الغرب يسأل عن الحكومة والجولان

شهدت بيروت في الأيام الماضية زحمة زيارات لمسؤولين أميركيين وبريطانيين وايرانيين وفرنسيين وعراقيين في وقت واحد. فقد زار لبنان مساعد وزيرة الخارجية الأميركية السفير السابق في لبنان جيفري فيلتمان، ومدير شؤون الشرق الأوسط في الخارجية الإيرانية السفير السابق في لبنان محمد رضا شيباني، والناطق باسم الحكومة البريطانية مارتن واي، ومسؤولان فرنسيان احدهما من وزارة الخارجية والثاني ممثل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي رئيس الحكومة السابق جان بيار رافاران. كذلك زار لبنان وزير عراقي سابق مقرب من رئيس الوزراء نوري المالكي. وقد عقد هؤلاء المسؤولون لقاءات مكثفة مع المسؤولين اللبنانيين ومع عدد من الشخصيات الاعلامية والثقافية وممثلي المجتمع المدني.

وجاءت هذه الزيارات في ظل ما يشهده لبنان والمنطقة من تطورات خطيرة، سواء لجهة الوضع السوري، أو الاحداث التي جرت على الحدود مع فلسطين في 15 أيار الماضي، اضافة إلى تطورات الوضع الحكومي.

كل هذه الأحداث شكلت محور المناقشات والمحاورات التي اجراها هؤلاء الزوار مع القيادات اللبنانية، ما يؤكد أهمية الوضع اللبناني في سلم الاهتمامات الدبلوماسية وانعكاس ما يجري في الوطن العربي على التطورات اللبنانية.

فما هي أبرز القضايا والموضوعات التي أثارها هؤلاء المسؤولون والدبلوماسيون في لقاءاتهم اللبنانية؟ وإلى أين تتجه الأوضاع وفقاً للقرارات الدبلوماسية العربية؟

من الجنوب للجولان

بداية، ما هي أبرز القضايا والموضوعات التي أثارها المسؤولون والدبلوماسيون الأميركيون والبريطانيون والايرانيون والفرنسيون والعراقيون خلال زياراتهم للبنان ولقاءاتهم مع المسؤولين والقيادات اللبنانية؟

مصادر مواكبة للقاءات أبرزت أهم النقاط والموضوعات التي شكلت محور البحث والنقاش:

1- التطورات العربية عامة وما يجري في سوريا على الأخص، فمعظم الزوار يتناولون التطورات العربية ونتائج الثورات المتنقلة من بلد إلى آخر، وإن كانوا يقفون أساساً عند الوضع في سوريا والاحتمالات المتوقعة ومدى قدرة النظام على الصمود وانعكاس ما يجري في سوريا على الوضع اللبناني خاصة ووضع المنطقة عموماً.

2- الاحداث التي شهدتها الحدود مع فلسطين من جنوب لبنان الى الجولان وصولاً لغزة والضفة، فقد توقف هؤلاء الزوار عند خطورة هذه الأحداث وتساءلوا عمن يقف خلفها وعن دور حزب الله وسوريا في دعم هذه التحركات، والدلالات الاستراتيجية والسياسية لهذه الاحداث.

كذلك جرى التطرق لمواقف الرئيس الأميركي باراك أوباما والدور الذي يمكن ان تؤديه اميركا على صعيد الصراع العربي – الاسرائيلي.

3- الوضع الحكومي: حيث تمحورت الأسئلة حول أسباب تعثر تشكيل الحكومة الجديدة وهل السبب فقط الخلافات بين الأفرقاء اللبنانيين أم ان هناك أسباباً أخرى تتعلق بالمحكمة الدولية والوضع في سوريا.

4- القضية الرابعة التي ركّز عليها بعض الزوار الغربيين تتعلق بمؤسسات المجتمع المدني ودور وسائل الإعلام في الثورات العربية وقضية الديمقراطية وموقف القوى الإسلامية مما يجري وهل ستكون أمام واقع اسلامي جديد بعد هذه التطورات وما هو دور الاخوان المسلمين والتيارات السلفية وهل ستحدث حروب مذهبية جديدة أم ان القوى الإسلامية قادرة على التكيف مع المتغيرات الحاصلة؟

توقعات مستقبلية

خلال لقاء مع احد الزوار الدبلوماسيين الغربيين ومسؤول عراقي سابق تحدث عن التطورات في لبنان والمنطقة ومما قالاه وتوقعاه: «ان الأميركيين والأوروبيين سيصعدون من مواقعهم تجاه سوريا وليبيا وبعض الدول العربية في المرحلة المقبلة من أجل دعم قوى التغيير وان الرؤساء العرب اذا لم يتجاوبوا مع المطالب الشعبية فإنهم سيتعرضون لمزيد من الضغوط السياسية والاقتصادية والميدانية بما يضمن أيضاً المصالح الغربية».

اما على صعيد الدور الأميركي في الصراع فأوضح الدبلوماسي الغربي «ان الرئيس الأميركي باراك أوباما وبعض المسؤولين الأوروبيين يريدون حصول تطورات ايجابية على صعيد الصراع العربي – الاسرائيلي وتحريك عملية التسوية، ولا سيما بعد المصالحة الفلسطينية – الفلسطينية، لكن من غير الواضح مدى القدرة على تحقيق التقدم. وان الأوروبيين لن يتعاملوا مع أية حكومة تشارك فيها حركة حماس إذا لم تعترف الحركة بإسرائيل وتوقف العنف اما اذا تشكلت حكومة تكنوقراط فلسطينية فيمكن التعامل معها».

أما عن الوضع اللبناني والموقف من حكومة الرئيس نجيب ميقاتي عندما تتشكل، فرد الدبلوماسي الغربي: وهل ستتشكل هذه الحكومة؟ وكيف ستتشكل؟ ومن ستضم؟ لأن الموقف الأميركي والأوروبي من الحكومة سيكون مرتبطاً بجدول اعمالها ومواقفها من مختلف القضايا وخصوصاً المحكمة الدولية والأوضاع في المنطقة.

وعن التطورات العربية أكد الدبلوماسي الغربي والمسؤول العراقي السابق ان ما جرى في الوطن العربي أدى إلى نتائج سياسية واستراتيجية كبيرة وان لا أحد يستطيع ان يحدد مسار الأمور مستقبلاً، لكن لم يعد بالامكان العودة الى الوراء، ونحن أمام تحديات جديدة. والسؤال الأهم هو أي دور للقوى الإسلامية في المرحلة المقبلة، وخصوصاً الاخوان المسلمين والسلفيين؟ وهل هؤلاء سيلتزمون بالديمقراطية بشكل نهائي أم انهم سيستفيدون منها بشكل مؤقت؟ وهل سنشهد حروباً مذهبية جديدة؟

وقد أبدى الدبلوماسي الغربي اهتماماً خاصاً «بدور الاعلام ودور الشباب وما يسمى «الاعلام الجديد» وخصوصاً المدونين والناشطين على «الفايس بوك» لأن هؤلاء سيكون لهم أدوار هامة في المرحلة المقبلة، فنحن أمام عالم جديد وعلينا الالتحاق به وإلا فإن التطورات ستسبقنا».

السابق
الأطفال يحتفلون بعيد التحرير في بنت جبيل
التالي
القنابل العنقودية في النبطية