بلدات منطقة مرجعيون رهينة الإهمال والحرمان

لم تشهد منطقة مرجعيون بعد تحريرها عام 2000 إلا قليلاً من المشاريع التي تساعد على صمود الأهالي وبقائهم في أرضهم، فحركة العمل مشلولة والأوضاع الإقتصادية والمعيشية صعبة، ومجمل أحاديث الناس مع الذكرى الحادية عشرة للتحرير، تتجه نحو انتقاد الإهمال الرسمي وتخلي الدولة عن دورها في حماية الأهالي، وخصوصاً من الناحية الإجتماعية، حيث الغلاء الفاحش وصل إلى أعلى مستوياته ناهيك عن الارتفاع في أسعار المواد الغذائية وأسعار المحروقات وخلافه..
"لـواء صيدا والجنوب" قام بجولة تفقدية في المنطقة واطلع على أوضاع قراها واستمع من أهاليها على مشاكلهم وحاجاتهم..

على الرغم من مرور 11 عاماً على التحرير، فإن مشاكل أهالي البلدات الجنوبية، الذين صمدوا مدة ربع قرن بوجه العدوان، هي في تزايد مستمر، ومع ودخول المؤسسات الرسمية إليها فهي لا تزال رهينة الإهمال والحرمان على مختلف الأصعدة، سكانها يعيشون على الهامش وبدون مقومات معيشية واجتماعية واقتصادية وإنمائية وحتى صحية ضرورية.
أمل أبناء المنطقة الحدودية التي كانت محتلة وتحررت في العام 2000 بعودة فعلية للدولة وتفعيل لدور المؤسسات والوزارات فيها، لكنهم صدموا بمساعداتها المحقة لهم، وبدلاً من تقديم كافة الخدمات ودفع كافة التعويضات المستحقة لبقائهم في أرضهم، وتحسين أوضاعهم الاقتصادية، باشرت أجهزتها ومنذ اللحظة الأولى للتحرير على تحصيل الرسوم والضرائب السابقة وتعدتها لتصل إلى فرض ضرائب جديدة، ساهمت في تفاقم الأزمة الاقتصادية والمعيشية للمواطنين وأضعفت الطبقة الفقيرة التي لم يعد لها مكان في هذا الوطن، وجعلت الحياة شبه مستحيلة.

سياسة الحرمان
سياسة الحرمان وإهمال حقوق المواطنين وحاجات القرى ما زالت مستمرة، ولم يعد المواطن قادراً على تحمل نتائجها في ظل تعطيل عمل المؤسسات بسبب الأوضاع السياسية والتجاذبات والصراعات الحزبية التي شلت البلد خاصة في هذه المرحلة الدقيقة من عمر الوطن الذي يعيش في ظل عدم تأليف حكومة فعلية قادرة على تحصين حدوده وحماية أبنائه.
وخير دليل على هذه السياسة المتبعة هو معتقل الخيام الذي يعتبر من أهم معالم الإجرام والحقد الصهيوني، ما زال على حاله من الدمار والخراب وينتظر الرعاية والاهتمام والترميم، وحكايات زنزاناته ورمزيته للمقاومين وللشعب. وهذا المعلم المنسي بسبب انشغال السياسيين، يعيش حالة حزن حقيقي، وما زال على وضعه بالرغم من مرور حوالى 5 أعوام على تدميره بالكامل خلال حرب تموز ومقومات معتقل الخيام وحكايات الأسرى وآلامهم، التي تطايرت وتناثرت في أرجاء المنطقة بعد التدمير الهمجي الصهيوني، ما زالت تنتظر صحوة ضمير حكامه في إعادة وترميمه ولو بالحد الأدنى، وكذلك ضمان استمرار الخدمات الاجتماعية والاقتصادية للأسرى.
فهذه البلدات الجنوبية التي تحدت العدو الصهيوني طيلة ربع قرن، تعاني ومنذ فجر التحرير من مشاكل في الخدمات الصحية والاجتماعية، وفي البنى التحتية وخدمات الهاتف الخليوي، وانعدام فرص العمل جراء غياب المشاريع الإنتاجية والمصانع والمعامل التي تشغل اليد العاملة، وغياب الاهتمام بالإنتاج الزراعي ومشاكل العاملين في القطاعين الزراعي والصناعي. هذا فضلاً عن حاجة الطلاب إلى الجامعات لمتابعة تحصيلهم العلمي.

