وداعا لتلوّث الأنهار في النبطية

مشكلة قديمة تفاقمت فوصلت الى حدود "الأزمة البيئية". فحفر الصرف الصحي في قرى النبطية نمط قديم يعتمده معظم الأهالي، بحيث تعتبر حفرة الصرف الصحي من أساسيات بناء المنزل، لذا تجهز قبل أن يرتفع عامود واحد. لكن هذا الحل لم يعد اليوم نمطا يسكت عنه، فتلوث المياه الجوفية ومياه الينابيع في المنطقة بدأ، والسبب هو هذه الحفر المنتشرة قرب كل منزل. اليوم هناك منح عديدة مقدمة من السوق الأوروبية المشتركة عبر مجلس الإنماء والإعمار، إلى عدد من بلديات المنطقة، بهدف إقامة مشاريع صرف صحي، تحل هذه الأزمة.
يحمر الشقيف، زوطر الشرقية، زوطر الغربية، وبلدة كفرصير، أربع بلدات على وشك تنفيذ مشاريع لمحطات تكرير لمياه الصرف الصحي، بتمويل من الإتحاد الأوروبي عبر مجلس الإنماء والإعمار، والتي تهدف بحسب الممولين إلى تقليل التلوث في مياه البحر الأبيض المتوسط، خصوصا عبر مجاري الأنهار من لبنان. مع العلم ان المدن اللبنانية جميعها تصب مياه صرفها الصحي مباشرة في البحر, وقد رصدت مبالغ لمناطق محاذية لنهر الليطاني لحل ّ أزمة التلوث.

مشروع تكرير الصرف الصحي يلخص بتقنية بسيطة. تبدأ بخزان أول، تنزل المياه الآسنة إليه، بكل ما فيها، وتجري عملية تصفية لها، من الشوائب الكبيرة، كالبحص، الرمل، الأحجار، الحديد والبلاستيك. الخزان الثاني، تنزل إليه مياه الصرف الصحي pure suage water)) بعد تصفيتها في الخزان الأول، لتخضع لعملية معالجة طبيعية مع نفسها، بحيث تأكل البكتيريا الطبيعية الموجودة في طبيعة المياه ما بقي من مواد صلبة عضوية. بعدها تصل إلى الخزان الثالث، وهناك تتعرض لأشعة الشمس، وتخضع لعملية تطهير بالأشعة فوق البنفسجية. بعد هذه المراحل الثلاثة يفترض بالمياه التي تخرج أن تكون المحتويات الكيميائية فيها أقلّ من خمسة في المئة, وبالتالي يمكن أن تصلح هذه المياه لتستعمل في الزراعة.

هذه التقنية الحديثة المعتمدة في تكرير مياه الصرف الصحي يوافق عليها العديد من المختصين، منهم الدكتور يوسف حمزة المتخصص في معالجة الصرف الصحي.

يعتبرها حمزة الطريقة الأنجع في المعالجة: "لكن لها العديد من الشروط، التي يجب أن تتوافر. الأهم هو إبعاد محطات التكرير عن المنازل، وإبعادها الأكيد عن مصادر المياه، كالينابيع والمياه الجوفية، إضافة إلى وجودها في مكان سهل، بحيث لا يمكن للمياه أن تنحدر مع الأماكن المنحدرة. هذا إضافة إلى برنامج التشغيل والصيانة الدائم، الذي غالبا ما تنساه معظم المشاريع القائمة على منح خارجية، بحيث يتوقف المشروع مع أول عقبة أو حالة طوارئ، كانقطاع الكهرباء، تكسّر أنابيب المحطة، أو فيضان الخزانات".

ويتابع حمزة: "الملحوظ في لبنان وجود أربعة عشر محطة تكرير، موزعة في المناطق اللبنانية، لا تخضع لبرنامج التشغيل والصيانة، لعدم وجود ميزانية مخصصة لها من ضمن إجمالي المشروع، مع عدم الإستفادة من الخبراء في هذا المجال لتشغيل هذا البرنامج، كالذين يدرسون معالجة الصرف الصحي ضمن اختصاص الهيدرولوجيا، في كلية الهندسة بالجامعة اللبنانية".

من هنا تثار الكثير من الأسئلة، وتنشط بعض التجمعات المعارضة لهذه التقنية في كل من البلدات المرتقب إعتماد هذه المعالجة فيها، وحتى الآن ما زال النقاش مفتوحا: إما الموافقة عليها أو الإستمرار في المعارضة…

السابق
أين أصبحت المنازل الجاهزة التي كلّفت الدول المانحة ملايين الدولارات؟
التالي
روك وسالسا وراب وتجارب شبابية متنوعة.. في مهرجان بيروت للموسيقى