لحظة الحسم تقترب واوباما يمنع الحل

 الرئيس باراك اوباما لا ينجح في أن ينجح. مجرب ومحنك. جاء ليهنىء فتبين شاتما. في الاسبوع الماضي كُتب فصل اضافي في هذه القصة الحزينة، حين عاد الرئيس ووجه الطرفين نحو الطريق المسدود للتسوية الدائمة، وهو يقف في طريق اقامة الدولة الفلسطينية، التي هي الأمل الوحيد للتقدم السياسي بين اسرائيل والفلسطينيين.
نيته كانت طيبة: تثبيت مبدأ الدولتين للشعبين، المقبول ظاهرا، من القيادتين الاسرائيلية والفلسطينية. اوباما قسّم نيته الطيبة: أعطى الفلسطينيين خطوط 1967 والاسرائيليين الاعتراف بيهودية اسرائيل. دعا الطرفين الى العودة الى المفاوضات على التسوية الدائمة الشاملة، فيما هو يعلن عن معارضته الاعلان عن دولة فلسطينية في الامم المتحدة في ايلول (سبتمبر).
غير ان في هذا شوكة: منذ انتصار حماس في الانتخابات في كانون الثاني (يناير) 2006، لا يوجد ولا يمكن ان يوجد شريك فلسطيني لمسيرة سياسية كهذه. من جهة اخرى، فان قيادة فلسطينية تضم حماس في عضويتها، ترفض الاعتراف باسرائيل وبالاتفاقات القائمة، لا يمكنها ان تكون شريكا في مفاوضات على التسوية الدائمة. من جهة اخرى، دون حماس، فان الساحة الفلسطينية تعاني من انعدام الشرعية الداخلية، التي تمنع كل تنازل تاريخي. وعليه، فان كل الدعوات لاستئناف المفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين، الصادرة عن واشنطن، بروكسل أو القدس، هي دعوات مخلولة، وكذا المفاوضات التي دارت في اطار مسيرة انابوليس هي الاخرى كانت عديمة الأمل منذ البداية.
بالمقابل، فان الصيغة الوحيدة الكفيلة بأن تسمح بالتقدم نحو وضع دائم، يقوم على أساس مبدأ الدولتين للشعبين، هي بالذات من خلال خطوات أحادية الجانب منسقة تقوم على أساس التفاهم والتعاون الهادئين.
هكذا بُنيت في السنوات الاخيرة مؤسسات السلطة الفلسطينية وتحقق الأمن في يهودا والسامرة ونمو اقتصادي في الضفة. رغم الشوط الطويل هذا، فان مساحة الاتفاق والتعاون المحتملين بين اسرائيل، السلطة في الضفة والولايات المتحدة، بعيدة عن التحقق. في هذا السياق كان يجدر بنا ان نرى الاعلان القريب عن دولة فلسطينية في ايلول (سبتمبر) في الامم المتحدة.
غير ان اوباما حبيس المذهب الفكري الذي أكل الدهر عليه وشرب: فهو يؤمن أنه ينبغي على اسرائيل والفلسطينيين وأنهم قادرون على الوصول الى تسوية دائمة تحل كل المسائل، تُرتب اقامة الدولة الفلسطينية وتؤدي الى انهاء النزاع. وعليه فانه يحاول المرة تلو الاخرى خلق الشروط التي تجلب الطرفين الى طاولة المفاوضات، والتي في نهايتها المحتمة الاتفاق الدائم المنشود. ومثل الرياضي في مباراة مباعة، يُحسن أداءه دون ان يفهم بأن النتيجة محسومة مسبقا، عاد اوباما ليلقي بذخائر سياسية الى النار: تجميد المستوطنات، بادرات سعودية أو اعتراف بخطوط 1967.
وعليه فان اوباما يفوت الفرصة التي توجد تحت أنفه: الاعلان عن دولة فلسطينية في ايلول (سبتمبر) ينطوي في داخله على امكانية اختراق سياسي بل وفضائل ذات مغزى لاسرائيل. ضمن امور اخرى، قيام دولة كهذه سيساعد في تثبيت مبدأ الدولتين للشعبين، تصميم الوضع الدائم فيما تسيطر اسرائيل على الذخائر الامنية والغلاف الخارجي لهذه الدولة، وتخفيف حدة مشكلة اللاجئين من خلال دحر وكالة الغوث وتقليص مكانة اللجوء.
رغم خطاب اوباما، فان المسيرة السياسية ستبقى في طريق مسدود ولحظة الحسم في ايلول (سبتمبر) ستقترب، أو أن تكون في حينه للولايات المتحدة فرصة اخرى لعمل الشيء الصحيح: ضمان ان ينسجم قيام دولة فلسطينية مع احتياجات اسرائيل.
 

السابق
القدس، مثل اسرائيل
التالي
مستشفى النبطية كرمت عامليها