لبنان على البسكليت

تشتاق سارة كثيراً إلى ركوب دراجتها. هذا أوّل الأمور التي افتقدتها الفرنسية لدى وصولها إلى بيروت منذ ثمانية أشهر. فبعدما طفحت الشوارع بسياراتها، وفي ظلّ عدم تطبيق قوانين السير، باتت المدينة متوحشة بالنسبة إلى سائقي الدراجات. لكن هؤلاء وجدوا فرصتهم أخيراً في الدعوة التي أطلقتها جمعية «الخط الأخضر» في اليوم العالمي للبيئة الذي صادف أمس، عبر إحياء «ثقافة الدراجات الهوائيّة»؛ إذ دعت الجمعية مع التجمّعات الشبابيّة «كريتيكال ماس بيروت» «إيكو بايك» في بيروت، «الأسكلة ع البسكلة» و«الميناء بايك» في طرابلس و«تور إن صور» في مدينة صور، اللبنانيين إلى أن يتركوا سياراتهم مركونة واستعمال الدراجات الهوائيّة في جولة انطلقت ظهراً من الحمرا وانتهت في البيال، مروراً بعين المريسة والروشة. كذلك، نُظّمت جولات مماثلة ضمن حملة الجمعية «للمطالبة بحق المواطن في النقل المستدام»، العاشرة صباحاً في طرابلس والخامسة والنصف مساءً في صور.

الهدف من الحملة هو تشجيع المواطن على استخدام النقل العام وطرق النقل غير الآلية كالدراجات الهوائيّة وتقليل الطلب على السيارات الخاصة، إنشاء بنية تحتيّة تتلاءم مع طرق النقل غير الآلي وتسهيل حركة المشاة (طرقات خاصة بالمشي والدراجات) لتفعيل ثقافة «الدراجات الهوائيّة»، وضع خطّة للنقل البرّي ضمن خطة تنسجم مع مفهوم «النقل المستدام» إضافة إلى تطبيق خطّة وطنية للنقل العام لإنشاء بنية تحتية منظّمة لهذا القطاع.

في شارع الحمرا الرئيسي، تجمّع قلّة من الناس مع درّاجاتهم قبل الانطلاق. نحو 20 شخصاً هم المتحمّسون فقط للدفاع عما بقي لهم من مساحات خضراء ولحثّ الناس على استعمال وسائل نقل صديقة للبيئة. بين المشاركين شباب وعائلات مع أطفالهم، إنه اليوم الوحيد الذي يسمح به رالف كلينجبايه، الألماني الجنسية، لأولاده باستعمال الدراجة في شوارع بيروت. هكذا يكوّن الأجانب مع اللبنانيين الذين أمضوا فترة من حياتهم خارج البلاد، وقود هذه التجربة؛ إذ يبدو أنّ شعار الحملة «خلّي سيارتك بالبيت… لحقنا بالبسكليت» لم يفلح في جعل اللبنانيين يتخلون عن سياراتهم. يقول مسؤول تجمّع «تور إن صور» رائد قاسم إنّ «أحد أهداف هذه الحملة هو إبعاد اللبنانيين عن فكرة أنّ السيارة «كلاس»، والقول لهم إنّ الوسائل الأخرى ممكنة». لكن معظم المشاركين يبدون تخوّفهم من قيادة دراجاتهم في بيروت، فيما تصف لينا يريتسيان الموضوع بالـ«خطير»، ولا يتعدى موضوع قيادة الدراجة للتسلية على الكورنيش. وحده عزّت جارودي يواظب على «امتطاء» درّاجته كل يوم إلى العمل منذ ثماني سنوات. لكن ليس أيّ كان يمكنه أن يفعل ذلك برأيه، «فهنا يجب أن تقود الدراجة كما تقود السيارة «المطاحشة» معهم تجعلهم يتنبهون إلى وجودك لتنجو بحياتك». إذاً، هي «المطاحشة» بالدراجة أو الاكتفاء بالكورنيش حتى يقرّر المزيد من الناس الانضمام إلى جارودي كي تفكّر الدولة أخيراً بإنشاء ممرات خاصة بالدرّاجات.

السابق
حكي سرفيسات
التالي
الديموقراطية ليوم غضب في المخيمات اليوم