ريفي: هناك من يصر على الإساءة لمهام قوى الأمن الداخلي ودورها الوطني

انتهت «أزمة الاتصالات» التي شغلت اللبنانيين في اليومين الماضيين وكادت تتحول إلى اشتباك عسكري بين القوى الأمنية اللبنانية، بسبب التفاعلات السياسية بين وزير الاتصالات شربل نحاس المقرب من رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون، وشعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي التي حمت مركز اتصالات كان نحاس ينوي تفكيكه. وقضى «الحل الوسطي» بأن يتسلم الجيش اللبناني المبنى موضع النزاع.

وقد أعلن المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي، لـ«الشرق الأوسط»، أن «ثمة اتفاقا تم التوصل إليه مساء اليوم (أمس)، قضى بأن يتسلم الجيش اللبناني الطابق الثاني من مبنى الاتصالات في منطقة العدلية من فرع المعلومات، بحيث تصبح الأجهزة والمعدات التابعة لشركة الجوال الثالثة تحت حراسته وتقع على مسؤوليته»، مشيرا إلى أن «فرع المعلومات عاد للتمركز في الطابقين السابع والثامن من المبنى نفسه». وقال إن «الانفجار الخطير الذي استهدف موكب لقوات (اليونيفيل) جعل الوضع الأمني في مكان آخر، وبالتالي لم تعد قضية أجهزة الاتصالات أولوية لدى الأجهزة الأمنية».

وكانت تفاعلت التداعيات السياسية للإشكال الذي وقع أول من أمس، بين وزير الاتصالات، وعناصر من فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي، على خلفية منع هذه العناصر الوزير نحاس وفريقا فنيا من تفكيك أجهزة ومعدات عائدة لشبكة هاتف جوال موضوعة في مبنى التخابر الدولي العائد لوزارة الاتصالات في منطقة المتحف في بيروت، وهو ما أدى إلى اعتكاف وزير الداخلية عن ممارسة مهمته احتجاجا على ما حصل. وقد تابع أمس رئيس الجمهورية ميشال سليمان هذه الحادثة مع كل من وزراء الدفاع إلياس المر والداخلية زياد بارود والعدل إبراهيم نجار في حكومة تصريف الأعمال، والنائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا، مسألة تكليف القضاء التحقيق واتخاذ الإجراءات المناسبة في هذا الموضوع.

وقد أكد المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي، لـ«الشرق الأوسط»، أن «كل ما قامت به قوى الأمن هو أنها نفذت قرارا إداريا يقضي بحماية ممتلكات عامة تعود للدولة والحفاظ عليها»، مشيرا إلى أن «قوى الأمن تتحمل المسؤولية في حال تعرضت هذه المنشآت للتلف أو السرقة من دون وجه حق». وأبدى أسفه أن «هناك من يصر على الإساءة لمهام قوى الأمن الداخلي ودورها الوطني، عبر محاولة زجها في معارك سياسية هي بمنأى عنها». وردا على سؤال عما إذا كان القضاء فتح تحقيقا في ما حصل، أوضح ريفي أن «النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا لا يزال يدرس الطلبات التي قُدّمت له حول هذه القضية، وبالتأكيد فإن التحقيق القضائي سينظر في ما إذا كان ثمة جرم جزائي أم إداري ارتكبته قوى الأمن الداخلي، وما إذا كان يحق لوزير الاتصالات في حكومة تصريف أعمال أن يخالف قرار مجلس الوزراء، وأن يفكك معدات هي ملك الدولة ويأخذها لشركة خاصة». وسأل «ما هي الأسباب التي دفعت بوزير الاتصالات إلى وقف تزويد قوى الأمن بـ(الداتا)؟»، كاشفا عن أن «هذه (الداتا) تصل إلى جهات غير رسمية». وأعرب مدير عام الأمن الداخلي عن تقديره واحترامه لوزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال زياد بارود، وأسف أن «تكون طبيعة مهام قوى الأمن تتطلب أحيانا قتالا ومواجهة».

أما رئيس تكتل التغيير والإصلاح، العماد ميشال عون، الذي يعتبر نفسه المستهدف الأول مما حصل، فدعا رئيس الجمهورية ميشال سليمان إلى «كف يد المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي وإحالته إلى القضاء العسكري»، معتبرا في مؤتمر صحافي بعد الاجتماع الاستثنائي لتكتله النيابية، أن «ما حدث بوزارة الاتصالات خطير جدا، ويهدد مصير مجتمع ديمقراطي بكامله، لما فيه خرق لجميع القوانين والأصول»، مشبها الأجهزة الأمنية بـ«الميليشيا التي تمردت على السلطة الدستورية».

وقال «ما حدث جريمة مشهودة انقلابية وفقا لقانون القضاء العسكري في مادتي العصيان والتمرد، فعندما عصى الأمر على وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال زياد بارود استقال حتى من تصريف الأعمال، وما دام رئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات المسلحة فإنه تعود إليه تبعة معالجة الموضوع»، سائلا سليمان «هل يجوز لمدير عام قوى الأمن أن يطيح بوزيرين؟»، متمنيا عليه أن «يأخذ الإجراء المناسب، وأن تكون الإجراءات وفقا للتقاليد القانونية والإدارية، أولا بكف يد مدير قوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي، وثانيا سحب عناصر المعلومات من المبنى، وثالثا عبر إحالة المدير إلى القضاء هو والمسؤول عن مخالفة العسكريين». ورأى عون أن رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري «يغطي العمل الانقلابي». وتوجه إلى رئيس المجلس النيابي نبيه بري، قائلا «الاستهانة بصلاحيات المجلس والاعتداء على صلاحيات الدستورية من مسؤولية النواب ومجلس النواب». وأعلن أن «تكتل التغيير والإصلاح في حالة انعقاد دائم».

إلى ذلك، نبه رئيس كتلة حزب الله، النائب محمد رعد، إلى أن «ما جرى في وزارة الاتصالات يحاول مرتكبهُ إخفاء الكثير من الفضائح التي تجهض الدولة وتسقطها». ودعا الجيش اللبناني إلى توفير الحماية لمديرية الضريبة على القيمة المضافة، خوفا من أن يجري فيها ما جرى في وزارة الاتصالات. وقال في تصريح له «إن ما سمعناه من شعارات في الداخل، ومن اتهامات بالخروج على الدولة، يمثل دعوات للعبور إلى الدولة، وآخر مظهر من مظاهر عبور هؤلاء بالدولة هو ما شهدناه في وزارة الاتصالات»، داعيا الجيش اللبناني إلى «توفير الحماية لوزارة المال، ولمديرية الضريبة على القيمة المضافة، خوفا من أن يحصل فيهما ما حصل في وزارة الاتصالات. لأن ما جرى يطلق ريبة كبيرة، ويحاول مرتكبه أن يخفي بعض الفضائح، وهي تعبر عن نظرية أن الدولة إما أن تكون لنا أو لا مكان لأحد فيها».

السابق
المبدئيّة والأولويّة
التالي
ماذا يخفي نحّاس وراء إصراره على تفكيك الشبكة الثالثة؟