اللواء: هدية عون: مقاطعة الرئيس المكلّف!

في الذكرى الحادية عشرة لاندحار الاحتلال الاسرائيلي عن معظم الاراضي اللبنانية في الجنوب والبقاع الغربي، وفي مستهل الذكرى الرابعة لانتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، وفي غمرة التحولات الهائلة التي تطيح بأنظمة وتستولد انظمة اخرى على انقاضها، وفي لحظة من اصعب لحظات الصدام الاقليمي – الدولي على ساحة الشرق الاوسط، يتباهى فيها بنيامين نتنياهو من على منبر الكونغرس الاميركي انه يعرض سلاماً سخياً على الفلسطينيين من دون القدس واللاجئين مع وجود عسكري اسرائيلي على نهر الاردن ودولة فلسطينية منزوعة السلاح، يجد لبنان نفسه بلا حكومة، وبلا ارادة سياسية لادارة مواقف وطنية من شأنها درء الخطر المحدق من كل اتجاه، وتحصين الوضع الداخلي لمواجهة الازمات الاجتماعية والاقتصادية.
وبقدر ما يتفق اللبنانيون على مهابة وأهمية حدث التحرير، تكاد الحسابات الشخصية والمصالح السياسية تأتي على ما تبقى من روابط اسست لكسب معركة التحرير وطرد الاحتلال الاسرائيلي عام 2000.

والمثير للاهتمام ان القوى التي اضطلعت بعملية التحرير بشكل رئيسي تقف الآن عاجزة عن انجاز استحقاق دستوري يتعلق بحكومة من لون واحد، وبين حلفاء الصف الواحد.

فسياسياً كسر العماد ميشال عون الجرة مع رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي، واعتبر ان تكليفه، وكل المفاوضات التي جرت طوال الاسابيع الـ16 الماضية جزءاً من الماضي، بما يشبه القطيعة التي كشف ان لها متابعة في الايام القليلة المقبلة، أي ما بعد الاحتفال بعيد التحرير، الامر الذي اربك الموقف السياسي العام في البلاد، لا سيما داخل الصف الحليف، مما استدعى موقفاً من النائب وليد جنبلاط اعلن فيه ان لا بديل عن الرئيس ميقاتي، وانه لن يرضى عنه بديلاً، فهو ضمانة للاستقرار وللمقاومة وللعلاقات اللبنانية – السورية.

أما الرئيس المكلف، فقد قالت اوساطه، تعليقاً على كلام العماد عون، انه <لا يزال مصراً على النهج الذي اتبعه منذ دخوله الشأن العام بعدم الانجرار إلى سجالات إعلامية لا طائل منها. وإذا كان العماد عون يرى في التزام الرئيس ميقاتي احكام الدستور معارك وهمية، فهو بالتأكيد اخطأ في هدفه، لأن الرئيس ميقاتي لن يكون ابداً هاوي معارك وهمية، ولا حروباً من دون جدوى، وهذه لغة لا يجيدها ابداً ولن تكون يوماً في ادبياته.

اضافت الاوساط: إن النقطة الثانية التي استوقفتنا في كلام العماد عون هي قوله <عندما تنازلنا وأعطينا الاسماء>، أي الأسماء التي يقترحها للتوزير، فشكراً لتنازله على أمل أن يكمل هذا المسار للإسراع في تشكيل الحكومة.

ولاحظت أن إشارة عون إلى لائحة من 45 إسماً لـ15 وزيراً، فيها مبالغة، إذ ان أحداً لم يطلب منه ذلك، وهو لا يستطيع أن يفرض على الرئيس المكلف أسماء، فيكون بهذه الصفة صندوق بريد، فضلاً عن أن حسابات عون، تعني انه يريد الحصول على 15 وزيراً، أي نصف الحكومة.

واعتبرت مصادر مطلعة أن تلويح عون بسحب الثقة من الرئيس ميقاتي، واتهامه بعرقلة التأليف، ليس له أساس في الدستور الذي لا يلحظ أية آلية لسحب الثقة من رئيس حكومة مكلف نال في استشارات نيابية ملزمة 68 صوتاً، الا في حال واحدة وهي الاعتذار، وهذا الأمر غير وارد لدى الرئيس المكلف، مشيرة إلى أن الامر لا يعدو كونه مجرّد ضغط سياسي لا ينتج عنه شيء سوى استمرار الأزمة تراوح في مكانها.

