الراي: فيلتمان حمل إلى لبنان رسالة من … خمسة عناوين

لم تكن «جمعة» بيروت عادية امس مع «عودة» اثنين من الديبلوماسيين الذين «مروا من هنا»، في مهمة في «الربوع» اللبنانية بدت «مستعجلة» لصلتها بـ «الربيع» العربي، لا سيما في «الشقيقة» الأقرب سورية.
مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الأدنى، السفير السابق في بيروت جيفري فيلتمان، والديبلوماسي البارز في الخارجية الايرانية، السفير السابق في بيروت محمد رضى شيباني، صالا وجالا في بيروت يوم امس.
هذه النكهة الديبلوماسية «الحامية» لجمعة بيروت تزامنت مع الدفرسوار «المزدوج» الذي زاد من «طغيان» الواقع الاقليمي على الوقائع اللبنانية من وادي خالد التي تطل على الغليان السوري، ومن مارون الراس، الخط الساخن مع اسرائيل.
هذا المشهد جعل الاحداث اللبنانية في بيروت مجرد «تفاصيل»، من مساعي تشكيل الحكومة التي تساوي «صفر»، الى التمرد في سجن روميه الذي صار «روتينياً»، مروراً بـ «الزجل السياسي» الممل حول المسؤولية عن تعطيل البلاد وإرهاق العباد.
فالحدث الاهم في جمعة بيروت تجلى في «المصادفة» البالغة الدلالة لوصول الديبلوماسيين الاميركي والايراني وفي اللحظة عينها الى العاصمة اللبنانية، غداة الخطاب «العربي» للرئيس الاميركي باراك اوباما وعشية جمعة من التحديات الاضافية امام الرئيس السوري بشار الاسد.

فلبنان المنقسم على نفسه، ومن رأسه حتى أخمص قدميه، بدا في عين العاصفة السورية الهوجاء، وسط انحسار هامش المناورة اما اطراف الصراع فيه. فخصوم النظام السوري الذين يعتصمون بـ «فضيلة الصمت» مهتمون بالتدقيق في حركة الشارع السوري والحركة الدولية لفرض العزلة على الاسد، امام حلفاء سورية الذين يقرون ضمناً بالتحديات التي يواجهها النظام يراهنون على نجاته ويعدون خططاً بديلة للتعاطي مع الواقع المستجد.
وسط هذا المأزق اللبناني اجرى فيلتمان جولة من المحادثات شملت رئيس الجمهورية ميشال سليمان، ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، الوزير السابق محمد شطح ممثلاً لرئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري الموجود في الخارج، إضافة الى الزعيم الدرزي وليد جنبلاط وشخصيات من تحالف «14 آذار».

فيلتمان، الذي لم يشأ الحديث عقب زيارته، كان من المقرر ان يتحدث ليلاً عبر إطلالة تلفزيونية، لكن مهمته في بيروت ارتبطت برسالة من خمسة عناوين، أراد ابلاغها الى المسؤولين في لبنان، الذي غاب عن خطاب اوباما حول السياسة الاميركية حيال «الشرق الاوسط المتجدد».

وعلمت «الراي» من مصادر ديبلوماسية ان زيارة فيلتمان الآتي من عمان، والتي رتبت على عجل، جاءت لشرح التحول الذي تضمنه خطاب اوباما حول الشرق الاوسط، والقائم على «القيم الاميركية»، مشيرة الى ان الرسالة التي حملها فيلتمان الى لبنان تضمنت خمسة عناوين هي:

* حض المسؤولين اللبنانيين على تشكيل حكومة جديدة.
* تحديد موقف واشنطن من الحكومة العتيدة بناء على بيانها الوزاري.
* الإلحاح على ضرورة التزام اي حكومة بالقرارات الدولية ذات الصلة بلبنان.
* مناقشة الأوضاع على الحدود اللبنانية ـ الاسرائيلية في ضوء التوتر الاخير.
* شرح الموقف الاميركي من التطورات في سورية ومناقشة الارتدادات المحتملة على لبنان.
وأشارت تلك الاوساط الى انه اذا كان الموقف الاميركي من شؤون وشجون تشكيل الحكومة في بيروت سبق ابلاغه الى المسؤولين اللبنانيين، فإن الخير الاوسع من المناقشات تطرق الى الحاجة الى عدم «توتير» الاوضاع على الحدود اللبنانية ـ الاسرائيلية بعدما كانت ادت المسيرة في اتجاه الحدود في الاسبوع الماضي الى سقوط 11 قتيلاً من الفلسطينيين بالرصاص الاسرائيلي.
وتناول هذا الملف ضرورة ترسيخ الالتزام بالقرار 1701 وتعويم اتفاق الهدنة والشروع في ترسيم الحدود البحرية وفق مسار لا بد من ان يصب في نهاية المطاف في اطار العملية السلمية، استناداً الى الحل المقترح من اوباما في شأن النزاع الفلسطيني ـ الاسرائيلي.

