لبنان يمنع استيراد الخضار الأوروبية حتى تتضح طبيعة البكتيريا

شكّل قرار وزارة الزراعة الصادر أمس، بمنع استيراد الخضار من الدول الأوروبية كافة، ارتياحا، لدى المستهلكين والمزارعين، خصوصا أن البكتيريا المعوية التي حصدت عشرات الإصابات والأرواح في أوروبا، لم يتضح مسارها بعد، نتيجة تحورها، وفشل المضادات الحيوية في الحدّ منها.

ويمنع القرار الذي وقّّعه وزير الزراعة د. حسين الحاج حسن، فورا «استيراد جميع أنواع الخضار الطازجة، بما فيها الفطر، من الدول الأوروبية كافة»، وذلك حتى إشعار آخر، «نظرا لتلوث قسم من الخضار الطازجة ببكتيريا سببت موت العديد من الأشخاص في أوروبا لتناولهم خضارا طازجة، وحفاظا على الصحة والسلامة العامتين».

وفيما لم تسجل أي إصابة في لبنان بالبكتيريا، قال الحاج حسن بعد افتتاحه أمس، مختبرات الصيدلة النباتية في كفرشيما التابع لوزارة الزراعة بعدما أعادت الوزارة تأهيله وتجهيزه: «إن المعلومات تشير إلى أن هناك حالات تسمم من بكتيريا الايكولاي أو النيوسترايت، ربما لأنه لا معلومات رسمية بعد عن الموضوع». أضاف: «ذكرت المعلومات أن هناك حالات وفاة وتسمم لدى عدد من المواطنين في دول أوروبا، وطبعا نأسف لحصول هذا الأمر، ويهمنا سلامة الغذاء في كل دول العالم. وقد اجتمعنا في الأمس (أمس الأول) مع الفريق الكامل في الوزارة، وبعد الاطلاع على الإجراءات التي اتخذت في عدد من دول العالم، أعلن إيقاف استيراد الخضار من أوروبا بشكل موقت حتى تتبين، وتتضح الصورة. وقد وقعت القرار اليوم صباحا (أمس)، وكل شحنة ستصل إلى لبنان بعد توقيع القرار لن تدخل البلاد، لأننا حتى الآن لا نعرف حجم الخطر أو مدى انتشاره. وحتى في أوروبا ليست هناك رؤية واضحة عن الموضوع، رغم توافر المختبرات الحديثة لديهم».

وبالنسبة للشحنة التي وصلت أمس الأول من أوروبا، أوضح «أخذنا العينات اللازمة، ويتم فحصها، لكن الخضار الطازجة لا تتحمل وقتا للفحص، كما ان ليس هناك براد في المطار. لهذا جاء قرارنا واضحا، مع العلم أننا لا نستورد الخضار بشكل كبير، ولن يؤثر هذا الموضوع على السوق المحلية».
عدم امكانية فحص البكتيريا الجديدة
وأوضح مدير مختبر كفرشيما د. سالم حيار: أن قرار المنع «هو وقائي، لعدم إمكانية مختبراتنا من فحص «البكتيريا»، وخوفا من أن يستفيد بعض التجّار من الحالة الأوروبية، فبدلا من أن تذهب البواخر الناقلة للإنتاج الزراعي الأوروبي إلى التلف، أن ترسل إلى الدول العربية، ومن ضمنها لبنان».

