البناء: رئيس الجمهورية يطلب اتخاذ إجراءات قانونية بحق ريفي

انشغلـت الساحـة السياسية امس بتداعيات تمرد «شعبة المعلومـات» وما نتـج من ذلك من تجاوز للقانـون ولصلاحـيات وزيري الداخلية والاتصالات، ما استدعى تحركا ومشاورات على غير صعيد بهدف وضـع حد لهذا التطاول على الدولة ومؤسـساتها، خصوصا ان الذي اقدم على «عصيان» القانون يفترض به ان يعمل على تطبيق القانون باعتبار ان مهماته ودوره هما في السهر على تنفيذ القوانين.

وفيما طلب رئيس الجمهورية من وزير العدل اتخاذ الاجراءات القانونية بشأن عدم تنفيذ المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي قرار وزير الداخلية باخلاء الطابق الثاني من وزارة الاتصالات، لم تتمكن لجنة الاتصالات التي اجتمعت امس لبحث أزمة الاتصالات من الاتفاق على تشكيل لجنة برلمانية للتحقيق بما حصل، بل ان نواب فريق «14 آذار» الذين حضروا الجلسة دافعوا عن تجاوز القانون الذي قامت به «شعبة المعلومات» والقيمون عليها، بل انهم حاولوا تزوير الحقائق من خلال السعي لقلب مسار الجلسة ضد وزير الاتصالات شربل نحاس، بينما الهدف الوحيد يجب ان يكون محاسبة الذين خالفوا القانون ومعرفة ما كان يحصل في الطابق الثاني من مبنى الاتصالات من عمليات تنصت وما ذكر من قيام الشبكة الثالثة التي كان يحميها رئيس الحكومة المنصرف سعد الحريري وفريقه بتغطية الساحل السوري من الجهة الشمالية مع لبنان والغايات والاهداف التآمرية من وراء ذلك بالتزامن مع الأحداث التي حصلت وتحصل في سورية.

بري و«ثورة الأرز»
وقد شن الرئيس بري هجوما عنيفا على ما يسمى بثورة الارز وقال انها اعادت لبنان قانونيا وعلى المستوى الديمقراطي 60 عاما الى الوراء واستهلكت الاموال العامة وراكمت الديون على المستقبل، وامنت المناخات لمزيد من التدخل الاجنبي في حاضر لبنان ومستقبله.

وفي اشارة واضحة الى الجهات اللبنانية التي تحاول التدخل في الشأن الداخلي السوري قال «ها نحن في لبنان يذهب العاشق منه ويأتي المشتاق، والهدف استخدام بلدنا كقاعدة ارتكاز لاسقاط سورية. ان السلوك السياسي للبعض يحاول قلب الجغرافيا وخلق خط تماس مع سورية من جهة الشمال لاستكمال ارباك النظام العام فيها.

رئاسة الجمهورية تطلب إجراءات بحق ريفي
وكانت رئاسة الجمهورية قد طلبت امس من وزارة العدل بناء على توجيهات رئيس الجمهورية ميشال سليمان اتخاذ الاجراءات القانونية بشأن عدم تنفيذ المدير العام لقوى الأمن الداخلي اشرف ريفي كتاب وزير الداخلية زياد بارود بالعمل فورا على اخلاء الطابق الثاني من مبنى الاتصالات.
واشارت اوساط قريبة من قصر بعبدا انها تنتظر القرار الذي سيتخذه وزير العدل بهذا الخصوص، لا سيما ان ما حصل مع الوزير بارود تكرار لاكثر من مرة في الماضي. وقالت الاوساط ان رئيس الجمهورية لن يقبل بحصول تجاوز للقانون. ولذلك فان المطلوب وضع حد لتجاوز القانون واتخاذ الاجراءات اللازمة حيال ما حصل مع وزير الداخلية، وبالتالي لا يجب ان تمر الامور من دون الاجراءات المطلوبة بحق الذين رفضوا تنفيذ قرار وزير الداخلية.
وذكر ان وزير العدل ابراهيم نجار لا يزال يدرس الكتاب الذي وجهه اليه رئيس الجمهورية.

الإطار القانوني
وفي اتصال مع رئيس مجلس شورى الدولة السابق القاضي يوسف سعد الله الخوري اوضح لـ «البناء» ان باستطاعة وزير العدل ابراهيم نجار تحريك النيابة العامة باعتبار ان النيابات العامة تعمل تحت اشرافه، وبعد ذلك تقوم النيابة العامة بالتحقيق بمجريات ما حصل لاتخاذ التدابير اللازمة.
وحول صلاحية وزير الداخلية قال ان وزير الداخلية يمكنه ان يفرض عقوبات مسلكية على الشخص المعني او ان يحوله الى المجلس التأديبي بعد موافقة مجلس القيادة ولكنه لا يحل محل القضاء.
وينتظر ان يعود مدير عام «أوجيرو» عبد المنعم يوسف من باريس اليوم بعد ان اخفى المفاتيح الالكترونية للطابق الثاني في مبنى الاتصالات، لكن الاخير نفى ذلك.
ويتوقع ان يحضر يوسف جلسة استجواب معه من قبل الجهات المختصة في قيادة الجيش بما وصفته مصادر معنية «شرب فنجان قهوة» للاستماع منه الى خلفيات ما كان يحصل في مبنى الاتصالات.

