هل سيسقط حليف إيران القوي؟!

لا يشك احد – إطلاقا – في ان سوريا، ذلك البلد العربي الجميل، يعتبر من اقوى وأهم حلفاء ايران في منطقة الشرق الاوسط، اذ يعتبر حليفا استراتيجيا (عسكريا وسياسيا).. وحصنا منيعا من حصون ايران منذ قيام الثورة الاسلامية فيها!
لكن ومنذ اندلاع الثورة السورية في الداخل، التي اتت في عز ربيع الثورات العربية المتلاحقة، بحصيلة ثورية قوامها حتى الآن اثنان من الرؤساء العرب، من اقوى وأهم الانظمة العربية، التي كانت تحكم بلدانها بقبضة من حديد وفولاذ امني شديد، طوال اكثر من عقدين من الزمن، اللذان عندما سقطا.. كان لسقوطهما دوي كبير اهتزت به ارجاء الارض، من مشرقها الى مغربها، فكانت نتيجتها كالصدمة.. لم يتم استيعابها او فهم ابعادها وتجلياتها الى يومنا هذا! اذ كيف اسقطت انظمة بهذا الحجم.. التي كان مجرد تنازلها عن عرشها حلما كبيرا وأشبه بالمستحيل؟! ناهيك عن ارغامها على «الهروب» والتنحي من كرسيها العاجي.. بكل خنوع وانكسار!

لم تبق حروب ربيع الثورات العربية تلك، دكتاتورا الا وأرقت مضجعه وأزعجت حاشيته، ومعهم كل المستفيدين من حكمه المستبد بالطبع! واذ رأينا كيف اصبح بعضهم يترنح كمن اصابه المس من الجن، فكثرت خلالها خطاباتهم الجوفاء، وكثر عنادهم الاستعباطي.. واستمرأوا الكذب والاستخفاف بمطالب وحقوق شعوبهم المظلومة.. امام مرأى ومسمع العالم اجمع!

اما في سوريا، فالوضع هناك مختلف والى حد كبير، حيث تعتبر الثورة في سوريا مصدر قلق، وهما كبيرا لدى النظام في ايران، فهي حليفهم القوي، فالحكم هناك فيها للاقلية العلوية بنسبتها التي لا تتجاوز الثماني في المائة من السكان، وهي بالتالي تحكم اكثر من تسعين في المائة من الشعب السوري، زد على ذلك ان وجود سوريا كحليف استراتيجي لايران في العمق العربي لا يمكن له ان يعوض، وبالتالي هي فرصة قد لا تتكرر للثورة الاسلامية الايرانية وايديولوجية تصدير ثورة الملالي في المنطقة، ناهيك عن ان سوريا تعتبر لاعبا اساسيا في المسرح الفلسطيني (البلد المسلوب) ولاعبا اساسيا ايضا في لبنان (البلد الجريح)، فسوريا باتت تتحكم في الظروف السياسية هناك.. بشكل او بآخر، وهناك ميزة اخرى ايضا تضاف لمصلحتها، وهي تواصلها المستمر مع «حزب الله» اللبناني ذي الامتداد الايراني.. لوجستيا ومعنويا وعبر الاراضي السورية!

عموما، فانه وفي حال انهيار النظام السوري الحليف، سيشكل ذلك بالطبع خسارة كبيرة وتهديدا حقيقيا لهيمنة ايران في المنطقة، مما قد يؤدي الى تصدع قوي وانهيار حجر زاوية مهم في جدار صمودها امام رياح التغيير، سواء كان ذلك داخليا او دوليا، وسيضعف بالتأكيد تعنتها وتدخلها في المنطقة باكملها، التي أرى انها قد باتت وشيكة جدا.. مدعوما بتحرك دولي متصاعد، خصوصا من الجانبين الاميركي والاوروبي، يؤكده قرار الاتحاد الاوروبي الاخير من اجراءات عقابية على النظام السوري، وبالتحديد الرئيس بشار الاسد تمثلت بعقوبات عدة، منها منع توريد السلاح، وحظر سفر 13 مسؤولا وتجميد اصولهم!
ولكن يبقى دائما السؤال المهم: ماذا ستفعل ايران ازاء هذا التوجه، وهل ستتحرك بضراوة لمنع حدوث ذلك وبشتى الطرق؟ وما احداث البحرين عنا ببعيدة! وان فشلت في منع انهيار النظام السوري فهل ستتجه لشن عمليات انتقامية في المنطقة تخلط فيها الاوراق وتعيد توتر المنطقة من جديد؟ ام انها ستتعثر بنفسها بسبب ازمتها وصراعاتها الدامية في الداخل الايراني؟!

السابق
الجرّاح: عون وحلفاؤه يفتعلون أزمات للتغطية على أحداث سورية
التالي
العلاقات الأميركية – الإسرائيلية إلى أين؟