خطاب نصر الله اليوم ولا تستبعد المصادر أن يضيف إعلان عون القطيعة مع الرئيس ميقاتي، بنداً ثالثاً على الخطاب الذي سيلقيه الامين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله اليوم في احتفال الحزب بعيد التحرير والذي سيقام في بلدة النبي شيت البقاعية، والذي كان مخصصاً اصلاً للرد على الاتهامات التي ساقها الرئيس الأميركي أوباما، في ضوء عتب الحزب على الجهات الرسمية في الدولة التي تجاهلت الرد على هذه الاتهامات، بالإضافة إلى الرد كذلك على خطاب نتنياهو في الكونغرس الأميركي، والذي اثار امتعاضاً فلسطينياً، واعتبر بمثابة إعلان حرب، وأن السلام الذي عرضه هو سلام الاستسلام والاحتلال، حسب المسؤول الفلسطيني نبيل شعث، فضلاً عن ان نتنياهو لم يوفّر ايران وحزب الله الذي حسب قوله خنق ثورة الأرز الديموقراطية وفرض على هذا البلد حكم الحزب <الذي يعود للقرون الوسطى>.

ولفتت المصادر أن كل هذا الكلام وهذه المواقف، إلى جانب طبعاً ما كشفته المعلومات عن مهمة مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الأوسط جيفري فيلتمان في لبنان، بفرض حصار على سوريا، من شأنها أن تفرض مادة ملتهبة في خطاب نصر الله اليوم كانت كافية أمامه لتجاهل أو للالتفاف على الموضوع الحكومي، لكن الموقف الذي فرضه العماد عون على الواقع السياسي، فرض بدوره مستجدات لا بد أن يتطرق إليها الأمين العام للحزب لتهدئة الموقف، أو لإعادة الأمور إلى نصابها، لئلا تفلت الأوضاع من عقالها ويسقط المشروع الذي قاده الحزب منذ لحظة إسقاط حكومة الوحدة الوطنية قبل أربعة أشهر.

عون وكان عون قد اعتبر، بعد اجتماع تكتل <التغيير والاصلاح> أمس أن الرئيس ميقاتي ليس لديه الرغبة بتشكيل الحكومة وأنه يعيش فترة انتظار، متهماً إياه بأنه يريد القيام بمعارك وهمية معه، وأن القضية هي مجرد تربية شعبية بمعارك وهمية، داعياً إياه بأن لا يتناوله بالإسم.

وقال إن من يستطيع أن يطلب 45 إسماً لـ 15 وزيراً وأشياء تعجيزية أخرى لا يدل على جدية بالتعاطي في تأليف الحكومة، مقدراً أن ميقاتي أصبح خارج إطار التأليف، وأن موضوع الحكومة بات تسلية له.

وأضاف: <إذا كان ميقاتي لا يعرف أن المجلس النيابي يعطيه الثقة ويسحبها مصيبة، وإذا لم يكن يعرف أن مجلس النواب يراقبه مصيبة>، معتبراً بأن هذا الموضوع (أي التكليف) بات من الماضي.

الأمن يملأ الفراغ على أن اللافت، أنه في ظل الفراغ الذي يغوص فيه البلد، وفي ظل انعكاسات الازمات الاقليمية، وتحديداً السورية، ثمة مخاوف بدأت تكبر من ان يملأ الامن الفراغ السياسي، وتحديداً في الشمال الذي يعيش على ايقاع الاشكالات العسكرية والامنية على الحدود المتداخلة بين وادي خالد وبلدة العريضة السورية.

وفي هذا السياق، سمع ليل امس اطلاق نار كثيف بين بلدتي حالات والدبابية السوريتين على الحدود الشمالية.

ولفتت مصادر ميدانية في المنطقة ان رشقات نارية اطلقت من الجانب السوري، مشيرة الى انها ليست المرة الاولى التي تحصل فيه، حيث حصل مثل هذا الامر مرات عدة، حيث يقوم جنود سوريون بدوريات عادية، ومن الممكن ان انهم صادفوا وحوشاً في الاحراش، او اشتبكوا بمتسللين فقاموا باطلاق النار.

وكان هدوء حذر خيم على منطقة البقيعة الحدودية بعد ليلة من القلق والذعر في اوساط النازحين السوريين ومضيفيهم اللبنانيين في وادي خالد، اثر سماع اطلاق نار كثيف قبيل منتصف الليلة الماضية في الجانب السوري من النهر الكبير، بعدما كان الجيش اللبناني سحب تعزيزاته عصرا من المنطقة ولم يبق سوى القوة المشتركة في مركزها الثابت على الحدود.. واستتبع هذا الانسحاب شائعات عن احتمال دخول قوات سورية الى منطقة وادي خالد تسببت بنزوح اهالي المنطقة والسوريين الموجودين عندهم خصوصا بعد الحملات التي استهدفت اهالي الوادي، وعدم حل قضية النازحين السوريين، الا ان مصدرا امنيا سارع الى نفي هذه الشائعات، مؤكدة ان ما سمع من اطلاق نار في المنطقة لم يطاول الجهة اللبنانية من الحدود، الامر الذي حمل الاهالي الى العودة مجدداً الى قراهم.

السابق
النهار: ين عون وميقاتي و”المستقبل” يراها “تعمية”
التالي
المستقبل :”ذكرى التحرير” .. والتشكيلة الحكومية لا تجد من يحرّرها