المستقبل: الإرهاب يضرب “اليونيفيل”.. و”الداتا” مُحتجزة عند نحّاس

قفز الوضع اللبناني أمس فجأة من مكان خطر إلى آخر أكثر خطورة.. من أزمة تسبب بها وزير الاتصالات المستقيل شربل نحاس من خلال محاولته خرق قرار لمجلس الوزراء و"إهداء" معدّات تملكها الدولة إلى شركة خاصة، إلى اعتداء إرهابي طاول الوحدة الايطالية العاملة في قوّات "اليونيفيل" في الجنوب، وطرح علامات استفهام كبرى عن "طبيعة" المرحلة الآتية.
الاعتداء على "اليونيفيل"، الذي أوقع 9 إصابات، 6 من الوحدة الايطالية وثلاثة مدنيين لبنانيين، جرى في منطقة الأولي عند المدخل الشمالي لمدينة صيدا من خلال عبوة ناسفة استهدفت موكباً عسكرياً، وهو الاعتداء الأول من نوعه منذ نحو ثلاث سنوات.
مصادر أمنية أكدت لـ"المستقبل" أن منع وزير الاتصالات تسليم "داتا" المعلومات الى القوى الأمنية الرسمية ساهم ويساهم في انكشاف الوضع الأمني اللبناني، وساعد ويساعد منفّذي الاعتداء الإرهابي على "اليونيفيل" من تنفيذ مخططهم.. كما ساعد ويساعد خاطفي الأستونيين السبعة في "مهمتهم".واستبعدت أوساط ديبلوماسية بارزة أن يؤثر الحادث في مهمة القوات الدولية وعملها ووجودها ومساهمات الدول فيها "لأن سياسات تلك الدول صارت تُبنى على أساس مبدئي أكثر بكثير من السابق".
"الاتصالات"

وفي حين باشرت الجهات المعنية تحقيقاتها لمعرفة الجهة التي تقف وراء الاعتداء والأهداف المتوخاة منه.. كانت المواقف الخاصة بأزمة تطاول وزير الاتصالات على الأملاك العامة وقرارات مجلس الوزراء تزداد حدة، وأبرزها دخول "حزب الله" على الخط ووصفه في بيان له، تصدّي فرع المعلومات لمحاولة الوزير المستقيل، بأنه "تمرّد ميليشيا على السلطة الشرعية" و"اعتداء خطير وغريب" سائلاً عما إذا كان لدينا "أجهزة أمنية رسمية أم دويلات وجزر أمنية تابعة لمسؤولين سياسيين وليس للدولة"!
أوساط قصر بعبدا أبدت لـ"المستقبل" قلقها مما حصل في المبنى التابع لوزارة الاتصالات، معتبرة ان مفاعيله "قد لا تكون فقط على المستوى السياسي، بل قد تتعدى ذلك إلى تحركات على الأرض أو زيادة التعقيد في تشكيل الحكومة العتيدة".
وقالت "ان رئيس الجمهورية ميشال سليمان يعمل على معالجة الأوضاع على خطين؛ سياسي من خلال مروحة اتصالات مع الفرقاء السياسيين من جهة، ومع الجهات القضائية المختصة لمعالجة هذا الموضوع، إذ بقدر حرص رئيس الجمهورية على أن يكون حكماً بين جميع اللبنانيين، فهو حريص أيضاً على استمرار هيبة الدولة ومؤسساتها".

أضافت الأوساط "ان امكانية اعتذار وزير الدفاع عن تولي مهام وزارة الداخلية بالوكالة واردة، ولكن القرار بمن سيحل مكانه من الوزراء، سيكون بعد التشاور بين الرؤساء الثلاثة".
وكان بيان رئاسي أفاد ان الرئيس سليمان تابع مع وزراء الدفاع الياس المر والداخلية زياد بارود والعدل ابراهيم نجار في حكومة تصريف الأعمال، ومدعي عام التمييز القاضي سعيد ميرزا "مسألة تكليف القضاء التحقيق واتخاذ الاجراءات المناسبة في موضوع عدم تنفيذ قوى الأمن قرار وزير الداخلية بإخلاء مخفر الحراسة الذي وُضع في الطبقة الثانية في المبنى التابع لوزارة الاتصالات".

المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي أكد من جهته ان "قوى الأمن لن تسمح بتفكيك الشبكة الخلوية الثالثة ونقلها إلى جهة مجهولة، إلا بقرار من مجلس الوزراء"، مؤكداً ان "تعرض أي من أجهزة هذه الشبكة للتلف أو النهب تتحمّل مسؤوليته قوى الأمن الداخلي، وبالتالي هي لن تسمح بأن يحصل".

وقال في حديث تلفزيوني "ان مدّعي عام التمييز القاضي ميرزا لا يزال يدرس الطلبات التي قُدمت له حول هذه القضية، وهي تتمحور حول ثلاثة أسئلة: هل هناك جرم جزائي أم إداري أقدمت عليه قوى الأمن الداخلي؟ هل يحق لـ(وزير الاتصالات المستقيل شربل) نحاس أن يخالف قرار مجلس الوزراء؟ وهل يحق لشركة خاصة أن تنقل معدات تخصّ الدولة؟".