وفي بروكسل، اعتبرت المفوضية الأوروبية أن القرار اللبناني «مبالغ فيه»، حيث اعتبر المتحدث باسم المفوضية للشؤون الصحية فريدريك فنسان أن «أي حظر شامل على الخضار الأوروبية مبالغ فيه».
وتتسبب بكتيريا «اي.كولاي 0104» أو «اشريكيا كولاي» بنزيف في الأمعاء، والحالات الحادة منها بفشل كلوي، وانحلال في الدم. وأصيب أكثر من ألفي شخص في ألمانيا بالبكتيريا، بينما أصيب آخرون في مختلف أنحاء أوروبا وحتى في الولايات المتحدة، ويبدو أن كل المرضى عبروا من المانيا.
التبادل مع دول الاتحاد 121،232 مليون دولار
وبلغ التبادل التجاري للمنتجات النباتية في العام الماضي: التصدير 154،117 مليون دولار (601،288 طنا)، والاستيراد 715،648 مليون دولار (1،415،060 طنا)، وحصة التبادل التجاري مع دول الاتحاد الأوروبي منه، تبلغ: التصدير 7،912 ملايين دولار (2،273 طنا)، والاستيراد 113،320 مليون دولار (201،970 طنا)، ما مجموعه 121،232 مليون دولار، أي ما نسبته 15 في المئة من مجمل التبادل للمنتجات النباتية.
وأبدى نقيب أصحاب الصناعات الغذائية اللبنانية جورج نصراوي ورئيس جمعية المزارعين أنطوان الحويك عبر «السفير»، ارتياحهما لقرار وزارة الزراعة، مؤكدان أنه إيجابي، ويعد خطوة احترازية ضرورية لحماية المستهلك، والانتاج المحلي.
واعتبرا أن الأوروبيين لن يعاملونا بالمثل، أي بمنع صادراتنا الغذائية، وذلك لأن خضارنا سليمة غير ملوثة، إضافة إلى ذلك أن قرار المنع، ليس سياسيا، بل وقائيا.

وأشارا إلى أن الكميات المصدرة والمستوردة لن تؤثر على السوق المحلي بشكل كبير، حيث معظم ما نستورده من أوروبا ليس منتجا شعبيا، إذا صح التعبير، وهو يوزع غالبا، في السوبر ماركات الضخمة، وبعض الفنادق والمطاعم، مؤكدان أن كل منتج يدخل إلى السوق المحلي، بات يخضع للفحص في المختبرات.
الخضار… إنتاج لبناني وسوري وأردني
وإذا من الممكن انتقال البكتيريا عبر الزراعات المحلية، أفاد الحويك أن «الممارسات الزراعية في لبنان غيرها في أوروبا، كذلك التربة والمناخ وعمليات التبريد والحفظ، فطرقنا الزراعية لازالت إلى حد بعيد تقليدية»، موضحا أن «الخضار الموجودة في السوق المحلي هي إنتاج لبناني وسوري وأردني».

وعن ريّ المزروعات بالمياه المبتذلة، أكد أن «مصادر المياه موجودة بكثرة، وتاليا لم يحتج المزارع إلى مصدر آخر للري»، مشيرا إلى «أن استخدام المياه المبتذلة في القطاع الزراعي محدودة جدا، فضلا عن ذلك، تبين أن البكتيريا المنتشرة في أوروبا هي نوع جرثومي جديد متغير».
المعلبات المستوردة من أوروبا
بدوره، أوضح نصراوي أن القرار لا يشمل المعلبات الغذائية، وهي في أغلبها تصنّع محليا، لافتا إلى أن مراحل إنتاج الخضار المصنعة تمر في مراحل عديدة ، قبل وصولها للمستهلك، ما يقضي على كل أنواع البكتيريا، وهي: غسل الخضار في المعمل، درجة غليان عالية، ثم التعقّيم والتعليب.

ورأى نصراوي أن «القرار ذو حدين، فصحيح أنه سيكون قاسيا على الصناعيين والتجّار، إلا أنه سيطمئن المستهلك»، مشيرا إلى «أن 80 في المئة من سلتنا الغذائية مستورد، وهذا خطر على الميزان التجاري»، مطالبا الدولة بدعم الصناعات الغذائية، وتشجيعها لتتمكن من سد حاجات السوق.
أما عن المعلبات المستوردة من أوروبا، فهي مواد خام غير مصنوعة محلية، ومنها: الفطر، الهليون، أرضي شوكي، ذرة، طن، سردين، وجزء من اللحوم.
«العدوى النادرة» تجتاح ١٢ دولة
وأمام زيادة المخاوف بسبب المصاعب التي يواجهها الأطباء في أوروبا في معالجة «العدوى النادرة»، واصلت بكتيريا «اشريكيا كولاي»، التي تتركز في شمال ألمانيا، انتشارها لتشمل ١٢ دولة أخرى، وذلك وسط مخاوف متزايدة بشأن خطورة السلالة الجديدة.
وذكرت منظمة الصحة العالمية في بيان أمس: «أنه وحتى يوم الخميس سجلت 1122 حالة إصابة بالبكتيريا المسببة للنزيف الداخلي، فيما تسببت إي كولاي في إصابة 502 حالة بمتلازمة تحلل الدم، المصحوبة بتسمم الدم جراء ارتفاع نسبة البولينا /يوريا/ وهو نوع من أنواع الفشل الكلوي».

