ضرب اليونيفيل رسالة ولكن … من أرسلها؟

لم تمض ساعات على ضرب قافلة اليونيفيل أمس قرب مدينة صيدا عاصمة الجنوب اللبناني حتى انبرى سياسيون وإعلاميون ليؤكدوا أنّ هذا الإعتداء هو "رسالة "موجهة إلى المحفل الدولي الّذي أرسل هذه القوات إلى بلدنا أي ( الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدّولي).

لا شك بأنّ هذا الاستنتاج صائبٌ بمجمله غير أنّ المستغرب أنّ وسائل الإعلام هذه والجهات السّياسيّة أحجمت عن ذكر صاحب هذه الرّسالة ومرسلها مفضّلين نسبة هذه الرّسالة المتفجّرة إلى مجهولين معلومين يبقون في دائرة التّخمين والإيحاء لا التحديد ولا التصريح ، فتحديد الجاني يحتاج لأدلّة مادّيّة من السابق للأوان معرفتها والتّحقيقات الجنائيه لم تبدأ بعد، ويترتب على ذلك أن الاشاره الى مشتبه بهم دون إثبات من شانه أن يرتّب مسؤوليّات خطيرة أكثرهم في غنى عنها .

وبالعودة إلى الأسابيع والأشهر القليلة الماضية لاستعراض ما تمرّ به المنطقتان العربية والإسلامية ، نجد أنّ هذه " الرّسالىة الانتقامية " ممكن أن تكون ممهورة بختم إحدى جهتين:

الأولى هم من تستهدفهم قوات الأمم المتحدة كلّ يوم ويستهدفونها منذ سنوات في أفغانستان وباكستان ويُحَسَبُ من ضمنها العمليات العسكرية الأميركية والبريطانية في العراق وعنيت بهم الإسلاميين الجهاديين أي ما أصبح يُطلق عليه مصطلح " القاعدة واخواتها" ، ولعلّ ذروة العمليات العسكرية وقعت بداية الشهر الحالي في العملية الأمنية المشهودة والتي فاجأت العالم وصدمت كلّ التنظيمات الإسلامية المتطرفة وأسفرت عن مصرع أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة على أيدي قوّة مجوقلة من التّدخل السريع الأميركية والتي لم تتورع عن دخول الأجواء والأراضي الباكستانية من أجل إنجاز مهمتها وتحقيق غايتها بقطع رأس الإرهاب كما قال المسؤولون السياسيون والعسكريون الأميركيون لاحقا.

أمّا الجهة الثانية الموضوعة على لائحة الاشتباه فهم الأنظمة العربية التي تتصارع هذه الأيام مع شعوبها ، فقد شكل تدخّل مجلس الأمن لنصرة الشعوب عبر قرارات تدين هذه الأنظمة وتحاصرها استفزازاً عظيما لها وهي التي راكمت عبر عقود خبرات عسكرية وأذرع أمنية في أكثر من قطر عربي وإسلامي احتساباً لمثل هذه الأيام المشهودة ، ولعلّ في تفويض مجلس الأمن لقوات الحلف الأطلسي بالتدخل الجويّ في ليبيا من اجل نصرة الثوار وقصف قوات العقيد القذافي شكّل ذروة احتدام الصراع بين المجتمع الدولي وهذه الأنظمه الشمولية الموصوفة بالدموية .

هذا ويرى كثير من المراقبين أن الخاصرة الرّخوة لقوات الأمم المتحدة المنتشرة في أنحاء العالم هي في منطقة جنوب لبنان تحديداً وذلك بسبب وجود تلك القوات داخل مناطق مدنية وتتحرك في مناطق مختلطة ديموغرافيا تتوزع فيها مجموعات إسلامية ومخيمات فلسطينية تحتوي على تنظيمات منها من تصرّح علناً بولائها للقاعدة ,ومنها لا يخفي غضبه مما تقوم به قوات الناتو في ليبيا من غارات جويّه يوميه .

وهنا ضربنا المثل الليبي إنتقاءً لا حصراً ، إذ ينسحب التّدخل الأممي على شكل اصدار قرارات دوليه تختلط فيها مصالح الدول الكبرى بمصالح الشعوب التواقه للحريه ،وتتخذ شكل عقوبات بحق رؤساء ومسؤولين وكله تحت شعار ما أصبح يعرف "ثورات الحريه والديموقراطيه" وهي اليوم شملت أكثر من بلد عربي مهدّده الأمن والاستقرارفيه كما في اليمن وسوريا وباعثة الحرب والدمار كما هو واقع حال ليبيا اليوم.

السابق
طيران اسرائيلي فوق الجنوب والبقاع
التالي
مركز الخيام للحماية من الاختفاء القسري