الراي: ثمن الاحتجاجات في سورية… باهظ

بالنسبة لالاف المحتجين الذين يتظاهرون في شوارع سورية ضد الرئيس بشار الاسد، فان الخوف يستبد بهم من ان تخطفهم ايد خفية من بين الحشود.
وهو ما يعني انهم وقعوا في قبضة عنصر امن بملابس مدنية اندس بين الحشود، في اشارة الى بداية رحلة ربما تنطوي على الاعتقال والضرب وهو مكبل اليدين ومعصوب العينين مع الشتائم كنوع من العقاب لانه تجرأ على الاحتجاج على التظاهر ضد 11 عاما من حكم الاسد الاستبدادي.

وحظرت سورية غالبية وسائل الاعلام الدولية منذ بدء الاحتجاجات قبل شهرين، ما يجعل من الصعب التحقق من الروايات عن العنف خلال الاحتجاجات المؤيدة للديموقراطية والمستوحاة من انتفاضات اخرى في العالم العربي.
وتحدثت «رويترز» مع ثلاثة اشخاص شاركوا في الاحتجاجات في دمشق وسردوا روايات مفصلة عن القمع على ايدي القوى الامنية السورية عندما كانوا رهن الاعتقال.
وقال احدهم الذي تمت معاملته في شكل قاس جدا واضطر ان يقسم بأنه سيبقي سرا تفاصيل معاملته خلال الاحتجاز، وتمت عدم ذكر اسماء وتفاصيل اخرى عن مكان احتجازهم والتظاهرات التي شاركوا فيها بسبب الخوف من التعرف عليهم.
ورغم ان شهادتهم لا يمكن التأكد منها في شكل مستقل، لكنها متشابهة مع الشهادات التي قامت منظمات حقوقية منها «منظمة هيومان رايتس ووتش» بتوثيقها.

مراسل «رويترز» الذي كان اعتقل في سورية في مارس، كان شهد حالات تعذيب من بينها رجال كانوا يتلقون صعقات من الكهرباء وتم تعليقهم بارجلهم وتم ربط اعضائهم باسلاك بلاستيكية.
ورفض مسؤول في الاعلام السوري التعقيب على اقوال الشهود وفي شكل عام، فان السلطات السورية لا تعلق على الوسائل التي تتبعها من اجل قمع المعارضة. وتقول السلطات السورية بانهم يحافظون على النظام بوجه ثورة يقوم بها «اسلاميون متشددون».

واجمع الرجال الثلاثة على انهم تعرضوا للضرب بالعصي والهراوات وجرتهم القوى الامنية بعيدا عن موقع الاحتجاجات التي انضموا اليها.
وقال شاب عمره 22 عاما واحتجز لاكثر من ثلاثة اسابيع «عندما وصلنا فورا وضعوا القيود في ايدينا واغمضوا اعيننا وطبعا استلمونا بالضرب وكان هناك حفل الاستقبال قبل ان يحققوا معنا وقبل كل شيء اي انهم ألقوا بنا ارضا وكان عناصر الامن يقفون على ظهورنا ويمعسوننا ويعمل وثب على ظهرنا ويقفز عليه بحدود خمس الى ست عناصر قفزوا علينا هكذا… يقفز واحد وينتهي دوره ويأتي الذي يليه اي بالتناوب».
كما قال انه تعرض للصعق بالكهرباء عند حلمتي ثدييه والرسغين والمرفقين والركبتين والكاحلين لرفضه الكشف عن اسماء اصدقاء له شاركوا في المظاهرة.

اضاف: «اول ستة ايام لم يأخذوني الى الزنزانة. بقيت في الممر مغمض العينين ومقيد اليدين. وممنوع من النوم وكنا نشرب الماء كل يومين وكان معنا 30 ثانية في الحمام في حال تأخرت اكثر من 30 ثانية يتعاقب الواحد على الدولاب. اذا الواحد تأخر اكثر من 30 ثانية في التواليت يضعوه على الدولاب».