وتسبب تفشي البكتريا حتى الآن في وفاة 17 شخصا في ألمانيا، وحالة واحدة في السويد، وكان معظم الضحايا من السيدات. وتشمل قائمة الدول التي سجلت بها إصابات: ألمانيا، النمسا، جمهورية التشيك، الدنمارك، فرنسا، هولندا، النرويج، السويد، أسبانيا، سويسرا، بريطانيا، الولايات المتحدة.
وعلى الرغم من تبرئة الخيار الأسباني، من مسؤولية تفشي البكتيريا، فإن متحدث باسم وزارة الصحة الألمانية، شدد على المستهلكين تجنب تناول الخيار والطماطم والسلطات الطازجة.

وكان الحاج حسن أعلن في افتتاح «مختبرات الصيدلة النباتية» في كفرشيما، البدء في فحص الأدوية البيطرية، وصولا إلى فحص المتبقيات في ما بعد، خصوصا أن هذا الملف لم يكن مفتوحا بشكل واسع. وقال بحضور المدير العام للوزارة سمير الشامي، ممثل عن دائرة الصحة الحيوانية د. غازي يحيى، مدير معهد البحوث الصناعية د. بسام الفرن، ممثل جمعية حماية المستهلك د. زهير برو، مدير المختبر د. سالم حيار، وفريق عمل المختبر المؤلف من 6 كيمائيين و7 اختصاصيين في البيولوجيا ومهتمين: «باشرنا العمل فيه بعد ان استكملنا كل التحضيرات اللازمة لموضوع الأدوية البيطرية، وسيلتحق قريبا، فريق مختص في هذا الشأن بمختبر كفرشيما. وقد دعونا كل المختبرات لأن تكون حاضرة في هذا اللقاء، لنثبت ونؤكد التفاهم والتعاون مع كل المختبرات في القطاعين العام والخاص في لبنان، تثبيتا لمبدأ التكامل والتعاون حفاظا على سلامة الغذاء».
فحص 15 إلى 20 عينة خضار وفاكهة يوميا
وتنحصر مهمة المختبر في تحليل الأدوية الزراعية المحلية والمستوردة، ومطابقة المبيدات للمواصفات العالمية. وساهم المختبر لهذا العام في إعطاء 493 تحليلا للأدوية الزراعية التي تستعمل لفاكهة العنب والتفاح، وذلك بعد تدريب نحو 126 طالبا من الجامعات الخاصة على التحاليل وكيفية التعاطي مع المبيدات والأدوية. وتساعد المعدات الجديدة وآلات المختبر الحديثة وفق حيار، «في فحص الشوائب بطريقة علمية صرفة، والتي زادت من إمكانات المختبر الذي ينفذ فحص 15 إلى 20 عينة خضار وفاكهة يوميا، وأصبح بإمكان المختبر الكشف على كل المبيدات المسجلة في لبنان ما عدا الزيوت والغازات، ويمكن اعطاء النتيجة بعد سبعة أيام فقط».

وفي وقت سابق، افتتح الحاج حسن، ورشة تدريب المدربين ضمن البرنامج الإرشادي في وزارة الزراعة – قطاع الدواجن في نقابة المهندسين في الكولا. وقال عن الإنتاج الحيواني في لبنان: «نحن نستورد 85 في المئة الى 90 في المئة من اللحم الأحمر، وحوالى 50 في المئة دواجن و50 في المئة حليب. وأوضح أن الظروف السياسية عاكستنا، ولكن يجب الحفاظ على قطاع الدواجن والحليب، معتبرا أن هذا القطاع موجود، لذلك على الدولة الحفاظ عليه، لافتا إلى ان مشكلته مرتبطة بالاستيراد مثل الإعلان والأدوية والصيصان، بالإضافة إلى الأخطاء الشائعة عند المزارعين، مشيرا الى محاولات المزارعين تطوير أنفسهم.

ودعا الدولة إلى التدخل في وسائل الحماية، إما برسوم إضافية على الاستيراد، أو دعم مالي على التصدير أو دعم مباشر، أو باعتماد هذه الطرق لتحقيق التوازن.

السابق
النبطيـة:حـرائـق مربحـة تستخرج النحاس من الإطارات المطاطية
التالي
العريضي يشارك بحملة ضد التدخين