الجمهورية: واشنطن تعتزم نقل “النووي “السوري إلى مجلس الأمن

عين على الجنوب وأخرى على سوريا، أمّا إسرائيل فتستعدّ لاحتمال اندلاع احتجاجات عنيفة على طول حدودها في الأيام المقبلة، فيما يواصل"حزب الله" جهوزيّته معلنا أنه في مرحلة "لا تستطيع فيها الولايات المتحدة ولا إسرائيل أن تسقطا قوّتنا لأنّها لا تتمثل بالأسلحة التي نملكها ولا في الصواريخ التي يصل مداها إلى كلّ شبر من فلسطين المحتلة".

وقد زاد في هذه الحماوة والمخاوف ما تردد في دوائر أميركية عن نقل أسلحة من سوريا إلى حزب الله بينها سلاح "كاسر للتوازنات" تمهيدا لما يمكن أن يكون صداما عسكريا محتملا بين الفريقين.

ونسبت وكالة" أسوشيتد برس" إلى مسؤول عسكري إسرائيلي أنّ "الجيش الإسرائيلي يستعدّ لمواجهة العنف على الحدود مع لبنان في الذكرى السنويّة لحرب الأيام الستة في الأسبوع المقبل"، مشيرة إلى أنّ "هذه الاستعدادات تهدف إلى تجنّب سقوط ضحايا مدنيّين، لكن الجيش الإسرائيلي وضع خطوطا حمرا لا يمكن تخطّيها، وتقتضي عدم السماح بأيّ اختراق للحدود، أو السماح للفلسطينيين بدخول المستوطنات في الضفة الغربية".

وأوضح أنّ "الوحدات المتواجدة على الحدود بما فيها التعزيزات الجديدة، ستمتنع عن الردّ على التظاهرات السلميّة، لكنها ستتحرّك لمواجهة الحالات التي تهدّد الحياة". وقال إنّ "الوحدات المنتشرة على الحدود مع لبنان ستكون مجهزة بالرصاص المطاطي وخراطيم المياه للمساهمة في تفريق الحشود إذا لزم الأمر".

وقد استأثرت التحضيرات الجارية لتنظيم حشود بشرية على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية باهتمام القوات الدولية والجيش اللبناني والأجهزة الأمنية كلّها.

وعلمت "الجمهورية" أنّ الاجتماع الذي عقد في قيادة منطقة الجنوب الإقليمية في قوى الأمن الداخلي خصّص جانب منه لتبادل المعلومات بين القوات الدولية والأجهزة الأمنية اللبنانية في شأن التحضيرات الجارية لـ 5 حزيران، وسط استعدادات فلسطينية في مخيّمات لبنان وسوريا سعيا إلى الانتقال في هذا اليوم إلى مارون الراس مرّة أخرى، وهو أمر بدأت الاتصالات في شأنه من اليوم مخافة أن تشهد المنطقة مجزرة حقيقيّة ستحرج الجيش اللبناني والقوّات الدوليّة في آن. واتفق المجتمعون على رصد التحرّكات قبل اليوم المذكور، والعمل بكلّ الوسائل السياسية والأمنية لمنع تفاقم الوضع، والسعي إلى تنظيم الاحتجاج بعيدا من نقاط الحدود المباشرة، كما تنصح القوّات الدولية التي تخشى على الاستقرار الأمني في المنطقة.

إلى ذلك، سطّرت النيابة العامة العسكرية استنابات قضائية إلى المخابرات في الجيش اللبناني لاستقصاء المعلومات من المخيّمات الفلسطينيّة بهدف تقدير الحشود المحتملة والخطط الموضوعة لتدارك الوضع مسبقا، والبحث في بعض الإجراءات لمنع تكرار ما حصل، ليس حِرصا على أمن إسرائيل، بل من أجل تجنيب البلاد خضّات هي في غنى عنها، في ظلّ الفراغ الحكومي في البلاد.

وإزاء هذه الاستعدادات، استبعدت مصادر في قوى 14 آذار افتعال أيّ مشكلة في الجنوب، وقالت لـ"الجمهورية": "إنّ هذا النموذج من التظاهرات أسقط بشكل نهائي في 15أيار2011 نظريّة توازن الرعب بين "حزب الله" وإسرائيل، بدليل أنّ تظاهرة مارون الراس كانت محضّرة ومواكبة من عناصر الحزب، وعندما أطلقت إسرائيل الرصاص الحيّ ضدّ المتظاهرين، لم يستخدم الحزب سلاحه، وبالتالي سقطت مقولة توازن الرعب. ثم إنّ الحزب يدرك أنّ أيّ تلاعب بالقرار 1701يعني حربا إقليمية مكشوفة، وبالتالي لن يتجرّأ على القيام بها".

"النووي" السوري

وليس بعيدا من لبنان، وغداة اكتشاف الوكالة الدولية للطاقة الذرّية إخفاء دمشق وجود مفاعل نووي في منطقة دير الزور، أبدت سوريا استعدادها للتعاون التام معها، وذلك في رسالة وجّهها رئيس هيئة الطاقة الذرّية السورية إبراهيم عثمان إلى المدير العام للوكالة الذرية يوكيا امانو.