وأوضحت هذه المصادر ان فيلتمان كرر حول سورية الموقف الذي اعلنه اوباما والقائم على احترام ارادة الشعوب ودعم تحركها، لا التحرك بالنيابة عن تلك الشعوب، اضافة الى مناقشة الوضع في لبنان في ضوء الاحداث الجارية في سورية.
في موازاة ذلك، اجرى نائب وزير الخارجية الايرانية لشؤون الشرق الاوسط محمد رضا شيباني محادثات في بيروت شملت كلاً من الرئيس سليمان والرئيس نبيه بري والرئيس السابق إميل لحود والنائب سليمان فرنجية والعماد ميشال عون، ونائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، على أن يلتقي الرئيس ميقاتي اليوم ومسؤولين آخرين.
وفيما سلّم شيباني صباحاً الرئيس اللبناني رسالة من نظيره الايراني محمود احمدي نجاد رسالة تضمنت الدعوة الى حضور مؤتمر دولي لمكافحة الارهاب يعقد في طهران في 25 و26 يونيو المقبل، تركّزت محادثاته مع غالبية المسؤولين على التطورات التي تجري على صعيد المنطقة وموقف ايران منها. كما حمل موقفاً داعماً للبنان وتمنياً بـ «تشكيل الحكومة اللبنانية بسرعة لمواكبة تطورات الاوضاع في المنطقة وتلبية طموحات اللبنانيين في الداخل» كما جاء في بيان صدر عن «القصر اللبناني».

وبعد لقائه عون اوضح شيباني «ان الولايات المتحدة تعمل من أجل الحد من الخسائر التي تمنى بها»، لافتاً الى ان «الولايات المتحدة والكيان الصهيوني يعملان على إثارة النعرة الطائفية والمذهبية، ويستهدفان القوى الحاضنة للمقاومة في هذه المنطقة».
اما بعد زيارته النائب فرنجية فقد اعلن «أننا ننظر بايجابية الى مجمل التطورات السياسية والشعبية في المنطقة»، لافتاً رداً على سؤال الى ان موضوع تشكيل الحكومة «مسألة داخلية تتعلق بالشعب اللبناني والادارة اللبنانية»، مشددا على أنه «لا يحق لأي قوّة خارجية ان تتدخل في الشؤون اللبنانية الداخلية».

في هذه الأثناء، زار السفير السوري في بيروت علي عبد الكريم علي الرئيس بري واعلن بعد اللقاء «ان سورية اليوم تخرج مما هي فيه اكثر اقتناعاً وحصانة، وان شاء الله الاصلاحات تسير بخطى متسارعة، وسورية اليوم مطمئنة الى وطنية أبنائها وكل الخطوات مبشرة، ان شاء الله». وسئل علي هل من رابط بين زيارة فيلتمان وبين ما يجري في سورية من تطورات؟ فاجاب: «فيلتمان ليس جديدا على لبنان وهو يتدخل من خارج لبنان ومن داخله، وبالتالي ما نشرته وسائل الاعلام وويكيليكس برهان على ما يقوم به فيلتمان وما تقوم به الادارة الاميركية».

ووسط هذا المشهد، اتجهت الانظار الى الجنوب حيث نفّذ الجيش الاسرائيلي استنفاراً على طول الحدود مع لبنان وصولاً إلى الجولان المحتلّ تحسباً لتنفيذ اللاجئين الفلسطينيين «مسيرات عودة» جديدة على غرار تلك التي جرت في «ذكرى النكبة».
وأفاد موقع Now Lebanon الالكتروني عن «وجود دوريات إسرائيليّة مقابل بلدة العديسة اللبنانية وفي بلدة العباسيّة المحتلة وفي الجزء المحتل من الغجر».
من جهة ثانية، أقام الجيش اللبناني صباح امس حواجز ثابتة ومتنقلة في «مارون الراس» التي شهدت الاحد الماضي سقوط 11 فلسطينياً برصاص الجيش الاسرائيلي امام السياج الحدودي، وذلك إثر تلقيه معلومات عن احتمال توافد فلسطينيين إلى المنطقة لقراءة الفاتحة عن أرواح الشهداء. وقد عمل الجيش اللبناني على التدقيق بهويات ركاب وسائقي السيارات والمارة.

السابق
الشرق الاوسط: تخوف لبناني من انتقال “العدوى” السورية إلى طرابلس
التالي
مصادر لـ “الأنباء” عن جنبلاط: الحكومة من سابع المستحيلات