المستقبل: 14 آذار دعت بري لتوظيف مواهبه لمساعدة فريقه المأزوم

لم يعطِ رئيس مجلس النواب نبيه بري آذاناً صاغية لنصيحة قوى 14 آذار بـتوظيف مواهبه لمساعدة فريقه المأزوم على تشكيل الحكومة بدلاً من اختراع المعارك التعويضية، بدليل تأكيد دعوته أمس إلى عقد الجلسة العامة المقررة في الثامن من حزيران الجاري، لافتاً إلى أنه في حال لم يكتمل النصاب فستكون هناك دعوة إلى جلسة ثانية وثالثة ورابعة. ضارباً بعرض الحائط كل الاعتبارات الميثاقية والقانونية التي تؤكد أن لا إمكانية للتشريع في ظل غياب الحكومة. علماً أنه لم يكترث أيضاً لآراء هيئة مكتب المجلس النيابي، في اجتماعها أمس، إذ حاول غالبية الأعضاء إقناعه بالعدول عن دعوته من دون جدوى، ما حملهم على رفض وضع جدول أعمال الجلسة، فلم يحصل اتفاق حول بنوده، ما يحول قانوناً دون عقدها، لكن اللافت مع ذلك، أن دوائر المجلس النيابي وزعت جدول الأعمال، الذي لم يُتفق عليه، على النواب!.

وتجلى إصرار بري على فتح مواجهات جانبية لتغطية تعطيل حليف حليفه النائب ميشال عون لتأليف الحكومة من خلال تصعيد معاونه السياسي النائب علي حسن خليل رداً على ما اعتبره هجمة منظمة ضد رئيسه، فيما بدا أن رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط لا يعزف على موجة بري التصعيدية، بل يواصل رفع الصوت إزاء ما يحصل، وهو حذّر بالأمس من أن البلاد لا يمكن أن تستمر من دون حكومة، محملاً المسؤولية لفريق الأكثرية الجديدة بأننا لا نستطيع أن نكمل المشوار في هذا الطريق، لأن الفراغ يُملأ بالفوضى أو بالهريان الاقتصادي.

وتأسيساً على ما تقدم من محاولات الأكثرية الجديدة لملء الفراغ، يتضح أن تأليف الحكومة ما زال متعذراً، سيما وأن الأمين العام لـحزب الله السيد حسن نصر الله حاول ترميم الصورة بتأكيده ضرورة أن تستمر الجهود، لأنه ليس هناك أي خيار آخر، بل علينا مواصلة العمل للوصول الى حلول، لافتاً إلى أننا كأكثرية جديدة نعرف الصعوبات ونتفهم الخوف لدى البعض، ولكن علينا مساعدة الرئيس المكلف نجيب ميقاتي لأن أي انفعال سيؤذي هذه المساعي ولا يجوز أن ينال منا اليأس والإحباط.

وإذ تحدث نصر الله عن استئناف المساعي في الملف الحكومي، قللت مصادر قيادية في الأكثرية الجديدة من نجاعة الحراك الجاري نسبةً لحجم الإعاقات الداخلية والخارجية أمام تأليف الحكومة، ووضعت هذا الحراك في إطار تعبئة الفراغ.
وفي سياق متصل، جددت السفيرة الأميركية في بيروت مورا كونيللي، بعد لقائها الرئيس بري، التأكيد أنَّ المجتمع الدولي سوف يُقَيِّم علاقته مع أي حكومة جديدة في لبنان على أساس تركيبة مجلس الوزراء المقبل والبيان الوزاري والإجراءات التي ستتخذها الحكومة الجديدة في ما يتعلق بالمحكمة الخاصة بلبنان والتزامات لبنان الدولية الأخرى، لافتةً إلى أنَّ الولايات المتحدة تعتبر تركيبة حكومة لبنان قراراً لبنانياً حصرياً، ودعت جميع الأطراف في لبنان إلى حماية عملية تشكيل الحكومة من أي تدخل خارجي.
وبالعودة إلى الجدل الحاصل في موضوع جلسة 8 حزيران، فسّرت أوساط بعبدا لـالمستقبل موقف الرئيس سليمان من اللجوء الى المراسيم الجوالة للتمديد لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة بالقول اعتمدت المراسيم الجوالة مرة واحدة في عهد الرئيس أمين الجميل ورئيس الوزراء رشيد كرامي، ويومها كانت البلاد في عز انقسامها، وكانت الظروف تقتضي بتوقيع المراسيم تباعاً من الوزير المختص ورئيس الحكومة ورئيس الجمهورية، ما يعني أنه لم تكن يومها دولة لبنانية، بل رئيس جمهورية معزول ومهمش وكذلك الأمر بالنسبة لرئيس الحكومة.

