مجموعة الازمات الدولية: لا بد من خرق سياسي في ليبيا

كلما طال أمد الصراع العسكري، كلما تعرضت الأهداف المعلنة للمعسكر المناهض للقذافي والهدف المعلن لتدخل حلف شمال الأطلسي المتمثل بحماية المدنيين للتقويض.
"الاحتجاجات الشعبية في شمال أفريقيا والشرق الأوسط (الجزء الخامس): فهم الصراع في ليبيا "، وهو أحدث تقارير مجموعة الأزمات الدولية، يدرس الوضع في ليبيا ويحذر من أن الإصرار على رحيل القذافي كشرط مسبق لأية مبادرة سياسية يعني إطالة أمد الصراع العسكري وتعميق الأزمة. بدلاً من ذلك، ينبغي أن تعطى الأولوية لضمان التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار والتفاوض بشأن الانتقال إلى نظام سياسي لمرحلة ما بعد القذافي. بهذا المعنى، ينبغي التمييز بين "رحيل" القذافي – بمعنى توقفه عن الاضطلاع بأي دور سياسي أو التمتع بأي سلطة – كعنصر أساسي في المحصلة السياسية النهائية المرغوبة و"رحيله" الفوري كشرط مسبق لكل ما عداه.
يقول هيو روبرتس، مدير مشروع مجموعة الأزمات الدولية لشمال أفريقيا: "إ ن الإصرار على أن يغادر البلاد وأن يمثل أمام المحكمة الجنائية الدولية يعني عملياً ضمان بقائه في ليبيا حتى آخر رمق؛ وذلك يجعل وقف إطلاق النار ضرباً من المستحيل ويزيد من احتمال استمرار الصراع المسلّح".
وعلى عكس الأحداث في تونس ومصر المجاورتين لليبيا، تحولت المواجهة التي بدأت في منتصف شباط /فبراير بين حركة الاحتجاج الشعبية ونظام القذافي إلى حرب أهلية في مرحلة مبكرة جداً. ويعزى هذا بشكل كبير إلى تاريخ البلاد، خصوصاً الطابع المنفرد بذاته للنظام السياسي الذي أقامه العقيد القذافي ورفاقه في سبعينيات القرن المنصرم. في حين كانت مصر وتونس دولتان راسختان قبل تسلم الرئيسين مبارك وزين العابدين بن علي مقاليد السلطة في عامي 1981 و 1987 على التوالي، وكان في كلا الحالتين للدولة وجود مستقل عن حكمهما الشخصيين، وتمكنت الدولة من الاستمرار بعد رحيلهما، فإن العكس كان صحيحاً في الحالة الليبية. ونتيجة لذلك، اتخذ النزاع طابع الصراع العنيف من أجل الحياة أو الموت.
إن تحقيق اختراق سياسي يمثّل أفضل السبل للخروج من الوضع المكلف الذي سببه المأزق العسكري. و يتطلب هذا وقفاً لإطلاق النار بين النظام والمجلس الوطني الانتقالي المؤقت، ونشر قوة لحفظ السلام لمراقبة وضمان هذا الأمر وبتفويض من الأمم المتحدة، والشروع بمفاوضات جدية بين النظام و ممثلي المعارضة للتوصل إلى اتفاق على الانتقال السلمي إلى نظام سياسي جديد أكثر شرعية. ينبغي على قوات حلف شمال الأطلسي والدول الداعمة لأعمالها العسكرية أن تيسّر هذا التطور، لا أن تعيقه.
يقول روبرت مالي، مدير برنامج مجموعة الأزمات الدولية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، "ستكون مسؤولية المجتمع الدولي في المسار الذي ستأخذه الأحداث كبيرة جداً. بدلاً من المحافظة على السياسة الحالية بعناد والمخاطرة في أن تعم الفوضى الخطيرة في أعقاب الأحداث الحالية، ينبغي أن يتحرك المجتمع الدولي الآن لضمان التوصل إلى إنهاء الحرب الأهلية وتسهيل الشروع في حياة سياسية جديدة في ليبيا".

السابق
عزف مذهبي جديد
التالي
اسرائيل تنصب كاميرات مراقبة