الراي: قطوع نهاية العالم مرّ بسلام وخيط نهاية الأزمة الحكومية..مقطوع

«القديم على قدمه»، في «العالم الذي لم ينته» في 21 مايو، كما ادعى رئيس جماعة «فاميلي راديو الدينية» (شبكة اذاعية مسيحية في الولايات المتحدة) القس هارولد غامبينغ، وفي لبنان الذي بقيت أزمته الحكومية «بلا نهاية» في الأفق.
معادلة «استفاقت» عليها بيروت امس هي التي كان دهمتها منذ ايام لوحات اعلانية «حطّت» من الولايات المتحدة وروّجت لـ «نهاية العالم» في 21 الجاري، وفق ادّعاء غامبينغ، وهو ما جعل «النهاية المنتظرة» بداية قلق جديد انضمّ الى مسلسل المخاوف اللبنانية التي «لا تنتهي».
 
واذا كانت لوحات «يوم القيامة» او judgment day التي أفردت لها وسائل اعلام مسموعة ومرئية حيزاً من «هوائها» شكّلت نوعاً من «دفرسوار» نقل اهتمام اللبنانيين عن الهمّ الحكومي المفتوح والذي لا يبدو على مشارف «القيامة» من «الكوما»، فان هذه اللوحات التي انتشرت ايضاً في دبي (تمت ازالتها) والقدس وعمان عكست في جانب آخر منها تداعيات الفراغ الذي يحكم لبنان منذ مطلع السنة ولا سيما ان «غزوها» الشوارع رافقته أصوات لم تجد الصدى المطلوب استغربت السماح برفعها وعدم ازالتها «لان هدفها الاساءة الى المسيحية».

ومع انضمام الموعد الجديد لـ «القيامة» التي «لم تقم» الى سلسلة «نبوءات» في التاريخ «دُفنت» وبقي العالم ليشهد على «نهايتها»، بقي ملف تشكيل الحكومة الجديدة في لبنان بلا مواعيد محتملة لولادتها، ولا سيما مع عدم تسجيل اي حراك متصل بهذه الازمة في الايام الاخيرة، رغم معطيات يحملها الاسبوع الحالي من شأنها ان تشكل اضاءة محتملة على مسار التأليف المتعثر والذي يقترب من دخول شهره الخامس.

والواقع ان العامل الجديد الوحيد الذي برز في هذا المجال هو بداية تركيز مسؤولين ونواب في «حزب الله» في اليومين الاخيرين على ضرورة وضع حد للأزمة الحكومية، الامر الذي فسّره مطلعون بأنه متصل بالعاملين الآتيين:
الاول ان الانظار ستتجه بعد غد الى خطاب سيلقيه الامين العام لـ «حزب الله» لمناسبة ذكرى تحرير الجنوب من الاحتلال الاسرائيلي عام 2000. ويكتسب هذا الخطاب اهمية مزدوجة لكونه سيكون الاول للسيد حسن نصرالله الذي يتطرق فيه الى التطورات في سورية، كما انه سيتطرق للمرة الاولى منذ مدة طويلة الى ازمة تأليف الحكومة. وفي ضوء ذلك يمكن استشفاف بعض الملامح التي تتعلق بالمرحلة المقبلة.

اما العامل الثاني فهو ان الخطاب سيأتي بعد زيارتين اثارتا الجدل لكل من مساعد وزيرة الخارجية الاميركية جيفري فيلتمان ونائب وزير الخارجية الايراني محمد رضا شيباني لبيروت، وينتظر ان يعكس خطاب نصرالله لا سيما لجهة رد محتمل على خطاب الرئيس الاميركي باراك اوباما الكثير من عوامل الصراع الاقليمي والدولي والعربي وتأثيرها على موقف الحزب ازاء الوضع الداخلي.

اما في الجانب الآخر من المشهد الداخلي فان ابرز ما تجدر الاشارة اليه هو تنامي الانطباعات والمعطيات لدى معظم القوى السياسية، حتى البعض البارز منها في فريق الاكثرية الجديدة، بصعوبة تأليف الحكومة الى حد ان الكثير من التوقعات بدأ يذهب بعيداً في استبعاد انهاء الازمة قبل جلاء مصير الوضع في سورية اولاً.