مصدر أمني لـ«البناء»
وفي معلومات خاصة بـ «البناء» افاد مصدر امني مطلع ان التحقيق المنوي اجراؤه مع مدير عام مؤسسة «أوجيرو» عبد المنعم يوسف يأتي في اطار وضع الجيش يده على ملف شبكة الخلوي الثالثة بمجرد تلقيه الاوامر بنشر عناصر مكان عناصر «فرع» المعلومات في قوى الأمن الداخلي، ولذلك فان مديرية المخابرات والقضاء العسكري يُكَوّنان ملفا خاصا حول هذه القضية والتي يجب ان يخضع في اطارها يوسف الى التحقيق لاخذ افادته والبناء عليها لصدور القرارات القضائية اللازمة بشأنها. واكد المصدر ان قيادة الجيش عازمة على الذهاب في هذا الملف حتى النهاية من دون الخضوع لاي اعتبار سياسي او طائفي لأن الجيش من المؤسسات التي تعمل ضمن اطار القانون بالكامل ولا يتوقف عملها بسبب التصريحات او المواقف السياسية. ورفض المصدر اعتبار التحقيق مع يوسف بمثابة اهانة شخصية له، معتبرا ان الذين يرددون هذا الكلام انما يبغون تجاوز القوانين بحجج سياسية واهية، فالاهانة هي بعدم خضوع يوسف او غيره للقوانين التي هي فوق الجميع.
وحذر المصدر من ان اي تدخل سياسي في هذ القضية سوف يرتد سلبا على اصحابه، لذلك نصح المصدر بترك القضية للقانون ولمصداقية الجيش لدى المواطنين والتي ينحني لها الجميع. ووصف المصدر جواب مدير عام قوى الامن الداخلي اللواء اشرف ريفي لرئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان برفضه اخلاء عناصر «فرع» المعلومات مبنى وزارة الاتصالات في بدارو «بالتمرد» من قبل ضابط على القائد الاعلى للقوات المسلحة، والسكوت عنه يعني ان ريفي اقوى من الرئيس سليمان وهذا قمة الانحراف.

جلسة لجنة الاتصالات
وكانت لجنة الاتصالات التي اجتمعت لأكثر من خمس ساعات بحضور أكثر من 30 نائباً، نصفهم ليسوا أعضاء فيها، شهدت مشادات كلامية وصلت إلى حد الضرب على الطاولة حيث دافع نواب 14 آذار بشراسة عن تجاوزات عبد المنعم يوسف وخرقه و»شعبة المعلومات» للقانون والأصول محاولين تجريد وزير الاتصالات من صلاحياته وهو ما تصدى له وزير الاتصالات ونواب قوى الأكثرية الجديدة.
ولاحظت مصادر نيابية شاركت في الاجتماع أن سجالات حادة حصلت بين بعض نواب الأكثرية الجديدة ونواب من فريق 14 آذار خاصة مع النائبين مروان حماده وأحمد فتفت. وأشارت إلى أن حيزاً أساسياً من النقاش تمحور حول صلاحية مدير عام شركة «أوجيرو» عبد المنعم يوسف. وقد حاول نواب فريق 14 آذار توجيه الأمور باتجاه وزير الاتصالات وهو ما برز من خلال مداخلتي النائبين مروان حماده وأحمد فتفت ونواب آخرين. ولوحظ ان النائب حماده حاول تبرير ما قام به عبد المنعم يوسف بقوله إن شركة «أوجيرو» هي هيئة مستقلة، أي لا وصاية لوزير الاتصالات عليها، وبالتالي حاول حماده تبرير طلب يوسف حماية مبنى الاتصالات وما قامت به شعبة المعلومات.
وأفيد أن سجالاً حاداً حصل بين عضو تكتل التغيير والإصلاح إميل رحمه والنائب حماده على خلفية ما أثاره الأخير من معلومات غير صحيحة وعبارات غير لائقة، ما دفع النائب رحمه الى الاعتراض على بعض العبارات التي تتعارض مع الواقع وحتى الآداب العامة، مشيراً إلى أن القانون جرى تجاوزه من خلال ما حصل في مبنى الاتصالات.
ولاحظت المصادر النيابية أن نواب 14 آذار حاولوا التغطية على ما حصل في مبنى الاتصالات متلطين وراء مقولات غير مقبولة مضمونها «أن الأمور تدار في لبنان بهذا الشكل وما حصل ليس جديداً». أضافت أن مداخلات هؤلاء النواب تؤكد السعي لطمس حقيقة ما حصل ولفلفة ما كان يحصل في داخل مبنى الاتصالات.
وقد أدت المواقف الخارجة عن الأصول لنواب 14 آذار إلى عدم خروج اللجنة بأي حل ـ مخرج لما حصل في مبنى الاتصالات، مما أدى إلى إبقاء الأبواب مشرعة أمام المزيد من التداعيات والسجالات حول ما حصل ويحصل في الاتصالات.
ووصفت مصادر ما حصل بأنه أشبه بـ»العصفورية» وبقيت الأسئلة مطروحة خصوصاً حيال ما حصل في الطابق الثاني من مبنى الاتصالات وعن الشبكة الثالثة في الخلوي ومن هي الجهات التي تستخدمها ولأي هدف؟