الجمال في الخيام
ملكة جمال لبنان رهف عبدالله وخلال زيارتها بلدتها الخيام، توجهت عبر "اللـواء" فقالت: مناسبة التحرير عظيمة ومحطة تاريخية في حياتي، فقد شعرت بأهميتها لحظة دخولي البلدة بعد زوال الاحتلال الإسرائيلي، لا سيما وأن الخيام أصبحت رمزاً للمقاومة والتحرير، واليوم نأتي إليها عشية ذكرى التحرير لكي نبرهن للعالم أهمية الحرية لهذه المنطقة التي تعكس صورة لبنان الجميل والمشرق لكل دول العالم.
وأضافت: عشت طفولتي في بيروت، وكنت أتردد إلى الخيام، لكن ظروف الاحتلال كانت تمنعنا من التحرك والعيش بسلام، ومع تحرير المنطقة في العام 2000 أتيت إلى الخيام وشاهدت الفرحة والبسمة على وجوه الأهالي، وخاصة الأسرى الذين تحرروا من معتقل الخيام وهذا النهار لن أنساه طوال حياتي.

محمد ياسين (من بلدة دبين) قال: ولدت منذ 11 عاماً بعد زوال الاحتلال عن أرض الجنوب، لأنني اعتقلت وتعرضت للإهانة ولم أكن وحيداً بل كنت واحداً من الشباب المقاوم الذي دفع ضريبة عن كل العرب والشرفاء في العالم، التحرير شيء كبير كنا نحلم بتحقيقه، واليوم أفضل بكثير مما كان عليه قبل التحرير، لم يتغير شيء بعد التحرير ولم يشعر المواطن بتعويض الدولة عليه بعد 25 سنة من الاحتلال، فالخدمات مفقودة والإنماء مشلول، وهذا المواطن يشعر بلذة التحرير ولكنه لم يلمس نتائجه على صعيد الوطن مثل غيره من المواطنين.
وطالب "الدولة أن تنظر إلى مشاكل الأهالي وتؤمنها، والتعويضات للمواطنين خلال سنوات الحرب، فالمنازل والمؤسسات التي تهدمت وتعطلت من يعوض على أصحابها وكذلك الهجرة التي تسبب فيها الاحتلال والعائلات التي تهجرت من يساعدها حتى تعود".
واعتبر ياسين "إن مشهد فلسطين الذي يمتد أمامنا يذكرنا بأن طريقنا ما زالت طويلة، ومطلوب منا جميعاً بذل الجهد والعطاء وتقديم التضحيات من أجل القضاء على أسباب كل الآلام التي مررنا بها. وأنا أقف في عرين العزّة والكرامة في الخيام، وعندما نرى جمهور الوعد الصادق يلتف حول المقاومة ويكرم المقاومين نكون واثقين أن الطريق التي سلكناها طريق الحق والانتصار".

