوترات في صنعاء على المدى القصير، فإن مخاوف كثيرة ترافق الفراغ السياسي واحتمال أن تبدأ فصائل المعارضة والمحتجون الشباب في قتال بعضهم البعض».

إلى ذلك، دعا قادة فرنسا وألمانيا وبريطانيا وايطاليا واسبانيا جميع الأطراف في اليمن إلى احترام الهدنة التي توسطت فيها السعودية بهدف وقف القتال. وقال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورؤساء حكومات ايطاليا سيلفيو برلوسكوني وبريطانيا ديفيد كاميرون وأسبانيا خوسيه لويس ثاباتيرو، في بيان مشترك، «نحثّ جميع المسؤولين المدنيين والعسكريين في اليمن على احترام الهدنة التي أعلنها الملك عبد الله».
وأعلن مجلس الوزراء السعودي، في بيان، أن «دول الخليج العربية ستواصل العمل على التوصل إلى اتفاق لنقل السلطة في اليمن»، وأن الرياض «ستبذل كل جهد ممكن لمساعدة اليمنيين على الوصول إلى حلّ سلمي». وأعرب «مجلس الوزراء عن الأمل في أن توقع كل الأطراف المبادرة الخليجية لحل الأزمة اليمنية والحفاظ على امن اليمن واستقراره ووحدته».

وقال وزير الثقافة والإعلام السعودي عبد العزيز خوجة، في بيان، إن الرياض «جدّدت استمرارها في بذل كل ما من شأنه مساعدة الأشقاء في اليمن في التوصل إلى حل سلمي يوقف هذا الاقتتال ويحقق المصالح العليا، ويحول دون تدهور الأوضاع في اليمن».

وتنصّ المبادرة الخليجية على تشكيل حكومة وحدة وطنية وتنحي صالح وتسليم صلاحياته إلى نائبه في غضون 30 يوماً ثم تنظيم انتخابات رئاسية بعد 60 يوماً.
من جهته، أكد الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني، في بيان، أن «دول المجلس سعت من خلال المبادرة للعمل مع الأطراف المعنية للخروج من الأزمة تأكيداً لموقفها الثابت والداعم لليمن وشعبه الشقيق، وبما يحقق آماله المشروعة». وشدّد على أن «المبادرة الخليجية لا تزال تمثل الحل الأنسب، ويمكن لدول المجلس تفعيلها ومتابعة تنفيذها، إذا أعلنت الأطراف اليمنية جميعها الموافقة عليها».

وبدأ صالح يتعافى بعد جراحة أجريت له في السعودية لاستخراج شظية من صدره، في الوقت الذي تماسكت فيه على ما يبدو هدنة بين قواته ومقاتلي زعيم قبيلة «حاشد» الشيخ صادق الأحمر. وأعلن هادي أن صالح «في تحسن وتعافٍ كبير وسيعود إلى ارض الوطن خلال الأيام المقبلة».

وأكد مصدر يمني مسؤول أن هادي يرافقه وزير الخارجية أبو بكر القربي التقى رئيس «اللقاء المشترك» (المعارضة البرلمانية) ياسين سعيد نعمان. وقال المصدر «إن اللقاء تركز حول بحث ومناقشة آلية للخروج من الأزمة السياسية الحالية التي يعيشها اليمن».

وقال ائتلاف المعارضة إنه يساند نقل السلطة إلى نائب الرئيس. وأكد القيادي في «المشترك» سلطان العتواني أن «المعارضة تساند النقل الكامل للسلطة إلى هادي»، مضيفاً أنه في حالة فشل ذلك فإن المعارضة وشباب الثورة لديهم خيارات بديلة، وهو ما يعني تشكيل مجلس انتقالي.

من جهتهم، طالب شباب «الثورة الشعبية» بتشكيل مجلس رئاسي انتقالي يضم القوى الوطنية كافة لإدارة شؤون البلاد وتشكيل حكومة بعد مغادرة صالح البلاد. ودعت اللجنة التنظيمية للشباب «القوى الوطنية والأطياف السياسية كافة للبدء بتشكيل مجلس رئاسي موقت يمثل القوى الوطنية كافة يتولى تكليف حكومة كفاءات لإدارة المرحلة الانتقالية». كما دعوا إلى «تشكيل مجلس وطني انتقالي يمثل الشباب والقوى الوطنية كافة والعمل على صياغة دستور جديد يلبي تطلعات الشعب اليمني للحرية والكرامة والعيش الكريم».

وأعلن الشباب أنهم يحتفلون «بإنجاز أول أهداف ثورتهم، وهو إقصاء صالح عن الحكم»، لكنهم أكدوا بدء «مرحلة جديدة من النضال السلمي» لذا تعهّدوا بمواصلة اعتصاماتهم «حتى تتحقق كافة أهداف الثورة ومطالبها».

وأكد مدير مكتب الشيخ صادق، عبد القويّ القيسي، استمرار الالتزام بالاتفاق الخاص بوقف إطلاق النار الذي تمّ التوصل إليه بين كل من الأحمر ونائب الرئيس اليمني، رغم استمرار «التجاوزات التي تقوم بها القوات الموالية للرئيس صالح والتي أدّت إلى جرح اثنين من أنصار الشيخ صادق الأحد ومقتل اثنين آخرين» أمس. ونفى القيسي ما تردّد في وسائل الإعلام عن أن القتيلين من آل الأحمر، موضحاً أنهما «من أفراد الحراسات الموالين للشيخ صادق في حي الحصبة، وتمّ قتلهما بوساطة رصاص قناصة صالح».

السابق
ليختر الجنين اسمه!
التالي
الحلفاء اللبنانيّون لنظام سوريّة