ماذا بعد 18 أيار…

لا بأس اذا واجهت الحركة النقابية في قطاع التعليم بعض الملاحظات والانتقادات. فالهدف الرئيسي من أي مقاربة نقدية لهذه الحركة، بعث مزيد من الحيوية في الاداء، وربما التصحيح لبناء كتلة مدنية ضاغطة وقادرة على الفعل من خارج القيد السياسي والطائفي والاصطفافات المستمرة في البلاد تحت عناوين مختلفة.

وقبل ان تعلن هيئة التنسيق النقابية لقطاعات المعلمين اضرابها الذي نفذته في الثامن عشر من الشهر الجاري رفضاً للفراغ الحكومي ، كان السؤال، هل تستطيع تجاوز الاصطفاف الذي يقود لبنان الى المجهول، من دون توجيه اي اتهام لمكوناتها، او تحميلها أكثر من قدراتها. اما الخلفية التي حكمت السؤال، فمرتبطة بالأداء السابق للهيئة، والتي لم تتمكن طيلة المرحلة السابقة، ليس من التحرك فقط، بل من اصدار موقف يعبر عن توجه مستقل يستطيع ان يستقطب شرائح المجتمع المدني في مواجهة المسار الانحداري الذي يسلكه البلد. وكانت البيانات التي تصدر عن هيئات المعلمين تركز في معظمها مطلبياً على الشق المالي، من الدرجات وغيرها من دون تحديد اي توجه او استشراف للمستقبل. اما وقد حصل الاضراب الأخير من خارج التقليد الذي يحكم أي تحرك مطلبي أو سياسي، وان كانت قوى 8 و14 أذار التربوية داعمة له، فإنه يمكن ان يؤسس لمرحلة جديدة من العمل النقابي والمطلبي، يرتبط بالنبض المدني وبالحراك الاجتماعي، من دون أي تضخيم يحمل رابطات المعلمين ونقاباتهم قدرة سحرية على التغيير أو الافراط في المراهنة على التأسيس لحركة نقابية مستقلة، وفي المقابل عدم التقليل من أهمية التحرك ومحصلته في مسار الحركة التعليمية المقبل.

ولعل تقويماً مستقلاً ليوم الاضراب، ما قبله وما بعده، يستدعي قراءة الايجابيات والسلبيات، وامكان القدرة على تنفيذ تحرك جديد بالمواصفات نفسها، وربما بالشعارات، انما هذه المرة بدعم اكبر من مكونات المجتمع المدني، وهو ما يتطلب التدقيق في ما اذا كان يمكن جمع كل القوى التي شاركت في الاضراب الاخير، وفي ما اذا كانت الحسابات هي نفسها، والجدوى، وما اذا كانت هناك خسائر وأرباح.

ولا شك في ان هيئة التنسيق النقابية ستكون في موقع المساءلة، اذا فشلت في استئناف تحركها الجامع والشامل على المستوى الوطني، ليس امام جمهور المعلمين فحسب، انما لدى مكونات المجتمع المدني، وعليها ان تكون برابطاتها ونقاباتها أكثر شفافية في مقاربة المسائل، من خلال مناقشة اسباب الخروق التي حصلت يوم الاضراب السابق، والصعوبات والمعوقات التي تواجه التحرك الجديد المرتقب، ومعرفة موقف القوى السياسية بتلاوينها المختلفة من الاضراب وتوجهاتها وحساباتها المقبلة، والتأسيس لتيار مدني ديموقراطي طليعته المعلمين لخرق الاصطفاف السياسي والطائفي بمناعة لا تتأثر بعاصفة التدخل عند كل منعطف واستحقاق.

السابق
الحسابات الانتخابية الأميركية عند مفترق أمن إسرائيل
التالي
نفايات صيدا والجوار: قفل المكب لا يحل الأزمة!