اللواء: الصدام الأميركي – الإيراني يُعطِّل تأليف الحكومة

لا شيء يذكر عن الحكومة خارج وسائل الاعلام، واسئلة الناس المتضمنة أجوبتها، فيما الاطراف السياسية موغلة في تبرير اخفاقاتها في اخراج البلد من الازمة، عبر حكومة جامعة او انقاذ، او تحت اي تسمية اخرى·
وفاقمت زيارة كل من مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الاوسط جيفري فيلتمان، ونائب وزير الخارجية الايرانية لشؤون الشرق الادنى محمد رضا شيباني الى بيروت اتساع الهوة بين فريقي 8 و14 آذار في ظل معلومات من ان مرجعا مسؤولا قابل باستياء ما سمعه من الموفد الايراني لجهة سحب الغطاء السياسي من حكومة لا تلتزم ببيانها الوزاري او في سياستها الجديدة الوقوف الى صف <الممانعة>، تصاعد اللهجة الخطابية لكبار المسؤولين في الادارة الاميركية والرئيس الاميركي باراك اوباما شخصياً ضد حزب الله وحماس وايران وسوريا، التي توجه اليها وزير الاشغال العامة في حكومة تصريف الاعمال غازي العريضي للتشاور في مرحلة ما بعد زيارة فيلتمان لبيروت، وتداعيات استمرار الفراغ في السلطة الحكومية اللبنانية·

وأبدت مصادر شبه رسمية تشاؤمها من تطور الوضع في سوريا وانعكاساته على الوضع اللبناني، لا سيما من البوابة الشمالية، حيث تصاعدت لهجة الاتهامات بين قيادة تيار <المستقبل> والحزب العربي الديمقراطي، وانقسام فعاليات عكار ازاء ما يجري بمحاذاة البلدات والقرى السورية في منطقة وادي خالد، والتي كانت آخر فصولها امس تدخل الجيش <لتحرير> ثلاثة مواطنين عراقيين يحملون الجنسية السويدية كانوا اختفوا في 20 ايار الجاري في منطقة البقيعة على الحدود اللبنانية – السورية، بعد اشتباك مع خاطفيهم التسعة وتوقيفهم جميعاً·

واشارت هذه المصادر الى ان كل منافذ الضوء باتت مقفلة في وجه تأليف الحكومة، لكن الرئيس المكلف نجيب ميقاتي ليس في وارد الاعتذار، اقله في المدى القريب، على الرغم من الحملة العونية التي تضرب عرض الحائط بكل المتغيرات المحيطة بالوضع الداخلي اللبناني، وتلقي بعقدة مسؤولية التأخير في تشكيل الحكومة عند الرئيس ميقاتي والرئيس ميشال سليمان بوصفهما المعنيين مباشرة بعملية التأليف·

محاذير الصدام الاميركي الايراني وحذرت هذه المصادر من ان الصدام الاميركي – الايراني الذي سجل محطة خطيرة، امس، عندما اتهم الرئيس اوباما حزب الله بالاغتيال السياسي وفرض ارادته بالصواريخ والسيارات المفخخة، مؤكداً عزمه على التصدي له، مما يضاعف احتمالات نسف تشكيل الحكومة التي يشكل حزب الله العامود الفقري المفترض لها·

وتوقعت المصادر نفسها ان يستأثر الموقف الاميركي بردود فعل سياسية ونيابية ورسمية ازاء الكلام الاميركي الصادر من اعلى مراكز القرار في البيت الابيض، والتي ستبلغ ذروتها في خطاب الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في الذكرى الحادية عشرة للتحرير بعد غد الاربعاء في مهرجان الحزب المركزي الذي يقام هذا العام في بلدة النبي شيت البقاعية·

ولم تستبعد ان ينعكس ذلك على الوضع اللبناني ويزيد من تفاقم حدة الانقسام السياسي بين الفريقين الرئيسين والتي بدأت مؤشراته بعد مغادرة فيلتمان بيروت مباشرة، بإتهام نائب رئيس المجلس السياسي في <حزب الله> محمود قماطي فريق 14 آذار بأنه <يصر ان يكون بإستمرار اداة للمخطط الاميركي والاسرائيلي في لبنان، ولم يتعلم كيف يعود الى رشده وضميره>، لافتاً الى ان <الثورات العربية التي انطلقت افرزت معادلات جديدة لصالح المقاومة>، معتبراً ان ما يحصل في سوريا ليس امراً عفوياً، لكنها ستنتصر وتعود قوية وستبقى في الخط الممانع ورائدة العالم العربي بقوتها ونهجها العروبي القومي الممانع·

وبدا هذا الموقف مختلفاً نسبياً عن موقف رئيس جبهة <النضال الوطني> النائب وليد جنبلاط الذي رأى بعد استقباله رئيس حزب <الغد> المصري ايمن نور، ان <الهروب من المطالب المحقة للشعب في الاصلاح والتغيير والحرية والكرامة لن ينفع>، مشيراً الى ان الرئيس السوري وعد بالاصلاح، وسوريا لا تقوى إلا من خلال اصلاح حقيقي، متمنياً على الرئيس السوري ان يسرع في الاصلاح·

مواقف في احتفالات التحرير ولوحظ ان الخطب التي القيت في احتفالات عيد التحرير في عدد من المناطق في الجنوب والبقاع واقليم الخروب ركزت على دعم القيادة في سوريا، كما تطرقت الى الوضع الحكومي وزيارة فيلتمان·

