العقوبات المفروضة على إيران تكشف نفاق إسرائيل

من المسموح للأخوين أوفير على ما يبدو التجارة مع إيران في العديد من المجالات بما فيها شراء وبيع النفط طالما أنهما يرتديان قبعتي شركة أجنبية، لكن من غير المسموح لهما التعامل مع شركة الشحن الوطنية الإيرانية لأنها واحدة من الشركات التي يفرض مجلس الأمن الدولي حظراً على التجارة معها.

إلا أنه من غير الواضح على الإطلاق ما هو مسموح أو غير مسموح لهذين الأخوين اليهوديين أن يفعلاه لو أنهما يرتديان قبعتين إسرائيليتين.
والسؤال إذاً هو: هل من الأخلاق في شيء أو هل من الصواب أن تتعامل شركة إسرائيلية ما أو رجل أعمال إسرائيلي مع إيران؟
في جزء من جهوده لتقويض برنامج إيران النووي، فرض المجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبإلحاح من إسرائيل، سلسلة من العقوبات على نظام الملالي في طهران.
والواقع أن هذه العقوبات، التي أصدرها مجلس الأمن عام 2006، هي أقصى ما أمكن التوصل إليه بشكل مشترك بتأييد من روسيا والصين، وهي تستهدف بشكل مباشر الشركات الحكومية والخاصة وعدداً من الأفراد البارزين مثل موظفي الحكومة وضباط الجيش الكبار المرتبطين على نحو مباشر ببرنامج إيران النووي والصاروخي.

ومن هنا جرى إدراج شركة الشحن الوطنية الإيرانية في قائمة الحظر لأن إيران تستعملها لنقل المعدات والمواد اللازمة لبرنامجها المذكور.
لكن ليس هناك حظر على التجارة مع إيران في النفط ومشتقاته على الرغم من أن فرض عقوبات على مثل هذه السلع هو الأنجع والأكثر تأثيراً لأن اقتصاد الطاقة في إيران يولد %90 من دخلها تقريباً.
إلا أن مثل هذا القرار – فرض عقوبات على النفط – لا يمكن أن يمر من خلال مجلس الأمن بسبب معارضة روسيا والصين له.

عقوبات من جانب واحد

لكن ثمة مجموعة أخرى من العقوبات فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من جانب واحد، وتشمل فرض قيود على التجارة مع إيران في مجالات مثل أعمال البنوك التي تساعد في تمويل برامج طهران النووية والصاروخية.
والحقيقة أن العديد من الشركات الدولية قيدت أو أوقفت تجارتها مع إيران في قطاعات مثل البنوك، التمويل، الضمان والاستثمار في النفط والغاز، وذلك لخشية هذه الشركات من امتناع المؤسسات والهيئات الأمريكية من الاستثمار في الشركات التي تتعامل مع إيران.
ثمة مثال على ذلك، فقبل حوالي سنة ألغت ولاية لوس أنجليس عقداً بقيمة 750 ألف دولار مع شركة «سيمينس» الألمانية بسبب تعاملها مع إيران.

نفاق

وهنا بالضبط يبرز النفاق الإسرائيلي.
ففي الوقت الذي تذكّر إسرائيل فيه العالم بالحاجة لفرض عقوبات على إيران، لا تلتزم بذاتها بهذه المسألة على الإطلاق.
إذ بينما ألغت لوس أنجليس عقد نقل رئيسياً مع شركة «سيمينس»، قررت هيئة المطارات الإسرائيلية شراء ما قيمته 150 مليون شيكل من الأجهزة والمعدات من هذه الشركة.
أما شركة الكهرباء في إسرائيل فقد منحت عقداً بقيمة نصف مليار شيكل لشركة «هالمرور توبسو» الدانماركية، في مجال تنقية الهواء من التلوث في إسرائيل على الرغم من أن هذه الشركة تعكف على بناء مصافي في إيران بقيمة مليارات الدولارات.
ويبدو النفاق الإسرائيلي واضحاً أيضاً من خلال عدم استعداد إسرائيل تطبيق قانونها الرسمي. فهناك قانون ينص بوضوح على ألا تستثمر الشركات الإسرائيلية أكثر من 10 ملايين دولار في أي شركة دولية تتعامل مع إيران لكن يبدو أن أحداً لا يهتم بهذا القانون، بل وحتى البيروقراطية، التي تشتهر بها إسرائيل، تلعب دوراً أيضاً في هذا المجال.

فمن غير الواضح على الإطلاق ما إذا كانت إيران مصنفة في إسرائيل كعدو لها، ولمعظم الوزارات الإسرائيلية طريقتها الخاصة في التعامل مع هذه المسألة.
فبينما تحظر وزارة الدفاع الإسرائيلية تصدير معدات عسكرية لإيران، باعت سراً في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي أجهزة وأسلحة لطهران مثل: القذائف ومعدات الكشف عن الغازات.
ولوزارة الداخلية الإسرائيلية قوانينها الخاصة فيما يتعلق بالدخول والخروج من إيران، وينطبق هذا أيضاً على وزارات إسرائيلية أخرى مثل: المالية، الصناعة، التجارة والعمل ووزارة العدل.
لذا، وحتى لو كانت هناك فائدة من علاقات وتعاملات أسرة أوفير مع إيران، إلا أن هذه المسألة لا تبرر استمرار حالة التسيب في التعامل مع إيران لسبب بسيط هو أن هذا الأمر يتعلق بأمن إسرائيل في النهاية.
أخيراً، ثمة حاجة لسياسة واضحة تضع حداً لتعامل الشركات الإسرائيلية المخزي مع إيران وإنهاء هذه المسرحية الهزلية اللامعقولة.

تعريب نبيل زلف- الوطن

السابق
العلاقات الأميركية – الإسرائيلية إلى أين؟
التالي
الجمهورية: واشنطن تعتزم نقل “النووي “السوري إلى مجلس الأمن