لقد خسر الاحساس بركبتيه وساقيه بعد الجلوس القرفصاء لفترة طويلة وطلب مقابلة طبيب السجن.
اضاف: «اخذوني عند طبيب السجن الذي سألني لماذا لا تستطيع ان تمشي قلت له ان ركبي تجمع الدم فيهما ولم استطع ان احركهما فراح يركلني عليهما برجليه وقال لي هل هكذا افضل… وصفعني على وجهي».
وكان الرجل اعتقل في مارس الماضي عندما لم تكن الاضطرابات توسعت الى مناطق عدة من البلاد بعد. وليلة واحدة عقب توسع الاحتجاجات الى اماكن اخرى «كان الضرب مستمر طول الليل حتى انه طلب مني ان اقف وادخل العصى في مؤخرتي».
وبخلاف التعذيب الجسدي، فان قوات الامن تستخدم الطرق التي تنال من نفسية السجناء.

وقال رجل انه طوال فترة اعتقاله فان القوات الامنية كانت توحي بانهم سيصبحون خارج الزنزانة قريبا لكنها تعود عن ذلك.
وتابع: «الطريقة التي كانوا يفتحون بها ويغلقون الباب كانت طريقة مخيفة. انت تستيقظ بفزع عندما تسمع صوتا من هذا القبيل فانك تعتقد انها طلقات نارية».
واضاف الشاهد البالغ من العمر 23 عاما ويعيش في دمشق «انا كنت بين التفكير اننا سنخرج من هنا بعد ساعتين او ان يقتلوننا في هذه الزنزانة، في حين شملت عمليات الاستجواب اسئلة حول لماذا شاركنا في الاحتجاج وكيف كنا نعرف بها واسئلة اخرى بدا ان هدفها هو تعزيز رواية السلطات بان الاضطرابات تغذيها مؤامرة خارجية بواسطة الاسلاميين وقوى خارجية.
سألوني هل انا عضو في حزب البعث، وسألوا هل انا مسلم. هل اطبق تعاليم الاسلام».

واضاف لـ «رويترز»: «غرض هذا السؤال هو معرفة ما اذا كنت تدعم جماعة الاخوان المسلمين. كانوا يحققون في ملابسك في لحيتك والطريقة التي تتكلم بها واذا قال انك تطبق تعاليم الاسلام فان هذه تكون نقطة ضدك».
وقال رجل ثالث انه تم سحبه بعيدا عن الاحتجاج حيث كان المتظاهرون يرددون النشيد الوطني ويحملون لافتات كتب عليها «انهاء الحصار في درعا».
وتابع: «شعرت بالخوف لا نعرف الى اين ذاهبون لا نعرف اذا كنا سنخرج لا نعرف اذا العالم يعرف عنك شيئا…. كانوا يهددون بانك لن تخرج ولن ترى الشمس مرة اخرى».
وقال ان قوات الامن كانت على وجه التحديد اكثر وحشية مع سجناء كبار السن او اولئك الذين يعانون من ظروف طبية. اضاف: «اجبرونا ان نقف عراة في بعض الاحيان ضرب غير ممنهج… حبسونا في غرفة صغيرة كنا 27 شخصا في غرفة لا تتعدى مترين او ثلاثة امتار».

وقال الشخص الذي اعتقل في وقت سابق هذا الشهر «شعرنا بهذه الغرفة بان تعليمات الامن ان لا تقتلوا احدا ولكن اذا قمتم بذلك فلا مشكلة».
وقال الرجل ان ليس هناك طريقة لاحتواء الاسد كما كان من قبل وتوقع ان تتصاعد الحركة الجماهيرية ضده.
واوضح احد الرجال «تعرضت لاسوأ شيء وبعد ذلك فان اي شيء يأتي لن يكون اسوأ. حاجز خوفي انكسر. لا يهمني اي شيء اخر».
وتقول جماعات حقوقية ان القوات السورية قتلت 1100 شخصا على الاقل في حملة لاخماد موجة الاحتجاجات.

السابق
تقرير عن مارون الراس
التالي
الديار: جهود سليمان نجحت