ميدانياً، فإنّ الوضع في مبنى الوزارة تغير مساءً مع دخول وحدات من الجيش اللبناني اليه بعد اتفاق على ذلك.
وأفادت مديرية التوجيه في قيادة الجيش، ان وحدة من الجيش تسلمت من فرع المعلومات المبنى التابع لوزارة الاتصالات في منطقة العدلية وباشرت مهمة تأمين حراسة الطابق الثاني من المبنى المذكور وتوفير الأمن في محيطه.
وأوضحت مصادر أمنية لـ"المستقبل" ان اتفاقاً حصل على أن يتسلم الجيش الطابق الثاني الذي يحوي شبكة الجيل الثالث. وقد سُلِّم بأبوابه المغلقة كما تسلّمته قوى الأمن أصلاً. وبقيت عناصر فرع المعلومات في الطابقين السابع والثامن كما كان الحال في السابق أيضاً.. و"الأهم هو أن الشبكة صارت تحت حراسة الجيش، وقيادة قوى الأمن مرتاحة جداً لهذه الصيغة".

وكشفت المصادر أن محضراً بالموجودات جرى التوقيع عليه من قبل المعنيين. وقد أُرفقت به نسخة عن طلب "أوجيرو" من قوى الأمن حماية المبنى والمعدات فيه.
وأوضحت مصادر سياسية أن الحل الذي تمّ التوصّل اليه "حفظ الهدف الأساسي الذي سعينا إليه، وهو حماية الشبكة ومنع المسّ بها تنفيذاً لقرارات مجلس الوزراء. وان أصل المشكلة يكمن في محاولة الوزير نحّاس مخالفة تلك القرارات ووضع اليد على ممتلكات عامة، وهو ما لم يحصل".

عون
وكان رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" النائب ميشال عون وصف ما حصل بأنه "خطر جداً وجريمة انقلابية مشهودة تهدّد مصير مجتمع ديموقراطي بأكمله"، داعياً رئيس الجمهورية الى "ممارسة صلاحياته لإزالة المخالفة الأمنية وسحب فرع المعلومات من مبنى وزارة الاتصالات وكف يد مدير عام قوى الأمن الداخلي وإحالته على المحكمة العسكرية"، وأعلن بقاء جلسات تكتله مفتوحة على أن "تُعقد جلسة استثنائية يوم الأحد لاتخاذ الموقف المناسب".
أحد نواب التكتل، آلان عون، كان أكثر وضوحاً عندما قال في حديث تلفزيوني "نحن حتى الآن نسير ضمن القوانين والدستور والمفروض أن يتحرك القضاء، والوقت مفتوح للمعالجة الدستورية، لكن إذا تخطينا الوقت ولم تُعالج المسألة ضمن الدستور والقانون، فنحن ذاهبون إلى مسار وخطوات تصاعدية"، وتابع: "عندما لا يعود هناك دستور نصبح ضمن شريعة الغاب، وهؤلاء الذين يتواجدون الآن في مبنى وزارة الاتصالات ليسوا عسكريين بل مسلحون، وإذا كان ما يريدونه إنزال مسلّحين فنحن قادرون على ذلك، وهل هذا ما يريدونه؟ نحن لا نتمنى أن نصل إلى هذه المرحلة"، مضيفاً: "إذا لم ننتبه في ظل الفرز الحاصل في البلد فسننزلق فجأة نحو الهاوية، والمطلوب من الجميع وخاصة من رئيس الجمهورية أن يتحرك كي لا تتطور الأمور نحو الأسوأ".

عضو تكتل "المستقبل" النائب أحمد فتفت ردّ على كلام النائب ميشال عون من الرابية، محمّلاً إياه المسؤولية الكاملة لما وصلت إليه الأمور، معتبراً ان "عون يتحمّل المسؤولية الكاملة لما يجري اليوم، باعتباره الناطق الرسمي باسم "حزب الله" الذي لا يريد أن يشكل حكومة في لبنان، حتى ان النائب وليد جنبلاط نفسه، خرج عن صمته وأكد ان الذي يؤخّر تأليف الحكومة في لبنان هو حزب الله".
وعن اعتكاف وزير الداخلية زياد بارود قال: "أحترم جداً الوزير بارود، إلا أنني أتمنى لو اعتكف عندما تم اجتياح مطار بيروت عندما عاد اللواء جميل السيد، وعندما تم منع القوى الأمنية من ممارسة صلاحياتها على مئات ملايين الأمتار من مشاعات الدولة والاستيلاء عليها". واضاف: "الوزير بارود الذي قرر الاعتكاف، يعلم قبل غيره ان ما قام به الوزير نحاس غير قانوني وغير مقبول بتاتاً".

ميقاتي
في الشأن الحكومي، لفت أمس كلام للرئيس المكلف نجيب ميقاتي أمام المشاركين في "منتدى الاقتصاد العربي" قال فيه "ان المدة اللازمة لتشكيل الحكومة ليست مفتوحة زمنياً، وفي اللحظة المناسبة سأتخذ القرار الصائب لوضع الأمور في نصابها الحقيقي". وشدد على انه "لم يتعرض لأي ضغط من أحد والضغط الوحيد عليه هو ضميره ومصلحة لبنان".

السابق
إطلاق فعاليات الأسبوع الثقافي في النبطية
التالي
 إيطاليا تنفـي مقـل جنـدي.. وبان ينـدد