الأتوار: جدلٌ لبناني في المجهول ولا أحد قادر على المعالجة

لا يحتمل اللبناني هذه الجرعات السياسية المكثفة في يوم واحد، المطالبة بتعديل الطائف، وطلب رئيس الجمهورية من القضاء النظر في قضية رفض مدير عام قوى الأمن الداخلي أشرف ريفي تنفيذ قرار وزير الداخلية، وهمروجة لجنة الإتصالات النيابية والتي انتهت إلى لا شيء.
لا يحتمل اللبناني هذه الجرعات السياسية لأن همَّه في مكان آخر، همه في حياته اليومية المثقلة بالهموم والديون فكيف بإمكانه حمل وتحمُّل الملفات المطروحة؟
فتعديل اتفاق الطائف، وهي الصرخة التي أطلقها صادقاً البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، ليس نزهة سهلة، فاتفاق الطائف جاء على الحامي وبعد حروب متتالية ومتعاقبة، وفي ظل غطاء دولي وإجماع عربي وشبه توافق داخلي لبناني. هذه الفرصة مرَّت لمرة واحدة في التاريخ المعاصر ثم اختفت، اليوم من أين نأتي بالغطاء الدولي حيث الدول منهمكة بالربيع العربي والملفات الإقتصادية العالمية، ثم أين هو الإجماع العربي؟
ومَن يوفره؟
وإذا وصلنا إلى شرط التوافق الداخلي فمن أين نأتي بالتوافق على أمور كبيرة كتعديل اتفاق الطائف إذا كنا لا نتفق على الأمور الصغيرة كتعيين موظف؟

لا يكاد اللبناني يشيح النظر عن مسألة تعديل اتفاق الطائف حتى تأتيه مسألة طلب رئيس الجمهورية إلى وزير العدل تحريك القضاء في مسألة رفض المدير العام لقوى الأمن الداخلي تنفيذ قرار وزير الداخلية، يرتاح اللبنانيون حين يرون هذا الإصرار على تطبيق القانون، لكنهم ينظرون من حولهم فيجدون أن عملية التطبيق ليست سوى وجهة نظر وأحياناً كثيرة غب الطلب.
يسأل اللبنانيون:
أين أصبحت ملاحقة الذين يحتلون المشاعات والاملاك العامة، هذه القضية ألا تستحق من أعلى المراجع أن يتابعوها وأن يكتبوا إلى الوزراء المختصين لتحريك القضاء في شأنها؟
يسأل اللبنانيون:
أين أصبح التمرد في رئاسة الجامعة اللبنانية؟
رئيس الجامعة انتهت ولايته وهو مستمرٌ في ممارسة مهامه خلافاً للقانون، فهل مَن هو قادر على تحريك القضاء لمعالجة هذه الفضيحة المدوِّية؟

ثم تأتي همروجة لجنة الإتصالات النيابية، ماذا فَهِم اللبنانيون منها؟
لم يكن هناك من نقاش، فالجلسة كانت أشبه بحوار طرشان، كان كل طرفٍ يُدلي بدلوه ولم يكن أحدٌ يستمع إلى أحد، وانتهت الجلسة إلى عدم الإتفاق على شيء.

في اختصار، هذا هو الوضع اللبناني، لا قدرة لأحدٍ من المسؤولين على التقدُّم فيه قيد أنملة، وكل ما يجري من جهود ليست سوى تمرير للوقت وتضييع له في انتظار شيء ما لا أحد يعرفه وربما يكون المجهول.

السابق
مزاد أميركي ـ أوروبي مفتوح لشراء الثورات العربية… وفلسطين!
التالي
الإسرائيليون في إيران!