من أين يبدأ إلغاء النظام الطائفي في لبنان؟

عندما سارت مسيرة إسقاط النظام الطائفي الأولى، في آذار الفائت، من كنيسة «مار مخايل» إلى قصر العدل، كانت الحماسة مزروعة في نفوس المشاركين، وامتزجت دموع الفرح بحبّات المطر الغزيرة. كانوا قلّة، غير أن أحلامهم، كانت كبيرة.
مرّت الأيام، ونظمت مسيرات مشابهة في مناطق لبنــانية متعــددة، سبقتها، وأعقبتها، اجتماعات مكثفة، شهدت الوفاق والخصام في آن، تحت سقف أطلق عليه المشاركون أنه سقف «الثورة». وكان عزاء إشكالاتهم الفردية أنها تساهم في بلورة الأفكار، وتنقيتها، قبل خروجها إلى العلن.

يوماً بعد يوم، اكتشف المشاركون أن المشوار طويل: لبنان ليس تونس أو مصر. قالوا انهم كانوا مدركين للمعضلة الأساسية، لكنهم أبوا أن يجلسوا مكتوفي الأيدي، إزاء «الربيع العربي». فردوا أياديهم على وسعها، مطلقين العنان لأحلام عاشت في ثناياهم منذ أن عرفوا الظلم اللاحق بهم، بسبب نظام طائفي.

اليوم، خفّ وهج المسيرات، واختبأت الحملة في الظلام، فيما الحلم لم ينطفئ: «سنرمم ما أفسده زعماء لبنان، حجراً بعد حجر، بسواعدنا التي أريد لها أن تُبتر، لكنها ستبقى عصية على التكتيف، ولو استغرق الأمر سنوات» يقولون.
وعلى الرغم من «انحسار» موجة الحماسة، لأسباب متعددة، إلا أن البلاد تشهد حراكا مدنيا غير مسبوق، هدفه تغيير مجموعة من القوانين والأحكام التي تثبت حكم الطوائف وزعمائها على حياة العباد، من مشاريع قوانين الأحوال الشخصية مرورا بقانون منح المرأة الجنسية لأولادها، ومكافحة العنف الأسري و الانتخابات النسبية، وأوضاع السجون الخ…

إلا أن ذلك الحراك يبقى محصورا في مؤسسات المجتمع الأهلي، من دون أن يستقطب أي تأييد شعبي فعلي (إلا ضمن الفئات الملتاعة من القوانين الحالية)، وهو يواجه ممانعة متسميتة من قبل كل الأطراف المستفيدة من استمرار الوضع القائم، من مسؤولين ومؤسسات دينية ودنيوية.

في ما يلي، يتشر عرضا أعدته "الدولية للمعلومات" حول أسس النظام الطائفي ومفاتيحه في البلاد ، بالإضافة إلى استطلاع لآراء بعض المواطنين في الضاحية الجنوبية وفي الطريق الجديدة حول ما يعرفونه عن حملة إسقاط النظام الطائفي.
 

السابق
السيجارة إدمان والاقلاع عنها ممكن… وممتع
التالي
دوريات مكثفة لاسرائيل على الحدود