ففيما اشار الوزير محمد فنيش الى ان <التأخير في تشكيل الحكومة لم يعد جائزاً، مطالباً بالإسراع في تشكيلها، لان المنطقة لا تزال تحت اخطار ثقيلة، وعلينا الانتباه والتمسك بالمقاومة، انتقد عضو كتلة <الوفاء للمقاومة> النائب علي فياض زيارة فيلتمان الى لبنان، مشيراً الى ان هدفها جعل حدودنا الجنوبية مع العدو جداراً آمناً له وجعل حدودنا الشرقية مع الشقيقة سورياً للنيل من أمنها·

وفي دردشة مع الاعلاميين على هامش الاحتفال في ميس الجبل، لاحظ فيّاض بأسف أن بعض المواقف فيما يتعلق بتشكيل الحكومة غير مفهوم ويثير القلق ويطرح تساؤلات، مشيراً الى انه إذا كان الوقت الذي يستهلكه التشكيل لا يزال طبيعياً، الا أن المرحلة والظروف غير طبيعية وعلى الجميع أن يقدّر ذلك·

اما المعاون السياسي للرئيس نبيه برّي النائب علي حسن خليل فقد استعار في الاحتفال نفسه عبارة الوزير فنيش، بدعوته إلى الإسراع بتشكيل الحكومة لأنه لم يعد جائزاً تأخيرها، لافتاً إلى ان موجبات الصمود تتطلب منا الترفع والوعي، ويجب الا تمنعنا الاختلافات عن إنتاج حكومة سياسية تؤمّن ارتباط الشعب بوطنه·

<مدبرة> عونية الا انه بالرغم من كل هذه الدعوات، فان أي حراك سياسي لم يتبلور خلال اليومين الماضيين في اتجاه الإسراع بالتشكيل، وبقي الجمود سيّد الموقف، حتى أن مصدراً وزارياً لاحظ أمس أن الأمور سائرة نحو المزيد من التصعيد، عكسته <المدبرة> العونية التي انفلت من عقالها، خلال مقابلة السياسي الشمالي المقرب من رئيس الحكومة المكلف خلدون الشريف مع محطة <الجديد> التلفزيونية، إلى حدّ اعلان النواب العونيين نبيل نقولا وعباس هاشم عن سحب ثقتهما من الرئيس ميقاتي، في حين كشف الشريف ان الرئيس المكلف اتجه 4 مرات لاعلان تشكيل الحكومة، ولكن في المرات الأربع ضغط عليه أفرقاء بالاكثرية لتأخير اعلانها بحجة أن الظروف لم تنضج بعد·

وإذ اعتبر الشريف أن التوقيت الذي كلف به ميقاتي كان توقيتاً قاتلاً، شدّد على أن الرئيس المكلف هو من يشكّل الحكومة بالتعاون مع رئيس الجمهورية، مشيراً إلى أن <حزب الله> لم يعط أسماء لميقاتي لأنه يريد إرضاء العماد ميشال عون، معتبراً أن الكلام عن استهداف المسيحيين أمر غير صحيح·

غير أن وزير السياحة في حكومة تصريف الأعمال فادي عبود لفت النظر في المقابلة نفسها إلى ان التشاور لا يعني أن رئيس الحكومة المكلّف يختار الأسماء التي يريد وعلى الكتل النيابية أن تقبل بها، معتبراً أن على التكتل أن يختار أسماء وزرائه لأنه يعرف أكثر الأسماء، مشيراً إلى أن هناك عدة أمور تؤخّر تشكيل الحكومة وأولها توزيع الحقائب والحصص وأيضاً من سيشترك من السنّة وعدم مشاركة الفريق الثاني في الحكومة·

ومن جهته جدد رئيس حزب <الكتائب الرئيس أمين الجميّل التأكيد على ضرورة تشكيل حكومة إنقاذ وطني، مشيراً إلى أنه عندما نتكلم عن حكومة إنقاذ نعني أن يكون هناك توافق وطني عليها·

وانتقد الجميّل في حديث لـ طرح حكومة التكنوقراط، لافتاً إلى أن الحل لا يمكن إلا أن يكون سياسياً وطنياً، مشيراً إلى أن المحكمة الدولية وسلاح حزب الله لا يشكلان المعضلة في الوقت الراهن·

ورأى أن زيارات المسؤولين الأميركي والإيراني والفرنسي إلى لبنان مجرد زيارات تقليدية ولا يجب ربطها بالزواريب الداخلية·

شيباني

تجدر الإشارة إلى أن مساعد وزير الخارجية الإيراني محمد رضا شيباني اختتم أمس الأول زيارته إلى لبنان بعد زيارة استمرت ليومين التقى فيها عددا من القيادات السياسية والروحية والحزبية في قوى 8 آذار·

وقبيل مغادرته جال شيباني على الرئيس المكلّف نجيب ميقاتي والأمين العام لـ <حزب الله> السيد حسن نصر الله وعدد من المسؤولين وزار ضريح عماد مغنية·

وجدد المسؤول الإيراني وقوف بلاده إلى جانب لبنان، متمنياً مع تشكيل الحكومة الجديدة تطبيق الاتفاقيات الثنائية بين البلدين·

وأكد شيباني أن مسألة الوحدة الاسلامية بين السنّة والشيعة هي النقطة المركزية التي ينبغي التأكيد عليها في هذه المرحلة، لأن هذا الأمر هو مسألة استراتيجية وبعيدة المدى·

ولفت إلى أن التحرك الأميركي وخصوصاً زيارة السفير فيلتمان لا يعنينا، منتقداً بعض الخطوات الآيلة إلى توسعة مجلس التعاون الخليجي، والتي وصفها بأنها <خطوات عديمة التأثير>·

ورأى أن اجتياز الخطر أو التهديد يستلزم التعقل والحكمة والتركيز على الأسس الوحدوية والتنبّه إلى العدو الرئيسي·

السابق
مقاتلات إسرائيلية انتهكت الأجواء
التالي
الانتفاضة الشعبية في سوريا: المستبعد والممكن