لكن الولايات المتحدة تعتزم أن تطلب من الوكالة رفع موضوع أنشطة سوريا النوويّة المفترضة إلى مجلس الأمن، طبقا لما ورد في مسودة القرار.

وستدعو الدول الأعضاء في اجتماع لمجلس حكام الوكالة الدولية يُعقد الأسبوع المقبل لرفع الموضوع إلى مجلس الأمن، على رغم وعد دمشق كما يبدو بكسر الصمت المستمرّ منذ 3 سنوات ونصف حول تطلّعاتها النووية المفترضة.

وقال القائم بالأعمال الأميركي في فيينا روبرت وود ـ في رسالة وزعت على الدول الأعضاء الجمعة الماضي: "نعلم أنّ الحكومة السورية بعثت برسالة إلى الوكالة الدولية تتعلق بطلب الأخيرة من سوريا التعاون التامّ، إنّ مثل هذا التعاون سيكون مرحّبا به بالتأكيد، ولكن لن يكون له أيّ أثر على النتيجة التي أفادت بعدم الالتزام السوري".

رفض صيني

في غضون ذلك، جدّدت الصين رفضها تدخّل أيّ طرف كان في الشؤون الداخلية السورية مبدية ثقتها بأنّ دمشق "قادرة بحكمتها وخبرتها ووطنيتها على تجاوز الصعوبات الحالية".

وأكّد نائب وزير الخارجية الصيني جاي جيون لنائب وزير الخارجية والمغتربين السورية فيصل المقداد دعم بلاده لجهود الإصلاح وللإجراءات التي تقوم بها حكومته للحفاظ على سيادتها وأمنها واستقرار البلاد. واعتبر "المحاولات التي تجرى في مجلس الأمن والتي تقودها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا هي لفرض الهيمنة على سوريا واستخدام الأمم المتّحدة وأجهزتها وسيلة لإعادة عهود الاستعمار والانتداب، وتبرير التدخّل في الشؤون الداخليّة للدول".

موقف تركيا

من جهتها، اعتبرت تركيا أنّ الأسد "يتمتع بشعبيّة في سوريا، وأنّه لو أجريت انتخابات حرّة في ذلك البلد قبل الاضطرابات السياسيّة الحالية، فإنّه كان سينتخب رئيسا.

وقال وزير الخارجية التركية أحمد داود أوغلو لمحطة "تي في نت" التلفزيونية التركية إنّ الأسد "على عكس جيل الحكام القديم في مصر واليمن وتونس وليبيا، محبوب من الشعب السوري، وإذا ما أجرِيت انتخابات قبل الثورة التونسية، والتي انتقلت عبر العالم العربي، فإنّ قادة تونس ومصر واليمن وليبيا كانوا سيرحلون، بينما كان الأسد سيبقى.

إلّا أنّ أوغلو لمّح إلى أنه لا يعرف هل يحظى الأسد بالشعبية نفسها اليوم بعد الاحتجاجات الشعبية الواسعة في البلاد، والتي واجهتها قوى الأمن باستخدام مفرط للعنف، كما قالت منظمات حقوقيّة سورية ودولية، موضحا أن "ليس لديه فكرة هل سيفوز الرئيس السوري إذا أجرِيت انتخابات نزيهة".

وقال أوغلو في المقابلة التي نقلت صحيفة "زمان" التركية مقتطفات منها: إنّ بلاده تريد أن ترى إصلاحات في جارتها الجنوبية تحت قيادة الأسد"، مضيفا أنّ أنقرة وعدت بتقديم أيّ دعم تحتاج إليه دمشق للمضيّ قدُما في مسار الإصلاح.

وعن الاتصال الهاتفي الذي تمّ بين الأسد ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الجمعة الماضية، قال إنّ القيادة التركية شعرت بالتفاؤل بسبب التصميم الذي أظهره الأسد لإجراء إصلاحات، والخروج من الأزمة الحاليّة. وحضّ الأسد على تطبيق الإصلاحات فورا، مضيفا: "الآن هو وقت التحرّك". وأكّد أنّ التطوّرات المحتملة في سوريا ستؤثر على تركيا وإسرائيل ولبنان والأردن.

لا مجال لاستكمال التأليف

ولبنانيّا، في ظلّ هذا المشهد والأجواء الملبّدة والمتشنّجة، أكّدت مصادر مواكبة لتأليف الحكومة اللبنانية لـ"الجمهورية" أنّ الوضع ما يزال يراوح مكانه وأن لا مجال لاستكمال مسيرة التأليف، ذلك في انتظار انقشاع الصورة الإقليميّة، والتي لا يبدو أنه سيكون قريبا.

السابق
العقوبات المفروضة على إيران تكشف نفاق إسرائيل
التالي
الجمهورية: أسلحة من دمشق إلى حزب الـله ومرونة سوريّة مفاجئة في الملفّ النووي