(الراي): لبنان يتجه لـ «التعايش» مع مرحلة انتقالية طويلة من دون حكومة

 مع مرور اربعة اشهر كاملة على تكليف الرئيس نجيب ميقاتي، تشكيل الحكومة الجديدة وبداية الشهر الخامس لازمة التأليف اليوم، تسود الاكثرية الجديدة باطرافها المختلفة انطباعات شديدة التناقض حيال افق هذه الازمة واحتمالاتها، بما يعكس عمق الارباك الذي اصاب صفوفها بعد ظهورها بمظهر العجز عن تشكيل الحكومة.
واستناداً الى ما حملته الايام الاخيرة من معطيات، بدا من الواضح ان ازمة التأليف بلغت مرحلة شديدة الحساسية بالنسبة الى ميقاتي وفريق الاكثرية باتت معها الذرائع السابقة لتأخير الحكومة فاقدة الصلاحية تماماً.
وفي ظل هذا الانسداد القائم، تقول اوساط واسعة الاطلاع لـ «الراي» ان احتمال دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري الاسبوع المقبل الى جلسة تشريعية يعقدها البرلمان في ظل حكومة تصريف اعمال سيشكل من دون شك، اقوى علامة من داخل الاكثرية نفسها على بدء مرحلة مختلفة من التأزيم قد تمتد لوقت طويل، ولا سيما في ضوء معارضة قوى «14 آذار» والخبراء الدستوريين الذين لا يسلّمون بشرعية مثل هذه الجلسة.
وحسب هذه الاوساط، فاذا كان بري سيوافق على ركوب موجة خلاف دستوري وسياسي حاد مع 14 آذار ويقرر عقد الجلسة التشريعية، فمعنى ذلك انه سيفتح الباب بنفسه لترتيبات ذات طابع انتقالي بما يعني الافساح لتوسيع الطريق ضمناً ايضاً امام الحكومة المستقيلة لاعادة تعويم نفسها من خلال توسيع اطار تصريف الاعمال، وهو ما لمحت اليه تقارير اشارت الى قرب عودة الرئيس سعد الحريري الى بيروت لممارسة نشاطه من السرايا الحكومية.
وسواء صحت المعلومات عن احتمال عودة الحريري قريباً، ام لم تصحّ، ليس خافياً ان هناك دافعاً قوياً داخل قوى 14 آذار يتولاه خصوصاً الرئيس فؤاد السنيورة نحو حض الحريري على تولي مسؤولياته كاملة ضمن اطار تصريف الاعمال ومن السرايا تحديداً.
وكان لافتاً الموقف الذي اعلنه الرئيس ميشال سليمان، لمناسبة ذكرى تحرير الجنوب، اذ اعتبر «أن لبنان اثبت امتلاكه القدرات القومية التي اتاحت له التحرير ودحر العدوان»، لافتاً الى «أهمية أن يعي المسؤولون اللبنانيون والقيادات أهمية التلاقي والتحاور والتعاون والوحدة الوطنية لتمكين عجلة الدولة من الانطلاق واستكمال تنفيذ المشاريع وانجاز عدد من القوانين التي يصبو اللبنانيون الى وضعها موضع التنفيذ».
في هذه الأثناء، تصاعدت المخاوف من بلوغ «وهج» الأحداث في سورية الداخل اللبناني وبدء تحوّلها عاملاً يزيد من الاحتقانات والانقسامات التي تعتمل على خلفية ملفاتٍ داخلية ذات امتدادات اقليمية.
وفي هذا الإطار، رصدت بيروت باهتمام بالغ التطورات الآتية التي ترافقت مع ملامح انتقال المجتمع الدولي الى مرحلة ما بعد «تقليم الأظافر» في التعاطي مع النظام السوري:
• «إقحام» القيادة السورية، لبنان في معرض ردّها على العقوبات التي فرضها الاتحاد الاوروبي على الرئيس بشار الاسد، من خلال توجّه وزير خارجيتها وليد المعلّم، بعد تحذيره الدول الاوروبية من ان «مصالحها ستتضرر» نتيجة رزمة العقوبات، بسؤال و»جواب» الى «الأشقاء اللبنانيين»، حين قال: «هل سيستفيد لبنان من الأزمة في سورية؟ قطعاً لا».
• ما كشفه رئيس «جبهة النضال الوطني» النائب وليد جنبلاط، من ان مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الادنى جيفري فيلتمان سعى خلال زيارته لبيروت الى «تنسيق اصدار قرار دولي ضد سورية في مجلس الأمن»، لافتاً عير قناة «المنار» الى «أننا كنا على تفاوت في الرؤية» وان «أي قرار يعزل سورية لن يفيد»، ومشيراً الى انه أبلغ الى فيلتمان «أن ذلك لا يفيد فلا القرارات الدولية ولا العقوبات تفيد».
وفي حين ذكرت معلومات ان جنبلاط ابلغ الموقف نفسه الى المسؤولين الفرنسيين خلال زيارته الاخيرة لباريس، افادت تقارير صحافية بان الأجوية الفرنسية نقلها الزعيم الدرزي الى القيادة السورية عبر رسالة تولى حملها اول من امس، وزير الاشغال غازي العريضي الى معاون نائب الرئيس اللواء محمد ناصيف.
• بروز ملامح «كرّ وفرّ» في الشارع اللبناني على خلفية تحركات متقابِلة: واحدة داعمة للشعب السوري وأخرى مؤيدة للنظام، وهو ما كان شارع الحمراء في بيروت شهده غروب الاثنين، حين وقفت «وجهاً لوجه» مجموعة شبابية قوامها نحو 50 شاباً وشابة ساروا بأثواب سود من اول الشارع حاملين لافتات تعلن التضامن مع «شهداء الحرية في سورية»، فيما كان آخرون من سوريين ولبنانيين يؤدون دوراً معاكساً هاتفين، «لسورية وبشار الاسد».
وفي حين شهدت النبطية (الجنوب) امس، إشكالاً بين عمال سوريين مؤيدين للاسد وآخرين معارضين له، أسفر عن إصابة عامل بجروح، شخصت الأنظار على «اللقاء التضامني مع الشعب السوري» الذي نظمه تجمّع «لبنانيون من أجل حرية وكرامة الشعب السوري» امس في مستودع في سن الفيل (شرق بيروت)، بعد رفض 28 فندقا في بيروت وخارجها استضافته خوفا من تعرضها لضغوط.
• الهلع الذي شهدته الحدود اللبنانية الشمالية مع سورية، وتحديداً منطقة وادي خالد التي شهدت «نزوحاً للنازحين السوريين» وحاضنيهم اللبنانيين من البلدات المتاخمة لنقطة البقيعة، مع اشاعات عن دخول الجيش السوري المنطقة وعبورها النهر الكبير. 

السابق
محمد نصر الله: عار ما يجري على صعيد الحكومة
التالي
14 آذار حذرت من إسترهان لبنان مجددا