لجنة تقصي حقائق لبنانية – دولية تروي لـ “السياسة” مآسي تفوق الوصف

بعد تأكد المنظمات الانسانية والحقوقية الدولية والمحلية في سورية ولبنان والاردن وتركيا من وقوع "مجازر جماعية" قتل خلالها العشرات مرة واحدة بمدافع الدبابات والرشاشات المتوسطة وبنادق القنص في مختلف محافظات سورية خلال الشهرين الماضيين, وبعد اكتشاف "قبور جماعية" في مدينة درعا التي اطلقت شرارة الثورة ضد نظام بشار الاسد و"حزب البعث", كشف مدير شعبة حقوق الانسان في "المجلس العالمي لثورة الارز" في بيروت المهندس كمال البطل, امس, النقاب من بلدة وادي خالد اللبنانية الحدودية التي استقبلت نحو خمسة آلاف نازح سوري من القرى الحدودية عن وجود "محارق جماعية" تقوم مئات العناصر العلوية ممن يطلق عليها اسم "الشبيحة" خلالها بجمع عشرات الجثث من الشوارع ونقلها الى اماكن محددة حيث تضرم فيها النيران لمحو اثار الجرائم خصوصا بعد العثور على القبور الجماعية في درعا الشهر الماضي.

وقام المهندس البطل, الذي جرى تكليفه من المركز الرئيسي "للمجلس العالمي لثورة الارز" في واشنطن, بالانتقال الى وادي خالد في شمال لبنان على رأس لجنة تقصي حقائق وجمع معلومات دقيقة من النازحين السوريين الذين فقدوا منازلهم وممتلكاتهم وافراد من عائلاتهم لم يتمكنوا من عبور الحدود الى لبنان, ففروا الى مناطق داخلية اخرى في سورية, فيما بلدات عدة في المنطقة الموازية لوادي خالد, اي تلكلخ والعريضة وغيرهما, تحولت الى قاع صفصف خالية من السكان الذين قتل منهم العشرات واعتقل المئات الذين لا يعرف احد مصيرهم حتى الان, على ايدي فرق العناصر العلوية التي تدخل المنازل بعد تهجير سكانها فتسطو على كل ما فيها بما في ذلك النوافذ الخشبية وبلاط المطابخ والحمامات واشرطة الكهرباء وكل ما يمكن اقتلاعه ونقله الى قرى علوية كان نظام الاسد زرع سكانها حول المدن وفي المحافظات السنية المستعدة لمنع هذا النظام من تنفيذ خطته لتقسيم البلاد واقامة دولة علوية مترامية الاطراف تقول المعارضة السورية في باريس انها جاهزة منذ عهد رفعت الاسد نائب الرئيس السوري السابق الذي قاد مجزرة حماه في مطلع الثمانينات الماضية لاقتلاع الكثافة السنية منها, ثم نقل الاف العائلات العلوية وزرعها داخل المدينة وحولها في محاولة دائمة للسيطرة عليها امنيا واقتصاديا.

ونقل المهندس البطل في اتصال اجراه بـ "السياسة" من وادي خالد, امس عن عشرات الهاربين السوريين من تلكلخ والعريضة والقرى الاخرى المحيطة بهما قولهم: "ان اجهزة الامن الخاصة السورية مدعومة بمئات العناصر ممن يرتدون الثياب السوداء ويغطون وجوههم على غرار فرق الكومندوس يقتحمون القرى, بعضهم على دراجات نارية مثل "الحرس الثوري" وميليشيات "حزب الله" في لبنان, والبعض الآخر "تفرغهم" فانات بيضاء لا تحمل ارقاما ولا اي شيء يشير الى هويتها, ثم يخرجون منها بعد تهجير سكانها بكاملهم وسرقة ممتلكاتهم وموجوداتهم واحيانا قبل احراق المنازل والسيارات التي تقل المئات منها الى مناطق اخرى وقرى وبلدات علوية على الساحل الشمالي".

