هيومن رايتس ووتش لـ “الراي”: وثّقنا اعتقال 10 أشخاص بينهم طفل

بدأ ملف النازحين السوريين الى منطقة وادي خالد اللبنانية وجوارها يطرح إشكاليات سياسية وقانونية وضعت بيروت في دائرة «الشبهة» بانتهاك اتفاقات دولية من خلال التقارير عن تسليم الجيش اللبناني عدداً من الفارين (عسكريين ومدنيين) الى الجانب السوري.
هذه القضية، التي أخذت تتحوّل «كرة ثلج» في لبنان يتداخل فيها الامني بالسياسي وسط انتقادات صريحة من أفرقاء في فريق 14 آذار لاداء المؤسسة العسكرية على هذا الصعيد، خرجت الى دائرة الاهتمام في ضوء تطورين هما:

* تسليم الجيش اللبناني ثلاثة جنود سوريين كانوا دخلوا شمال لبنان مع النازحين من تل كلخ، وقضى واحد منهم متأثراً بجروحه قبل بلوغه وادي خالد بعد تعرضه ورفيقيْه للنيران قبيل فرارهم.
وقد تضاربت الروايات اللبنانية حول ملابسات تسليم الجنود، وهم من حرس الحدود (الهجانة)، اذ تحدثت رواية عن انهم «خُطفوا من النازحين من مركزهم العسكري على الحدود وقضى أحدهم على الطريق جراء الضرب المبرح» وان الجيش اللبناني «حرّرهم» وأعاد مَن بقيا على قيد الحياة «بناء على رغبتهما»، فيما أشارت تقارير اخرى «امنية» الى ان الجنود لجأوا الى وادي خالد للاحتماء من الرصاص خلال اشتباكات دارت قرب الحدود بين الجيش السوري ومسلحين مناهضين له.
* المعلومات عن عمليات دهم ينفّذها الجيش اللبناني في عدد من قرى وادي خالد وعكار حيث اوقف عدداً من النازحين ممّن لا يحملون بطاقات هوية وأعادهم الى سورية، علماً ان نازحين عدة كانوا رووا انهم لم يتمكنوا من الفرار «إلا بما نرتديه».
ووسط هذا الواقع، ابلغ ممثل منظمة «هيومن رايتس ووتش» في بيروت نديم حوري الى «الراي» انّ «موضوع الجنود السوريين ليس واضحاً اذ وصلتنا معلومات متضاربة حول كيفية وصولهم الى لبنان، لكن لدينا خوف من ان تعتقل السلطات اللبنانية هاربين وتسلّمهم، وقد وثقنا 10 حالات (تم اعتقالهم) من الأحد الفائت حتى اليوم» وثمة خشية من تسليمهم.
واعتبر حوري ان «النقطة الاساسية في موضوع الحدود اللبنانية – السورية انه في العام 2006، وأثناء العدوان الاسرائيلي على لبنان، فتح الشعب السوري والسلطات السورية الحدود امام النازحين اللبنانيين، واليوم يجب رد الجميل بحماية المدنيين والهاربين من القتل او اطلاق النار او الظلم».
واضاف: «لبنان لديه واجبات واتفاقات دولية تمنعه من رد هؤلاء الاشخاص الى سورية في الوقت الحالي، خصوصاً ان كثيرين منم قد يتعرضون للتعذيب، لكن بشكل عام الاطفال والنساء السوريين لا يُعتقلون، ما عدا طفلا واحدا (تم اعتقاله)، والخوف على الرجال».
وتابع: «لبنان يقول انهم دخلوا خلسة ما ادى الى اعتقالهم، لكن كما لو اننا نكذب على انفسنا لان دخولهم خلسة حصل هرباً من الخطر وليس لانهم يريدون التحايل على القانون اللبناني. ولو كانوا توجهوا الى المعابر الرئيسية كان يمكن ان يتم اعتقالهم من الامن او الجيش السوري».
وختم حوري: «يجب الا ينسى لبنان الجميل السوري في العام 2006 والا ننسى الواجبات الدولية وألا يختبئ لبنان وراء اتفاقات ثنائية لها علاقة بالامن فقط».
واكد مرجع قانوني رفض كشف اسمه لـ «الراي» أنّ «هذا الموضوع يطرح قضيتين: «الاتفاق القضائي اللبناني – السوري الموقع العام 1951 مقابل الاتفاقات الدولية المتعلقة بتسليم المجرمين وضمانات التبادل، بحيث انه إذا كان الشخص الذي يسلم معرّضا لعقوبات أو معاملة قد تكون خارج اطار ما أقرته نصوص الامم المتحدة، أو للإعدام، فإنّ النصوص الدولية تمنع التسليم، علماً ان أيّ اتفاق دولي يكون أعلى من الاتفاقات الثنائية».
أما رئيس «جمعية حقوق الإنسان» نعمة جمعة فاعتبر في اتصال مع «الراي» ان تسليم السوريين الى بلادهم «أمر يتنافى مع قواعد اللجوء ولا يجوز تسليمهم بأي شكل من الأشكال، وهذا تعاطٍ أمني يتنافى مع الاتفاقية الدولية لحماية اللاجئين التي تفرض حماية كل لاجئ هارب من بلاده».
وقد اتخذ هذا الملف بُعداً سياسياً لافتاً في ضوء اعلان رئيس الهيئة التنفيذية لـ «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن «عملية تسليم لبنان فارّين سوريين لجأوا إليه هرباً من الوضع المتأزم في بلادهم عمل غير مقبول كونه يخالف الشرعية العالميّة لحقوق الإنسان والاتفاقات الدولية لمعاملة الأسرى خصوصاً المادة 109 من اتفاقية جنيف 1949، كما يخالف كلّ القيم والمبادئ التي قام عليها لبنان، ناهيك عن أنه لم يراعِ الأصول القانونيّة الواجب اعتمادها في هكذا حالات».

السابق
سياسة أوباما للشرق الأوسط تبدو جيدة.. على الورق!
التالي
السياسة: بري رفض لقاء المسؤول الأميركي وشيباني حصر زياراته بالأكثرية