لا تشعر بالغربة
خضر طراف، رأى "أن الشيء الأساس في التحرير، هو أنك تعيش في كنف الدولة ولا تشعر بالغربة، وكان على الدولة عند دخولها إلينا أن تعمل على تأمين فرص عمل للمقيمين فيها، لأن الشباب حرموا من التوظيف مدة طويلة بسبب الاحتلال، والأهالي لم يعد باستطاعتهم تأمين لقمة العيش الحرة، لذلك شهدت المنطقة ومنذ عام التحرير هجرة كبيرة، ونأمل أن ينظر المسؤولون إلى إعادة الإنماء الإقتصادي المتوازن لهذه القرى وبسرعة، لكي تتوقف الهجرة ولكي نتمكن من إعادة المسافرين".
وأضاف: نحن نعيش الفراغ يوماً بعد يوم في قرانا، وهذا شيء سلبي ويؤثر على نفسية المواطنين، وعلى الدولة أن تضع ثقلها في المنطقة، لكي يصمد الجنوبيين ولكي لا يفكروا بالسفر خاصة عندما تعتبر هذه المنطقة منطقة المواجهة الأولى.
وأشار طراف إلى "أن الدولة نفّذت نحو 10% من المشاريع الإنتاجية في المنطقة والمطلوب أكثر بكثير، ولا يوجد مشاريع إنمائية كبيرة فيها، ولا مزارع ومصانع ومعامل تساهم في تشغيل اليد العاملة، فلا يجوز وبعد تحرير المنطقة منذ 11 عاماً أن يبقى المواطن يعيش من قلة الموت، وعلى الدولة أن تفكر جدياً بمشاريع لكي نبقى صامدين ولا يكفي أن يقولوا لنا أننا مقاومون وهذه الصورة لا تكفي وعليهم إيجاد الآليات لدعمنا من خلال إنشاء مصانع ومعامل وأماكن تجارية لمساعدة المنطقة".

مهيب فرحات قال: لقد تم اعمار المنطقة بعد التحرير، وبعد العام 2006 دمرت، لكن الشعب المقيم قوي وصامد، أعاد بنائها وهو جبار ليس من اليوم فحسب بل منذ الحرب العالمية الثانية، تهجرنا عدة مرات مرة على كفرشوبا ومرة إلى الغجر، تدمرت بيوتنا وعدنا عمرناها، وما زلنا صامدين، وتعتبر منطقتنا اليوم هي من أفضل المناطق على الصعيد الأمني ونعيش بألف خير مع جميع الطوائف ولا نخشى سوى العدو الإسرائيلي.
وأضاف: نحن لم نرَ الدولة ليس بعد التحرير فقط بل منذ العام 1967 فهي غائبة عن المنطقة، وهي التي تخلت عنا ونحن لم نتخل عن منطقتنا طيلة هذه المدة، ورغم تخلي الدولة عنا نحن معها ونؤيدها ونحميها بكل ما لدينا من قوة، وعليها أن تفعّل دور ومؤسساتها.
وختم فرحات: نريد أن تنهض الدولة وترفع الديون عن الشعب وتزيل الفقر، وتؤمن مقومات الصمود والبقاء من بنى تحتية وتعمل على إقامة المعامل والمصانع والجامعات في مناطقنا الريفية وتعمل على تأمين شبكات الصرف الصحي والمياه وغيرهما لتؤمن بقاء المواطن.
* حسن حبحب، وصف ذكرى التحرير بأنها "مناسبة كبيرة وعظيمة"، وقال: هذه الأرض التي شهدت على همجية الاحتلال في الفترة الماضية تعيش بسلام واستقرار، ونحن نريد توجيه رسالة للعدو، ونقول له أننا شعب يحب الحياة ومتمسك بالأرض والقضية والمشروع، ولن نتخلى عن شبر من أرضنا المحتلة، ولبنان كتب لكل الأمة العربية أن بإستطاعة قوة صغيرة أن تقهر العدو، وتكتب الانتصار تلو الآخر.
وأضاف: خيار المقاومة حتماً منتصر لأن الدفاع عن العاصمة والاستقلال وحرية القرار المركزي في لبنان، لا بد أن يكون من خلال الدفاع عن هذه الأرض والحدود. فالحرية والاستقلال مهمة ورمزية الذكرى أن وحدتنا هي في دعم المقاومة والمحافظة على قوة هذا الوطن.
وأشار حبحب إلى "أن موجبات هذا الصمود يتطلب من جميع المسؤولين الترفع عن خلافاتهم، والإسراع في تشكيل حكومة قادرة على مواجهة كل التحديات على مستوى التنمية والاقتصاد والإصلاح الإجتماعي وغيرها من الأمور.
 

السابق
غصن: دعم الحسن للسائقين العموميين رصاصة رحمة على النقل المشترك
التالي
قائد القطاع الغربي في اليونيفيل زار صور