السياسة: الجيش اللبناني يتسلم مبنى “الاتصالات” من المعلومات منعاً لانفجار الأزمة

فيما كرست حادثة وزارة "الاتصالات" حالة الانقسام السياسي والطائفي في لبنان, وظهَرت بوضوح مدى التشرذم والتآكل اللذين أصابا المؤسسات, بقيت تفاعلاتها في الواجهة, في وقت انصبت الجهود التي بذلت في الساعات الماضية على معالجة ذيول هذه الحادثة بعد الإشكال الذي حصل بين وزير الاتصالات شربل نحاس وعناصر فرع "المعلومات" التابع للمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي, حيث تركزت الاتصالات التي أجراها رئيس الجمهورية ميشال سليمان على وضع ما جرى في إطاره القانوني بعيداً من أي استثمارات سياسية وبما يخفف من حدة الاحتقان ويضع الأمور في نصابها الصحيح.

وتابع سليمان مع كل من وزراء الدفاع الياس المر والداخلية والبلديات زياد بارود والعدل ابراهيم نجار في حكومة تصريف الأعمال, مسألة تكليف القضاء التحقيق واتخاذ الإجراءات المناسبة في موضوع عدم تنفيذ قوى الأمن قرار وزير الداخلية بإخلاء مخفر الحراسة الذي وضع على الطبقة الثانية في مبنى وزارة الاتصالات.

ومساء أمس, ذكر بيان صادر عن المكتب الاعلامي لرئاسة الجمهورية ان "قوى الامن الداخلي أخلت مبنى الاتصالات تنفيذاً لقرار وزير الداخلية, وتسلم الجيش اللبناني مسؤولية حماية الموقع".
وكانت عناصر من فرع المعلومات في قوى الامن الداخلي تنتشر بكثافة منذ أول من أمس داخل المبنى التابع لوزارة الاتصالات بهدف حماية شبكة للهاتف الخليوي, أعطى وزير الاتصالات شربل نحاس أمراً بتفكيكها ونقل معداتها.
وأعلن المدير العام لقوى الامن الداخلي اشرف ريفي في وقت سابق من أمس أنه "لن يسمح بنقل الشبكة الخليوية إلا بقرار من مجلس الوزراء".

ولم يعلم ما إذا كان انتشار الجيش هو جزء من اتفاق على الإبقاء على الشبكة أم مقدمة لتفكيكها.
وعلمت "السياسة" أن هناك اتصالات تجري مع الوزير بارود لعودته عن قراره بالاعتكاف عن ممارسة صلاحياته كوزير تصريف أعمال, تجنباً لمزيد من الشرذمة في عمل المؤسسات وخاصة الأمنية منها, ولأن البلد لا يحتمل الكثير من الهزات, في ظل الفراغ القائم نتيجة العجز في عملية تشكيل الحكومة.

وأكدت مصادر نيابية بارزة في كتلة "المستقبل" ل¯"السياسة" أن ما قام به فرع المعلومات في وزارة الاتصالات, كان رداً على ممارسات الوزير نحاس الكيدية طوال أشهر عدة, حيث أنه لم يكن يتجاوب مع طلبات تقدمت بها المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي للحصول على "داتا" الاتصالات للاستفادة منها في تعقب حركة الاتصالات بخاطفي الأستونيين وقتلة المؤهل في فرع المعلومات في مجدل عنجر راشد صبري, وكأنه لا يريد أن تساهم وزارته في كشف هذا اللغز وإماطة اللثام عن هذه القضية.

وأشارت إلى أن الوزير نحاس كان يرفض دائماً التعاون مع شعبة المعلومات بناءً لأوامر أسياده, لا بل أكثر من ذلك فإنه عمل على عرقلة عملها مراراً لكي لا يسجل لها نجاح في تعقب المجرمين وإلقاء القبض عليهم.
في المقابل, عقد تكتل "التغيير والاصلاح" المعني مباشرة بالحادثة, اجتماعا استثنائياً, أمس, برئاسة العماد ميشال عون الذي دعا الرئيس ميشال سليمان الى كف يد المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء اشرف ريفي واحالته الى القضاء العسكري, معتبرا ان على الرئيس سليمان ان يمارس الصلاحيات التي معه الآن قبل المطالبة بصلاحيات إضافية, كما حمل رئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري مسؤولية ماوصفه "تغطية العمل الانقلابي".

وأشار إلى "تصرف الأجهزة الأمنية كميليشيا تمردت على السلطة الدستورية", مشدداً على أن "ما حدث جريمة مشهودة انقلابية وفقاً لقانون القرار العسكري في مادتي العصيان والتمرد", متوجهاً لسليمان بالسؤال "هل يجوز لمدير عام قوى الأمن أن يطيح بوزيرين"?, في إشارة إلى وزير الاتصالات شربل نحاس ووزير الداخلية زياد بارود.

ووسط المناخ المشدود, أبدت اوساط مطلعة خشيتها من تفاقم الوضع في شكل تصاعدي في ظل تمترس الاطراف, كل خلف موقعه, فيما الحقيقة ضائعة بين الروايات المتضاربة حول خلفية الاشكال.
والخطورة, حسب الاوساط, تكمن في امكان خروج الامور عن ضوابطها وتكرار مشهد "7 مايو" 2008, بعدما تبينت خلفيات سياسية وطائفية خلف الحادثة, وسط تساؤلات عن الهدف من وراء الشبكة الثالثة ولمن ولماذا تسمح او تمنع, مذكرة بأن أحداث "7 مايو" المذهبية نشأت على خلفية الاتصالات أيضاً.

السابق
عندما أحرق السوريون صور نصر الله
التالي
السياسة: الحريري حذر من أي محاولة لاستخدام لبنان ساحة لتوجيه الرسائل