وأضافت: هذا التوصيف لا ينطبق على الأوضاع التي تعيشها البلاد اليوم، بالرغم من الأزمة السياسية الحادة، فرئيس الجمهورية حريص على أن يكون لجميع اللبنانيين، وأبواب الحوار معه مفتوحة أمام كل الأطراف، وسيستمر في البحث عن حلول لأزمة تشكيل الحكومة مع المعنيين متسلحاً بما نص عليه الدستور، وبالتالي اعتماد المراسيم الجوالة للتمديد لسلامة، هي فكرة قيد الدرس يفضلها رئيس الجمهورية ويمكن اللجوء اليها في آخر المطاف في حال تعذر تشكيل الحكومة خلال هذه الفترة وحتى نهاية شهر تموز، وهو موعد انتهاء ولاية سلامة، وعندها تكون المراسيم الجوالة الملجأ الأخير على أن تكون لمرة واحدة وبشكل استثنائي للتجديد لحاكم مصرف لبنان نظراً لأهمية هذا الموقع.
وحول جدوى انعقاد جلسة مجلس النواب في 8 حزيران، رمت أوساط بعبدا الكرة في ملعب الرئيس بري، وقالت لـالمستقبل: هذا شأن يرجع البتّ فيه لرئيس المجلس، خصوصاً أن هناك أجواء تفاؤلية بقرب تشكيل الحكومة خلال الأسبوعين المقبلين على الأكثر.

وفيما بدا واضحاً احتدام الكباش السياسي بين فريقي 8 و14 آذار حول جلسة 8 حزيران، يبقى مصير انعقادها معلقاً على مشاركة الرئيس ميقاتي وكتلة النائب جنبلاط، سيما وأن الأخير لم يحسم موقفه بعد، بدليل رفضه خلال جولته على الرئيس سليم الحص والنائب تمام سلام الرد على سؤال حول ما إذا كان سيُشارك في الجلسة أم لا.
ومن جهته، أكّد رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع أنه لا يمكن عقد جلسة تشريعية لمجلس النواب بغياب حكومة وفي ظل حكومة تصريف أعمال لأن البرلمان هو سلطة تشريعية وليست تنفيذية.
واستغربت الأمانة العامة لقوى 14 آذار أن يتجاوز بري الدستور مرة بإقفال المجلس طيلة سنة ونصف السنة، ومرة أخرى لتنصيب نفسه مفسراً للدستور، ومرة ثالثة باختراع إمكان التشريع في ظل حكومة مستقيلة، ونصحته بتوظيف مواهبه لمساعدة فريقه المأزوم على تأليف الحكومة بدلاً من اختراع المعارك التعويضية، وأخطر ما جاء على لسان بري زعمه أن قوى 14 آذار تبحث عن شهيد لإثارة الفتنة، معتبرة أن هذا الكلام هو تطاول ضمني غير مسموح به لأي كان على رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري.
وجددت دعمها لموقف المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي لجهة حماية ممتلكات الدولة من أطماع الدويلات، ونوهت بموقفه القانوني والوطني، واعتبرت أن موقفه الأخير وطني وقانوني مؤكدة أن مؤسسة قوى الأمن الداخلي تشكل صمام الأمان الرسمي للبلاد.
وشددت على ضرورة التزام لبنان بالقرار 1701 بكامل مندرجاته، ما يقتضي سهر الجيش إلى جانب اليونيفيل على الأمن والاستقرار على الجانب اللبناني من الحدود في هذه اللحظة الإقليميّة الدقيقة، وبإزاء مخاوف من إقدام الأفرقاء الإقليميين المأزومين كلّ لأسبابه على تصدير أزماتهم إلى لبنان، وعبر جنوبه بشكل خاص.
ويأتي موقف 14 آذار بينما الأنظار متجهة إلى الحدود الجنوبية، مع بدء العد العكسي لإحياء ذكرى النكسة الأحد المقبل، وسط حذر يخيم على طول الحدود بالتوازي مع تكثيف الجيش اللبناني لإجراءاته الأمنية بالتعاون مع قوات اليونيفيل تحسباً لأي طارئ.
وعلمت المستقبل من زوار رئيس الجمهورية ميشال سليمان أنه تشاور مع قائد الجيش العماد جان قهوجي بشأن الوضع في الجنوب، انطلاقاً من حرصه على عدم تفلت الوضع الميداني عند الحدود الجنوبية يوم الأحد المقبل، كما حصل في ذكرى النكبة خصوصاً في ظل الغليان الذي تعيشه المنطقة وفي ظل الأزمة السياسية الحاصلة في لبنان.

