اللواء: إحتواء سياسي للتمرُّد الجنبلاطي·· وميقاتي يقترب من المفاجأة

ما كادت الاتصالات البعيدة عن الاضواء تسيطر على نار الازمة التي تسبب بها قدوم الوزير شربل نحاس الى الطابق الثاني في مبنى التخابر الدولي الخميس الماضي، حتى انفجرت عبوة ناسفة في مركبة للوحدة الايطالية العاملة ضمن اطار قوات <اليونيفل> في محلة الرميلة، على بعد امتار قليلة من الاولي، في ما يتخطى الرسالة الامنية النارية للدول التي تتشكل منها <اليونيفل>، ولا سيما دول الاتحاد الاوروبي المنخرطة في اوسع اشتباك في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا·
وفيما اعلن الامين العام للامم المتحدة بان كي مون ان المنظمة الدولية تعمل بشكل وثيق مع السلطات اللبنانية لاجراء تحقيق كامل وسريع في الهجوم التي استهدف الوحدة الايطالية وتقديم الجناة للعدالة، كانت الاتصالات الدبلوماسية والامنية بين الجهات اللبنانية المختصة تركز على تحديد الجهة المستفيدة من هذا الخرق الامني الكبير، عشية الاتصالات الجارية في مجلس الامن لاتخاذ اجراءات ازاء ما يجري في اليمن وليبيا وسوريا، امتداداً الى العراق، ودور لبنان في منع الحاق الاذى في اي جهة عربية، ولا سيما سوريا·

ويأتي استهداف الوحدة الايطالية، في ظل نقاشات ايطالية داخلية تركز على تخفيض عدد الجنود الايطاليين البالغ عددهم 1500 جندي الى حوالى النصف·

في هذا الخضم اختلط التأزم الامني الدبلوماسي السياسي، إلا ان المشاورات الرئاسية لا سيما بين الرئيسين ميشال سليمان والمكلف نجيب ميقاتي استقرت على تريث حكومي جديد، بعدما كانت بعض النصائح التي تلقاها الرئيس المكلف تدعوه الى احداث صدمة، عبر اصدار مراسيم حكومة يرضى عنها ضميره، وتشكل نقطة جمع لمختلف القوى اللبنانية، وتمهد لمعالجة لكل الملفات الخلافية، بدءاً من <حادثة الاتصالات>·

وقرأت مصادر مطلعة كلام الرئيس المكلف امام المنتدى الاقتصادي العربي بخصوص انه سيأخذ القرار لوضع الامور في نصابها على مستوى التشكيل، بأنه نوع من تريث جديد، لا سيما بعدما جرى على صعيد <ازمة الاتصالات>، بحيث بات من الصعب على النائب ميشال عون التراجع عن تسمية الوزير شربل نحاس لحقيبة الاتصالات، والتي يرغب الرئيس ميقاتي بتسليمها الى جهة اخرى، وبعد خطاب عيد التحرير للامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، والذي كان واضحاً لجهة عدم الضغط على حلفائه، وفي مقدمهم عون، والذي كان احد دوافع النائب وليد جنبلاط لاعلان الموقف الذي وصفه في توضيحه لاحقاً بأنه <صرخة لدق ناقوس الخطر لما يحدق بلبنان من مشاكل ومصاعب كبرى لا يجوز التغاضي عنها>·

احتواء تمرّد جنبلاط وعلمت <اللواء> أن اتصالات حثيثة جرت مع جنبلاط <لاحتواء تمرده> عبر توضيح تصريحه لصحيفة <الاخبار>، الذي أعلن فيه أن <حزب الله لا يريد تشكيل الحكومة>· وقد اثمرت هذه الاتصالات عن تصريح جديد نقله الموقع الالكتروني للحزب التقدمي الاشتراكي، أكّد فيه جنبلاط ان تصريحه دقيق، لكن العنوان الذي وضع ولّد سوء فهم، مشيراً إلى أن قراءة المقالة كاملة تثبت أن هذا الكلام قيل من باب الحرص على المقاومة ومنجزاتها، وعلى الاقتصاد اللبناني، وعلى الاستقرار الداخلي، لا سيما بعد مرور ما يزيد عن أربعة اشهر على التأخير في تأليف الحكومة الجديدة·