وتقول اوساط سياسية واسعة الاطلاع لـ «الراي» ان مرور نحو اربعة اشهر على تكليف الرئيس نجيب ميقاتي تشكيل الحكومة من دون التوصل الى ولادة حكومية بات دليلاً كافياً على ان كل ما يساق عن عقد داخلية في شأن التأليف استنفد اغراضه وأهدافه في ملء المشهد الداخلي بهذه المناورات، ولو ان العقد هي امر واقع حقيقي وليست مفتعلة.

ومجمل هذا المشهد في رأي الاوساط لا يبدو مقبلاً على تغيير وشيك بل ان ثمة مخاوف من ان يستهلك مزيداً من الوقت على قاعدة ان هذا الواقع السيئ يبقى اقل كلفة من واقع اشد سوءاً في حال جرى تأليف حكومة غير مضمونة العواقب او حصلت تطورات اضافية في المنطقة لا احد يدري بطبيعتها او بحجم تأثيرها على هذه الحكومة. ولذا تستمر المراوحة تحت شعارات تتجدد مع كل اسبوع ثم ما تلبث ان تتراجع.
في موازاة ذلك، بدأ رئيس الوزراء الفرنسي السابق الممثل الشخصي للرئيس الفرنسي في الفرانكوفونية جان بيار رفاران زيارة لبيروت تنتهي اليوم، وهو زار امس البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي وشخصيات أخرى. ورغم ان زيارة رافاران تركز على شؤون الفرانكوفونية وعلى أهدافها وأهميتها، فان توقيتها يجعل بديهياً ألا تغيب عنها الأوضاع السياسية في لبنان والمنطقة، علماً ان دوائر مراقبة استوقفها الحضور الفرنسي على خط بيروت بعد «الغبار» السياسي الذي أحدثته زيارتا فيلتمان وشيباني.

في هذه الأثناء، واصل «حزب الله» حضّه على الاسراع في تشكيل الحكومة و«اطلاقه النار» العنيف، بعد انقطاع، على قوى 14 آذار «كجزء من المشروع الاميركي – الاسرائيلي» مستكملاً ايضاً هجومه على خطاب اوباما الاخير.
واعلن نائب الامين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم ان المنطقة «لن ترتاح ما دامت اسرائيل موجودة»، مؤكداً «ان الوقت المتاح للحكومة في لبنان ليس مفتوحا، فلا بد من بعض التضحيات لان تشكيلها هو مصلحة للجميع»، ومعتبراً «ان قوى 14 اذار كانت تتمنى انهاء حزب الله باليد الاسرائيلية، وهم استُخدموا في اطار المحكمة الخاصة وشهود الزور كجزء من محاولة ضرب المشروع الاخر المتمثل بالمقاومة والممانعة».
في المقابل، اعتبر رئيس «كتلة المستقبل» البرلمانية فؤاد السنيورة ان ما قاله الرئيس الاميركي حول الحريات والديموقراطية «امر جيد وعظيم، لكن دائما مع الاحترام لكل دولة في خصوصياتها». واضاف: «الموضوع الآخر في خطاب الرئيس اوباما المتعلق بالصراع العربي – الاسرائيلي كان فيه شيء من الخيبة».

وحول لقائه بفيلتمان، قال: «كان هناك تداول في موضوع لبنان بداية، وابدى وجهة النظر التي تحملها الادارة الاميركية بانهم ما زالوا ثابتين على المواقف المتعلقة بسيادة لبنان واستمرار حرياته ومبدأ العدالة والنظام الديموقراطي. وفي ملف الحكومة قال انهم ينتظرون ماذا ستكون عليه الحكومة شكلها وتركيبتها وبيانها الوزاري وعملها، كما اكد التزام الادارة الأميركية موضوع المحكمة ذات الطابع الدولي».

السابق
السياسة: تشكيل الحكومة اللبنانية معلق بانتظار انجلاء التطورات في سورية
التالي
لجنة تقصي حقائق لبنانية – دولية تروي لـ “السياسة” مآسي تفوق الوصف