الى ذلك، تتجه الأنظار إلى الصرح البطريركي في بكركي اليوم، حيث يجتمع قرابة أربعين شخصية مارونية سياسية ودينية، بدعوة من البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي، في لقاء هو الثاني من نوعه، سيبحث في برنامج العمل يتناول نقطتين رئيسيتين هما: دور المسيحيين وحقوقهم في وظائف الدولة والمؤسسات الرسمية وبيع أراضي المسيحيين في المناطق المشتركة مع الطوائف الأخرى.

وعلمت المستقبل أن البطريرك الراعي ينوي، بعد اجتماع اليوم، الدعوة إلى عقد اجتماع مسيحي موسع في بكركي، ثم بعد ذلك إلى اجتماع وطني عام.
واستبعدت مصادر المجتمعين لـالمستقبل أن يتم طرح مشروع تعديل اتفاق الطائف الذي طالب به البطريرك الراعي، مشيرة الى أن الراعي يستمع يومياً الى شكاوى المواطنين الخاصة بتسيب المؤسسات والدولة، وانطلاقاً من أن رئيس المجلس النيابي صادر المجلس لسنتين، وحال دون انتخاب رئيس جمهورية لأكثر من ستة أشهر بعد شغور الموقع الرئاسي من دون وجود آلية لمحاسبته، كما أن رئيس الوزراء المكلف تشكيل حكومة من لون واحد لم يستطع أن يخطو أي خطوة الى الأمام منذ أكثر من خمسة أشهر، ولا توجد آلية لحل هذه العقدة، في حين أن رئيس الجمهورية يقف متفرجاً ومكبلاً وعاجزاً عن المبادرة أو اتخاذ أي قرار إنقاذي من أي نوع.

وأشارت المصادر نفسها إلى أن البطريرك الراعي أطلق نداءه بشأن اتفاق الطائف وضرورة السعي لإيجاد حل لعدم الوقوع في هذه المعضلات من جديد، وهو لا يطلب تغييراً آنياً أو متسرعاً لاتفاق الطائف بل نبّه الى مكمن الخلل في الاتفاق كما يراه.
تجدر الإشارة إلى ان النائب جنبلاط علّق أيضاً على ما يُطرح حول تعديل اتفاق الطائف مبدياً اعتقاده أننا لا نستطيع أن نتحمل مجدداً تعديل اتفاق الطائف، فعندما وصلنا إلى الطائف استغرق الأمر من العام 1975 الى العام 1989، ولا أعتقد أننا سندخل مجدداً في هذه الدوامة آخذين بعين الاعتبار أنه لا بد بالتوافق من أن يعزز بعض من صلاحيات رئاسة الجمهورية.

وكان المطارنة الموارنة أعربوا عن قلقهم حيال ما آلت اليه أوضاع الدولة والمجتمع اللبنانيين، وطالبوا جميع المسؤولين العودة الى مفهوم الدولة وأصول الديموقراطية، وإعادة إحياء المؤسسات بدءاً بتشكيل حكومة جديدة تتحمل المسؤوليات وتعيد الأمور الى نصابها، من خلال معالجة شؤون المواطنين ودرء الخطر عن الوطن.

السابق
نهاية العام الدراسي ثواب أم عقاب للمعلّمين؟
التالي
الديار: مساعي التأليف تتجدد