فضل الله
وقال النائب حسن فضل الله بعد الجلسة: «إن نقاشاً صريحاً حصل حول قضية مبنى الاتصالات وقدم اقتراح لتشكيل لجنة تحقيق برلمانية للتحقيق في ما جرى». وقال إن الاختلاف حصل حول من يعين العضو في هيئة «أوجيرو» ولذلك لم يؤخذ بتشكيل هذه اللجنة، وإنه سيتشاور مع رئيس المجلس النيابي حوله».
أضاف: «المطلوب أن نعرف حقيقة هذه الشبكة الثالثة وهل تشغل ولحساب من ومن المسؤول عنها؟

معلومات حول
دور الشبكة الثالثة
وفي هذا السياق، كشفت مصادر على صلة بتقنية الاتصالات وفق المعلومات التي توافرت لديها عن الشبكة الثالثة التي كان يديرها عبد المنعم يوسف، أن عمليات تخابر غير قانونية ذات أبعاد سياسية وأمنية كانت تجري ضمن الشبكة الثالثة وبإشراف مباشر من موظفين رسميين وآخرين أمنيين لحساب أطراف داخلية وخارجية.
كما أشارت المصادر إلى أن الذين كانوا يتولون الإشراف على هذه الشبكة قاموا بتسريب مستندات إلى السلطات الفيدرالية الأميركية عبر أحد المكاتب المتفرعة لهذه السلطات الذي يعمل في مدينة ليماسول القبرصية.
وتوضح المصادر ان وزارة الاتصالات كانت قد نبهت منذ أيام الوزير جبران باسيل من مغبة وصول مستندات أو حصول عمليات استخبارية في مركز التخابر الدولي لحساب المكتب المذكور في قبرص، وكان الجواب دائماً بأن التعاون مع هذا المكتب تحدده بروتوكولات التعاون بين قوى الأمن الداخلي والسلطات الفيدرالية الأميركية. وتؤكد المصادر أنه لو تمكن الوزير نحاس من مداهمة هذا المركز يوم الخميس الماضي لكانت تكشفت أمور خطيرة وظهرت أفظع الفضائح في مجال الاتصالات والاختراق الأمني الخطير للاستخبارات الأميركية وحتى «الإسرائيلية».
في هذا الإطار، ذكرت صحيفة «الوطن» السورية أن بث الشبكة الثالثة التي كانت تحت وصاية عبد المنعم يوسف كان يغطي الساحل السوري من الجهة الشمالية للحدود اللبنانية ـ السورية من خلال محطة إرسال وتقوية بث جهزت في مدينة طرابلس، ما يعني أن ثمة جهازاً امنياً لبنانياً أقام جسراً خلوياً مع مجموعات مجهولة في الساحل السوري، مع ما يطرح ذلك من أسئلة عن التزامن مع المؤامرة التي تستهدف سورية، وهي في جزء غير يسير منها تعتمد على التقنيات الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي.
الملف الحكومي
بين بري وميقاتي
على صعيد آخر، شهدت الساعات الماضية عودة الحركة الى عملية تشكيل الحكومة ومحاولة تجاوز الأسباب التي أدت إلى التأزم الأخير لا سيما على صعيد العلاقات بين ميقاتي والعماد عون، وعلم أن الرئيس بري اجتمع بالرئيس المكلف أمس بحضور الخليلين في أجواء من التكتم حيث لم ترشح أية معلومات عن نتائج اللقاء. لكن مصادر مطلعة قالت إنه يندرج في إطار إعادة عملية تشكيل الحكومة الى السكة خصوصاً أن ما حصل مؤخراً أظهر خطورة استمرار الفراغ السياسي في البلاد.
وذكرت المصادر إن الساعات القليلة المقبلة ستشهد المزيد من الاتصالات والمشاورات بما يتعلق بتشكيل الحكومة، ورجحت المصادر قيام «الخليلين» اليوم بزيارة الى الرئيس المكلف نجيب ميقاتي.

جنبلاط زار قطر
واجتمع مع أميرها
في مجال آخر، زار النائب وليد جنبلاط يرافقه الوزير غازي العريضي امس قطر، حيث اجتمع مع أميرها حمد بن خليفة آل ثاني، وجرى التشاور في الأوضاع الراهنة على الصعد العربية واللبنانية والسورية.
وافيد ان النائب جنبلاط سيطلب لقاء قريبا مع معاون الرئيس السوري اللواء محمد ناصيف للتباحث معه في اجواء زيارته الى قطر، وما جرى بحثه خلال اللقاء مع أميرها.

السابق
مأساة طبيبات شيعيات في البحرين
التالي
الحقيقة وحدها تبقى