وقال شقيق ضباط سوري برتبة عقيد يعمل الآن في بانياس ان "القيادات والعناصر السنية الكثيفة في الجيش السوري مجمدة في ثكناتها ومحاصرة كيلا تقع عمليات فرار جماعية للانضمام الى الثوار, الا ان قصص وروايات المجازر التي ترتكبها فرق عسكرية ملتزمة "حزب البعث" واجهزة امنية تابعة لآل الاسد وقيادة هذا الحزب و"الشبيحة" من العلويين والايرانيين و"حزب الله" اللبناني, تتناهى تباعا الى قيادات تلك الثكنات العسكرية السنية التي بدأت تتململ", كاشفا (شقيق الضابط) النقاط عن "اعتقالات بالمئات ومجازر ومحارق جماعية وتهجير كامل شامل لسكان القرى معظمهم الى الداخل بعدما سدت القوات العسكرية والامنية وميليشيات النظام طرق الهروب الى لبنان عبر الحدود".

وقال هذا النازح السوري من تلكلخ: "لا يمكن ان نطلق على ارتكابات عملاء النظام الا "الابادة الجماعية", فيما الهاربون من قراهم لا يُسمح لهم بالعودة الى منازلهم وخصوصا الاولاد والرجال من 15 عاما الى 40 عاما, الذين يتم اعتقال معظمهم على ايدي الاستخبارات الجوية وعناصر "الشبيحة" العلويين, ويُعمد الى احراق معظم الجثث منذ نحو الشهر بعد انكشاف القبور الجماعية في درعا للتخلص منها ومن اي دليل على تلك "المحارق الجماعية".

واكد المهندس البطل لـ"اسياسة" انه "لم يكن يتصور ما رآه من اوضاع مأساوية لهذه الدرجة في صفوف النازحين السوريين, ولا القصص التي يروونها عن الارتكابات التي تفوق كل وصف في مجالات الابادة الجماعية وخرق حقوق الانسان, والتهجير الجماعي لأهالي مناطق بكاملها الى مناطق اخرى في ما يبدو انها نهاية سورية الموحدة باتجاه تقسيمها الى دولتين سنية وعلوية, وهو الهدف النهائي الجاهز حسب اعتقاد النظام العلوي القائم, في حال استحالة بقاء آل الاسد وجماعتهم على رأس الدولة الراهنة".

ونقل البطل عن محام سوري من العريضة فر مع زوجته وطفله الى وادي خالد اعتقاده "ان النظام العلوي الذي شعر بالفعل بدنو اجله خصوصا بعد مطالبة المجتمع الدولي بشار الاسد بالتنحي اذا لم يعمد الى اصلاحات فورية هو غير قادر على تنفيذها, يحاول الآن عن طريق استخدام المجازر والمقابر والمحارق الجماعية ترويع السكان السنة الضعفاء في المناطق والمحافظات التي ليست لهم حمايات كافية فيها, من اجل احداث تغييرات جذرية ديموغرافية لتجمع العلويين في اماكن محددة من اجل توسيع نطاق دولتهم التي يعتقدون انها قابلة للتحقق".

وفي اسوأ رواية لمايجري داخل البلدات السورية على ايدي عصابات النظام, نقل البطل عن المحامي السوري قوله "انهم – جماعة الاسد وشقيقه – يمارسون سياسة عصابات الصهاينة في اسرائيل التي قامت لفترات طويلة باغتيال الاطفال الفلسطينيين من سن ثمانية اعوام حتى الثالثة عشرة, ثم عمدت الى قطع معاصمهم كيلا يتمكنوا مستقبلا من حمل السلاح لمحاربتهم, اذ ابلغت امهات وآباء سوريون لجان حقوق الانسان المحلية السورية ان "عناصر سوداء تغطي وجوهها" عمدت في عدد من القرى المقابلة لوادي خالد اللبنانية الى قطع معاصم عدد من الاطفال السوريين لمنعهم مستقبلا من حمل السلاح ضد النظام البعثي العلوي الذي يعتقد انه دائم الى ما لا نهاية".

السابق
الراي: قطوع نهاية العالم مرّ بسلام وخيط نهاية الأزمة الحكومية..مقطوع
التالي
المرحلة الانتقالية مكانك سر