ولكن اللافت في <توضيح> جنبلاط، ليس قوله أن تصريحه قيل قبيل كلمة السيّد نصر الله، أو تحميل المسؤوليات، بل وصفه حادثة وزارة الاتصالات <بالمسرحية>، معتبراً انها <نموذج عما يمكن أن يحدث في حال استمرار حالة المراوحة والشلل والتعطيل، وفي حال استمرار تفريغ المؤسسات من دورها ومن مهامها، في الوقت الذي يمر لبنان والمنطقة العربية بأكملها في لحظة سياسية شديدة الحساسية تتطلب أقصى درجات التضامن>·

وفي موازاة ذلك، نقل زوّار الرئيس المكلف عنه قوله ليلاً انه لن يستجيب لأي شرط من شروط عون، كما انه لن يتوجه إلى الرابية لزيارته، وهو لن يتصرف الا بما يراه مناسباً وينسجم مع رؤيته، بصرف النظر عن الوقت الإضافي الذي ستأخذه عملية التأليف· الا أن مصادر اخرى رأت خلاف ذلك، مشيرة إلى أن الرئيس ميقاتي كرئيس مكلف يقترب أكثر فأكثر من الخطوة المفاجئة التي سيقدم عليها، بتأليف حكومة أمر واقع، حتى ولو اقتضى الأمر خلق مشكلة جديدة في البلاد، فإنها تبقى اخف وطأة من انهيار البلد وتلاشي مؤسساته·

وبدا من تحذيرات جنبلاط أن ملف الاتصالات بات ملفاً ضاغطاً جديداً يفترض أن يسرّع في عملية تأليف الحكومة، لكن لا أحد يجرؤ من المسؤولين التصدّي لهذا الملف، على اعتبار أن حله جذرياً يحتاج إلى حكومة فاعلة، الأمر الذي يبدو بعيد المنال، نظراً للتعقيدات الجديدة التي تحول دون الاقدام على هذه الخطوة·

اللواء ريفي ووضعت مصادر شبه رسمية الخطوة التي تمّ الاتفاق عليها في شأن سحب <نقطة الحراسة> من الطابق الثاني من مبنى التخابر الدولي في العدلية ووضع قوة من الجيش مكانها، بأنه كان خطوة لسحب فتيل المواجهة بانتظار مخرج ما لا يبدو أنه متوافر إلا بعد تشكيل حكومة جديدة·

ووصف المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي لـ <اللواء> الخطوة بأنها <تسوية مُرضية، لا بل ممتازة>، مشيراً إلى <أن ما جرى كان عبارة عن إضاءة الأنظار على معدات يجب الحفاظ عليها وفق القانون>، مؤكداً <أن قوى الأمن والجيش جسم واحد، وثقتنا بالجيش كبيرة، كما هم ثقتنا بأنفسنا>·

وكشف اللواء ريفي أن وزير الاتصالات شربل نحاس أرسل جزءاً من مجموعة <الداتا>التي احتجزها لمدة شهر كامل، وقال: <نتأمل أن تكون هذه بداية، والجميع بات يشعر بأن المرحلة تتطلب التعالي والعمل بكل الجهود الممكنة لحماية الناس والوطن>·

الإتفاق الأمني وقضى الاتفاق الذي ساهمت به الاتصالات التي أجراها الرئيس ميشال سليمان مع كل من رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري ووزير الدفاع وزير الداخلية بالوكالة الياس المر ووزير العدل ابراهيم نجار في الوقت الذي كان يتم فيه تنسيق مباشر بين قائد الجيش العماد جان قهوجي واللواء ريفي، بأن يتسلما لجيش محيط المبنى والطابق الثاني والذي يحتوي على معدات الشركة الصينية، ويعود فرع المعلومات إلى المكان الذي كان فيه قبل الأزمة، أي الطابقين السابع والثامن، حيث يقع مركز اعتراض المخابرات (التنصت)·

وقضى الاتفاق أيضاً على أن يبقى الطابق الثاني من المبنى مقفلاً إلى حين اتخاذ قرار بشأنه من مجلس الوزراء·

وليلاً صدر عن قيادة الجيش – مديرية التوجيه بيان أفاد أن <وحدة من الجيش تسلمت مساء أمس، من فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي، المبنى التابع لوزارة الاتصالات في منطقة العدلية، وقد باشرت هذه الوحدة مهمة تأمين حراسة الطابق الثاني من المبنى المذكور وتوفير الأمن في محيطه>·

وأوضح المكتب الاعلامي في رئاسة الجمهورية أن موضوع إخلاء المبنى جاء تنفيذاً لقرار وزير الداخلية، وأن رئيس الجمهورية شدد على أن الاجراءات المتعلقة بالتحقيق بالحادثة وتصرف أفراد القوى الأمنية داخل المبنى تبقى موضع تحقيق، واتخاذ الاجراءات المناسبة لمعاقبة المخالفين ومنع تكرار ما حصل·

لا تجاوب مع دعوة عون إلا أن الأوساط المتابعة لهذه التطورات، استبعدت إمكانية التجاوب مع دعوة عون لإحالة هذه القضية على القضاء العسكري، وإبقائها، بالتالي، في عهدة النيابة العامة التمييزية التي تدرس الاجراءات الواجب اتخاذها للبدء بالتحقيقات وتحديد المسؤوليات·

واعتبرت مصادر قضائية ان احالة هذا الملف الى القضاء لا ينطبق مع واقع الازمة السياسية التي فجرت الاشتباك بين الطرفين، حيث لا تتوافر عناصر جرمية، او مخالفات ادارية تقتضي فتح تحقيق قضائي وانزال عقوبات بأحد الاطراف، على اعتبار ان ما قامت به قوى الامن بناء لأوامر المدير العام، قد تم في اطار المحافظة على مؤسسة عامة وموجوداتها، كما اقرها مجلس الوزراء بموجب قرار واضح وصريح، وبناء لطلب من الوزارة المعنية في حينه·

وكشفت المصادر ان الوزير نحاس استغل فرصة غياب المدير العام لمؤسسة <اوجيرو> عبد المنعم يوسف، في اجازة مرضية مدتها 72 ساعة، لاجراء عملية جراحية في باريس، للدخول الى المبنى المذكور، بقصد اثارة ازمة اعلامية، مع ان يوسف كان ابلغ الرئيس سليمان يوم الاثنين الماضي بالوضع السائد في الوزارة، تخوفاً من اجراء ما قد يقدم عليه نحاس لتفكيك معدات الشبكة الثالثة·

ولفتت المصادر الى ان تصرف الضابط آمر قوة قوى الامن الداخلي المولجة بحماية المبنى مع الوزير نحاس، كان في مستوى اللياقة الرسمية، والتزام اصول الأمرة العسكرية عندما أبلغه انه مستعد للانسحاب فوراً من المبنى عندما يتلقى امراً من قيادته التي كلفته بالحضور الى مبنى الاتصالات، وانه لا يعيق حركة العمل ولا يمنع دخول الوزير، لكنه مكلف بموجب امر المهمة بالحفاظ على موجودات شبكة الاتصالات او منع نقلها الى خارج المبنى·

ولاحظت المصادر ان الاتفاق الامني اعاد الازمة في وزارة الاتصالات الى ما كانت عليه قبل سفر يوسف، ولم يعرف ما اذا كان من شأنها ان تلغي الخطوات التي لوح عون باتخاذها غداً الاحد، اذا لم يتم كف يد اللواء ريفي واحالته الى القضاء العسكري، وبينها تنفيذ اعتصام نقابي امام مبنى الاتصالات في العدلية·

انفجار <اليونيفل> وكان الانفجار الذي استهدف دورية من الكتيبة الايطالية العاملة في اليونيفل في محلة الرميلة على الطريق الدولية بين بيروت وصيدا، قد خطف الانظار من ازمة الاتصالات، وكان موضع متابعة رسمية وشعبية وسياسية، حيث ادانها الرؤساء سليمان ونبيه بري وميقاتي، الى جانب عدد من النواب والوزراء بالاضافة الى حزب الله·

وكانت الدورية مؤلفة من اربع سيارات، تضررت إحداها مما ادى الى اصابة 6 جنود من اليونيفل بجروح حالة اثنين منهم خطرة، واصابة مواطنين صودف وجودهما في المنطقة بجروح طفيفة·

يذكر ان الانفجار هو الرابع الذي يستهدف اليونيفل منذ تعزيز قواتها بعد حرب تموز 2006·

قدرت مصادر امنية لـ<اللواء> قوة العبوة الناسفة بحوالى 12 كيلوغراماً من مادة ت·ن·ت كانت موضوعة في علبة حديد، وان عملية التفجير تمت لاسلكياً، علماً ان المنطقة التي وقع فيها الانفجار ضيقة ومكشوفة من العديد من المباني والتلال المجاورة·

السابق
بلدية صيدا تجهّز المسبح الشعبي
التالي
فتفت: بارود مخطئ وتصرّف نحاس يخدم إسرائيل